أ - خط الأنابيب (التابلاين):  

 

أسهم مرور خط التابلاين (خط نقل البترول) بمنطقة الحدود الشمالية من أقصى الشرق إلى أقصى الغرب في إحداث نقلة كبيرة ومهمة في تطور المنطقة ونموها وازدهارها. وكذلك ارتبط تطور منطقة الحدود الشمالية بوجود خط الشمال الدولي بها، حيث يخترقها من الشرق إلى الغرب وهو الطريق البري الذي يربط شرقي المملكة بشمالها الغربي وكل من الأردن وسورية.

 

يعد العام الذي أنشئ فيه خط الأنابيب (التابلاين) عامًا حاسمًا في تطور تاريخ المنطقة ووضعها بشكل ملحوظ، إذ فيه نشأت المنطقة بوضعها الحالي، وقد بدأ إنشاء هذا الخط عام 1366هـ / 1947م وشُغل عام 1370هـ / 1951م لنقل النفط من شرقي المملكة العربية السعودية عبر المناطق الشمالية مرورًا بالأردن وسورية إلى ميناء صيدا اللبناني على البحر المتوسط.

 

ب - قصة التابلاين:

 

ينظر دائمًا إلى قيام خط التابلاين وما يرتبط به من إنشاءات على أنه جزء أساس من تطور تاريخ المنطقة، إضافة إلى جوانبه الاقتصادية، فهو مرتبط بمنطقة الحدود الشمالية ارتباطًا حيويًا. تبدأ قصة التابلاين منذ تدفق البترول بكميات تجارية في مناطق شرقي المملكة أواخر الثلاثينيات من القرن العشرين. وكان تصديره عبر موانئ الخليج العربي القريبة من منابع البترول، إلا أن الصعوبة التي تواجه التصدير عبر موانئ الخليج العربي كانت تتمثل في طول المسافة بين سواحل الخليج عبر بحر العرب ثم قناة السويس إلى البحر الأبيض المتوسط ثم إلى الأسواق في أوروبا.

 

هنا جرى التفكير في إيجاد طريق آخر يختصر هذا الطريق البحري الطويل، فظهرت في الأربعينيات فكرة مد خط أنابيب بري ينطلق من رأس تنورة (مركز تجميع النفط) على الخليج العربي ويسير على امتداد شرق وشمال شرقي المملكة إلى شمالها الغربي وعبر الأردن وسورية وصولاً إلى ساحل البحر المتوسط في ميناء صيدا اللبناني بخط مستقيم ومباشر. وبعد القيام بالإجراءات اللازمة اتضحت للمسؤولين في شركات البترول وأرامكو والحكومة السعودية قيمة هذه الفكرة عمليًا فهو يوفر 3500 ميل من المسافة في الدوران بحرًا.

 

وقد أنشئت شركة خاصة مستقلة لهذا الغرض سميت بـ (شركة خط الأنابيب عبر البلاد العربية «التابلاين TAPLINE »).

 

ليس لهذه الشركة علاقة في عمل (أرامكو) من حيث التنقيب والإنتاج وغير ذلك، بل هي مختصة فقط بنقل البترول من رأس تنورة بالمملكة إلى ميناء صيدا بلبنان.

 

بُوشِر العمل في إنشاء الخط الذي كان يعد في وقته أكبر مشروع خط أنابيب في العالم وأضخمه، وبدأ ضخ النفط عبر هذا الخط، حيث دشنت أول شحنة بترول سعودي من ميناء صيدا وقد حملتها إلى أوروبا أربع ناقلات  

 

لقد ارتبط إنشاء هذا الخط ومحطاته المتفرقة على امتداد منطقة الحدود الشمالية بتاريخ المنطقة مباشرة، بحيث أصبح أحد مكوناتها الحديثة، وأسهم بفعالية في تغيير طبيعة حياة المجتمع بشكل ملموس، وقد تَمَثَّلَ الأثر المباشر للتابلاين في بداية الاستقرار المدني في منطقة الحدود الشمالية التي يخترقها خط الأنابيب من شرقها إلى غربها في ثلاث خطوات قامت بهما شركة التابلاين:

 

الأولى: حفر عدد من الآبار الارتوازية على طول امتداد الخط لتوفير المياه في تلك الصحراء الشاسعة للعاملين في الشركة، حيث استفاد من ذلك كثير من سكان البادية الذين وجدوها فرصة للحصول على المياه العذبة التي وفرتها الشركة وسمحت لهم بالاستفادة منها.

 

كما تمكنت الشركة بعد حفر 52 بئرًا من الحصول على الماء من 40 منها موزعة في الصحراء ويستخرج الماء منها بآليات حديثة (المكائن)، وهذا ما اجتذب البوادي القريبة من الخط للاستقرار قريبًا من هذه الآبار، ومع الزمن زاد عدد هؤلاء الذين يفدون إلى مناطق هذه الآبار للحصول على نصيبهم من مياهها.

 

الثانية: أما بالنسبة إلى استمرار ضخ البترول عبر خط الأنابيب نفسه فقد كان من الضروري للشركة إنشاء محطات ضخ وتقوية متفرقة على طول امتداد الخط،  وهذا يعني بناء مساكن للعاملين في الشركة ما نتج منه تلقائيًا نشوء بلدان ومناطق استقرار مدني على الخط.

 

الثالثة: أن الشركة أنشأت مستوصفات صحية في محطات الضخ وزودتها بالأطباء والممرضات والأجهزة الطبية، وسمحت لغير العاملين أيضًا بالاستفادة من خدماتها.

 

لقد كان اجتماع هذه العوامل (حفر الآبار للمياه مع إنشاء محطات التقوية والضخ وإنشاء المستوصفات) سببًا في جذب كثير من أهل البادية وغيرهم للاستقرار والاستيطان حول هذه المحطات بحيث تحولت تدريجيًا إلى مدن مثل: رفحاء وعرعر  وطريف وغيرها  . 

 

- الأمراء الذين تولوا إمارة منطقة الحدود الشمالية منذ عهد الملك عبد العزيز وتواريخ توليهم:  

 

 محمد الأحمد السديري (1369هـ).

 

 الأمير عبد الله بن عبد العزيز بن مساعد آل سعود (16 / 3 / 1376هـ، حتى تاريخه).