الحِجابُ في اللُّغة من الجذر اللُّغويّ حَجَب، الحاء والجيم والباء أصلٌ صحيحٌ واحدٌ دالٌّ على المَنْع، يُقالُ: حَجَبهُ عن كذا؛ أي مَنَعهُ عنهُ، وسُمِّي حِجابُ الجَوْفِ في جِسْمِ الإِنسانِ بذلكَ؛ لأنَّه يحجُبُ بينَ القلبِ وسائرِ الجوفِ، وذكر ابن منظور في مُعجمه أنَّ الحِجاب هو السَّتْر، وحَجَبَ الشّيءَ؛ أيْ ستَرَهُ، والمرأة المُحتجِبة؛ أي التي تستَّرت بساتر، وحِجابَةُ الكعبة التي كانت مهمَّة بني قصيّ من قريش؛ أي تولِّي حِفظها بحجبها عن كلِّ سوء، وحمايتها، والقيام على خدمتها، وكلُّ ما حال بين شيئَيْن يُسمَّى حجاباً، ومنه قول الله تعالى: (وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِّمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ وَمِن بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ فَاعْمَلْ إِنَّنَا عَامِلُونَ).
ولا يخرج معنى الحجاب ومدلوله في الاصطلاح الشَّرعيّ عن معناه ودلالته اللغويَّة؛ فحجاب المرأة هو السَّاتر الذي تستُر به جسدها، وفيه حيلولةٌ عن أعيُن النَّاظرين من الرّجال غير محارِمِها.
اتّفق الفقهاء على أنَّ الحجاب فرضٌ على كلِّ مسلمةٍ بالغةٍ، فإذا بلغت المرأة دخلت سِنَّ التّكليف، وأصبحت مُخاطَبة بالأحكام الشرعيّة، وأصبح الالتزام بها واجباً، ومن بين هذه الأحكام الحجاب، ودليل وُجوبه ما جاء في قوله تعالى في سورة النّور: (وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ۖ وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ ۖ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَىٰ عَوْرَاتِ النِّسَاءِ ۖ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ ۚ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)؛ فالآية الكريمة وغيرها من النُّصوص الشرعيَّة جاءت آمِرةً المؤمنات بالتزام الحجاب، وستر أجسادهنّ عن الرجال غير محارمهنَّ الذين بيّنتهم الآية الكريمة السّابقة وعدَّدتهم، فالحجاب واجبٌ على المؤمنة البالغة، تستُر به كامل جسدها ما عدا الوجه والكفَّين على قول جمهور الفقهاء، ولا يحلُّ لها نزع حجابها وكشف عورتها على غير المحارم إلّا لضرورةٍ، مثل: التّداوي والعلاج، أو الشَّهادة.
لا بُدَّ أن تتوفّر في حجاب المرأة جُملةٌ من المُواصفات والشّروط، حتّى يصبح حجاباً شرعيّاً صحيحاً، ومن هذه المواصفات والشُّروط:
موسوعة موضوع