الصيام ركنٌ من أركان الإسلام، وتُشترَط فيه النيّة كغيره من العبادات؛ سواءً كان فَرْضاً، كصيام رمضان، وقضائه، والنَّذْر، والكفّارات، أو نفلاً؛ استناداً إلى عدّة أدلةٍ، منها: قول الله -تعالى-: (وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ)، وقول الرسول -صلّى الله عليه وسلّم-: (إنَّما الأعمالُ بالنِّيَّاتِ وإنَّما لِكلِّ امرئٍ ما نوى)، وتُعرَّف النيّة في الشرع بأنّها: القَصد المُتحقِّق في القلب، مع اقترانه بالعمل.
يبدأ وقت النيّة في الصيام الواجب، ومنه صيام القضاء، من غروب شمس اليوم الذي يسبق اليوم المُراد صيامه، ويستمرّ إلى ما قبل طلوع فجر اليوم المُراد صيامه؛ فلا تجوز النيّة قبل غروب الشمس، ولا بعد طلوع الفجر، أو أثناء طلوعه، أو حتى حين أذان الفجر الثاني، وتُستحَبّ في النصف الثاني من الليل، فإن طَلَع الفجر؛ فإمّا أن يكون العبد صائماً، أو لا يكون، وذلك بحسب آخر نيّةٍ مَعقودةٍ قبل الفجر، وتجدر الإشارة إلى عدم صحّة النيّة في الصيام القضاء إن عُقِدت وعُزِم عليها في النهار، أو بمُضِيّ جزءٍ منه، وتجوز النيّة في أوّل الليل، أو وسطه، أو آخره، حتى وإن أتى العبد بمُفطرٍ من مُفطرات الصيام بعد عَقْد النيّة وقبل طلوع الفجر، كالأكل، والشُّرب. أمّا فيما يتعلّق بحُكم تبييت نيّة الصيام من الليل، فقد ذهب العلماء في ذلك إلى قولَين، بيانهما آتياً:
لا يصحّ من الصائم تطوُّعاً تغيير نيّة صيامه الذي أتمّه إلى نيّة صيام فَرْضٍ؛ إذ إنّه يُشترَط في صيام الفرض تبييت النيّة ليلاً؛ لقول الرسول -صلّى الله عليه وسلّم-: (مَنْ لمْ يُجْمِعِ الصيامَ قبْلَ الفجْرِ ، فلا صِيامَ لهُ)، ولأنّ تغيير النيّة بعد الفراغ من العبادة لا يؤثّر فيها، فإنّ مَن نوى ليلاً صيام نفلٍ، ثمّ نوى صباحاً بعد مُضِيّ جزءٍ من اليوم صيام الفرض، فإنّه لا يجوز؛ لأنّه يكون بذلك قد صام جزءاً من الفرض تطوُّعاً، فلا يصحّ؛ فالأعمال بالنيّات، كما أنّه لا يجوز تغيير الصيام من مُطلَقٍ إلى مُعيَّنٍ.
يجوز للمسلم أن يجمع بين عبادتَين بنيّةٍ واحدةٍ، بشرط التداخُل بينهما؛ بأن تكون إحداهما مقصودةً* لذاتها، والأخرى غير مقصودةٍ، أمّا إن كانت العبادتان مقصودتَين لذاتهما؛ فلا يجوز الجمع بينهما بالنيّة؛ لأنّ كلّ عبادةٍ مُستقِلّةٍ عن الأخرى، فالجمع بين قضاء الصيام وصيام التطوُّع جائزٌ، كقضاء يومٍ من رمضان؛ وهو الصيام الواجب، مع صيام يوم عاشوراء؛ وهو المُستحَبّ، ويُشترَط في ذلك أن ينوي الصائم القضاء في يوم عاشوراء، وينال أجر عاشوراء بإذن الله، أمّا إن نوى صيام عاشوراء، فلا يُجزئه عن قضاء رمضان.
موسوعة موضوع