موضوع عن النجاسات التي تبطل الصلاة

الكاتب: مروى قويدر -
موضوع عن النجاسات التي تبطل الصلاة

موضوع عن النجاسات التي تبطل الصلاة.

 

 

الطهارة في الصلاة:

 

اتّفق جمهور أهل العلم على اشتراط طهارة البدن، والثوب، والمكان من النجاسة لمن أراد أن يؤدّي الصلاة، وأنّ مَن تعمّد الصلاة بوجود النجاسة فإنّ صلاته لا تُعَدُّ صحيحةً، على خِلافٍ بينهم في بعض الجزئيّات، وذكر ابن قدامة في المغني أنّ بعض الصحابة والتّابعين لم يشترطوا طهارة الثوب والمكان لمن أراد الصلاة، وعدّ منهم: ابن عباس -رضي الله عنهما- وبعض التّابعين كابن جبير والنّخعي وغيرهما.

 

تعريف النجاسات:

 

تُطلَق النجاسة في اللغة على ما استُقذِر، وهي تُقابل الطهارة، فالنَّجَس ضدّ الطاهر، ويُجمع على أنجاس، أمّا في الشرع تُعرَّف بأنّها: كلّ ما تستقذره النفوس، وتمنع صحّة الصلاة، وتتفرّع النجاسة إلى نوعَين، هما:

  • النجاسة الحقيقية: ويُراد بها في اللغة؛ العين المُستقذَرة، مثل: البول، والدم، وفي الشرع تُطلَق على ما يمنع صحّة الصلاة من الأعيان المُستقذَرة.
  • النجاسة الحُكميّة: وهي أمرٌ اعتباريٌ يمنع من تحقُّق صحّة الصلاة، ويكون في الأعضاء، ويشمل الحدث الأكبر والأصغر، ويُتطهَّر من الأكبر بالغُسل، ومن الأصغر بالوضوء.


وتتفرّع النجاسة أيضاً إلى:

  • مُغلَّظةٌ: وهي النجاسة التي لا يكفي غَسلها بالماء وحده، بل لا بُدّ من تكرار الغُسل سبع مرّاتٍ، إحداهنّ بالتراب، وتتمثّل بنجاسة الخنزير والكلب.
  • مُتوسّطةٌ: وهي النجاسة التي لا تُطهَّر بالرشّ، ولا يُكرّر الغسل منها إن زالت من أوّل مرّةٍ، ومثالها: بول الإنسان، وروث الحيوانات ما عدا نجاسة الكلب والخنزير، إضافة إلى بول الصبيّ الذي لم يبلغ العامَين، ولم يُطعَم إلّا الحليب.
  • مُخفَّفةٌ: وهي النجاسة التي يكفي تطهيرها برَشّ الماء دون سَيلانها، بشرط أن يعمّ الرشّ موضع النجاسة بالكامل، وتتمثّل بالطهارة من بول الصبيّ دون العامَين، والذي لا يُطعَم إلّا الحليب.

 

النجاسات التي تُبطل الصلاة:

 

النجاسات المُتَّفق عليها

اتّفق العلماء على عددٍ من النجاسات التي تبطل الصلاة بها، وفيما يأتي بيانها:

  • الخنزير: وذلك بأجزائه وأعضائه جميعها؛ الشعر، والعظم، والجلد؛ لأنّه نَجس بذاته، كما أنّ جلده المدبوغ* نَجسٌ، واستثنى المالكيّة لُعاب الخنزير الحيّ دون الميّت، ومُخاطه، ودمعه، وعرقه، فقالوا بطهارتها.
  • الدم: سواء دم الآدميّ، أو الحيوان إن كان دماً مسفوحاً، ويُستثنى دم الشهيد، ودم الحيوانات البحريّة، ودم السمك، والكبد، والطحال، والقلب، واستثنى الحنفيّة دم القمل، والبَقّ، والبرغوث.
  • البول والغائط والقيء: سواءً من الإنسان، أو من الحيوان غير مأكول اللحم، وانفرد الحنفيّة بقولهم إنّ القيء الذي يملأ الفم يُعَدّ نَجِساً نجاسةً مُغلَّظةً، ويُستثنى بول الصبيّ الرضيع عند الشافعيّة والحنابلة، واستثنى الحنفيّة كذلك بول الفأر، والخفّاش، والطيور.
  • الخمر: لقول الله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)، والخمر النجسة عند الفقهاء يُراد بها كلّ مُسكِرٍ مائعٍ.
  • لحم ميتة الحيوان: ويُراد به الحيوان غير المائيّ الذي له دمٌ سائلٌ، سواءً أكان مأكول اللحم، أم لا.
  • المَذي والودي: والمَذي هو ماءٌ أبيض رقيقٌ يخرج دون تدفُّقٍ عند الشهوة، أو تذكُّر الجِماع، والدليل على نجاسته ما ثبت في صحيح الحديث النبويّ: (قَالَ عَلِيٌّ كُنْتُ رَجُلًا مَذَّاءً فَاسْتَحْيَيْتُ أنْ أسْأَلَ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فأمَرْتُ المِقْدَادَ بنَ الأسْوَدِ فَسَأَلَهُ فَقَالَ: فيه الوُضُوءُ)، أمّا الودي فهو الماء الأبيض الثخين، ويكون خروجه بعد البول، أو حين حمل متاعٍ ثقيلٍ، وحُكِم عليه بالنجاسة؛ لأنّه يخرج مع البول، أو بعده، فيأخذ حُكمه.
  • القَيح والصديد: والقَيح هو الدم الفاسد، والصديد: الماء المخلوط بالدم، والنجس منهما الكثير دون القليل.
  • ألبان الحيوانات غير المأكولة ولحومها: ويأخذ اللبن حُكم اللحوم؛ لأنّه ناتجٌ عنها.
  • ما قُطِع من الحيّ حال حياته: كاليد، أو أيٍّ من أجزائه الأخرى، إلّا الشَّعر وما يلحق به، كالصوف، والوبر، والريش.

 

النجاسات المختلف فيها

تباينت آراء الفقهاء في بعض النّجاسات؛ إن كانت من مُبطلات الصلاة، أم لا، وبيان ذلك بالتفصيل فيما يأتي:

  • الكلب: اختلف العلماء في نجاسة الكلب، وذهبوا في ذلك إلى قولَين، بيانهما فيما يأتي:
    • ذهب الحنفيّة والمالكيّة إلى أنّ الكلب ليس نَجِساً بعَينه، والنجاسة فيه تتعلّق بلُعابه، وما يلحق به، ولا يُقاس كامل جسده على لُعابه، ويُغسَل الإناء سبعاً إن وَلَغ فيه؛ لقول الرسول -صلّى الله عليه وسلّم-: (طَهُورُ إناءِ أحَدِكُمْ إذا ولَغَ فيه الكَلْبُ، أنْ يَغْسِلَهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ أُولاهُنَّ بالتُّرابِ)، كما أنّ الكلب يُستفاد منه في الحراسة، والصيد كما علّل الحنفيّة، وقال المالكيّة بطهارة الكلب دون لُعابه، سواءً اتُّخِذ للحراسة، أو للصيد، أو غير ذلك من الغايات.
    • ذهب الشافعيّة والحنابلة إلى نجاسة كلّ ما يتعلّق بالكلب، وما تولّد عنه من الفروع، ويُتطهَّر منه سبع مرّاتٍ إحداهنّ بالتراب، فإن ثبتت نجاسة فمه، فباقي أجزائه أولى بالحُكم عليها بالنجاسة؛ إذ إنّ الفم أطيب الأجزاء.
  • ميتة الحيوان المائيّ الذي ليس له دمٌ سائلٌ: ويُحكَم على ميتة السمك ونحوه من حيوانات البحر بالطهارة؛ لقول الرسول -عليه الصلاة والسلام-: (هوَ الطَّهورُ ماؤُهُ الحلُّ ميتتُهُ)، إلّا أنّ الاختلاف بين آراء العلماء وقع في الحيوانات الميّتة والتي ليس لها دمٌ سائلٌ، وذهبوا في ذلك إلى قولَين، بيانهما فيما يأتي:
    • القول الأول: قال الحنفيّة والمالكيّة بعدم نجاسة الحيوانات التي تعيش في الماء، والتي ليس لها دمٌ سائلٌ، كالسمك، والضفدع.
    • القول الثاني: قال الشافعيّة والحنابلة بأنّ ميتة السمك، والجراد، ونحوهما من حيوانات البحر تُعَدّ طاهرةً، وقال الشافعية بنجاسة ما ليس له دمٌ سائلٌ، وهي تُعَدّ طاهرةً عند الحنابلة، أمّا ميتة حيوان البحر الذي يعيش في البَرّ فيُعَدّ نَجِساً عند الشافعيّة والحنابلة، كالضفدع، والتمساح، والحيّة.
  • الأجزاء الصلبة من الحيوان الميّت والتي لا دم فيها: كالعظام، والأسنان، وقد ذهب أهل العلم إلى القول بنجاستها، وخالفهم في ذلك الحنفية، إذ رأوا أنّها أجزاء صلبة لا يحكم عليها بموت أو حياة، أمّا شَعر الميتة، وصوفها، وما يلحق بهما، فقد قال العلماء دون الشافعيّة بطهارتها.
  • جلد الميتة: اختلف العلماء في نجاسته، وذهبوا في ذلك إلى قولَين، بيانهما فيما يأتي:
    • قال الشافعيّة والحنفيّة بطهارة جلد الميتة بالدباغ؛ لما ثبت في صحيح مسلم من قول الرسول -صلّى الله عليه وسلّم-: (إِذَا دُبِغَ الإهَابُ فقَدْ طَهُرَ).
    • قال المالكيّة والحنابلة بنجاسة جلد الميتة حتى وإن دُبِغ؛ لإنّه داخلٌ في عموم قول الله -تعالى-: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ).
  • بول الصبي الرضيع: والذي يُشترَط عدم إطعامه إلّا الحليب، وقد اختلف العلماء في نجاسته، وذهبوا في ذلك إلى قولَين، بيانهما فيما يأتي:
    • قال الشافعيّة والحنابلة بأنّ بول الرضيع الصبيّ يُزال برَشّ الماء، أمّا الأنثى فيُغسَل موضع بولها؛ استناداً لحديث الرسول -صلّى الله عليه وسلّم-: (عَنْ أُمِّ قَيْسٍ بنْتِ مِحْصَنٍ، أنَّهَا أتَتْ بابْنٍ لَهَا صَغِيرٍ، لَمْ يَأْكُلِ الطَّعَامَ، إلى رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فأجْلَسَهُ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في حَجْرِهِ، فَبَالَ علَى ثَوْبِهِ، فَدَعَا بمَاءٍ، فَنَضَحَهُ ولَمْ يَغْسِلْهُ).
    • قال الحنفيّة والمالكية بنجاسة بول الرضيع، وقيئه، سواءً كان ابناً، أم ابنةً؛ للأحاديث التي تحثّ على التنزُّه من البول، ومنها قول النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: (استنْزِهوا من البولِ فإن عامّةَ عذابِ القبرِ منهُ).
  • بول الحيوان مأكول اللحم وفضلاته وقيؤه: وقد اختلف العلماء في ذلك، وبيان خلافهم فيما يأتي:
    • قال المالكيّة والحنابلة بطهارة بول الحيوان إن كان مأكول اللحم، وفضلاته، وقيئه، كالغنم، والبقر، والدجاج، وغيرها؛ بدليل إباحة الصلاة في مراعي الغنم، كما ثبت في صحيح البخاري عن أنس بن مالك -رضي الله عنه-: (كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُصَلِّي في مَرَابِضِ الغَنَمِ، ثُمَّ سَمِعْتُهُ بَعْدُ يقولُ: كانَ يُصَلِّي في مَرَابِضِ الغَنَمِ قَبْلَ أنْ يُبْنَى المَسْجِدُ)، واستثنى المالكيّة الحيوان إن أكل أو شرب شيئاً نَجِساً.
    • قال الشافعيّة والحنفيّة بنجاسة البول، والفضلات، والقيء، سواءً من الحيوان، أو الإنسان على حَدٍّ سواءٍ، وقسّم الحنفيّة نجاسة البول والفضلات إلى:
      • نجاسةٌ مُخفَّفةٌ: إن كان الحيوان مأكول اللحم، فتجوز الصلاة بالثوب إن أصابته تلك النجاسة بمقدار ربع الثوب.
      • نجاسةٌ مُغلَّظةٌ: كفضلات الخيل، والبقر، وتُعامَل معاملة الحيوان غير مأكول اللحم، واعتبره أبو يوسف ومحمد من الحنفيّة من النجاسة المُخفَّفة.
  • المَني: وهو ما يخرج حين الجماع، وقد اختلف العلماء في طهارته، سواءً أكان من الإنسان، أم الحيوان، وبيان خِلافهم فيما يأتي:
    • قال الحنفيّة والمالكيّة بنجاسة المَني، سواءً كان من إنسانٍ، أو حيوانٍ، واستثنى الحنفيّة مَني الإنسان الجافّ؛ إذ يُتطهَّر منه بالفَرك.
    • قال الشافعيّة والحنابلة بطهارة مَني الحيوان إن كان مأكول اللحم عند الحنابلة، وإن كان من غير الخنزير والكلب عند الشافعيّة، وقالوا بطهارة مَني الإنسان.
  • ماء القروح والصديد: وماء القروح هي المادّة التي تخرج من الجروح، ويُطلَق عليه صديداً إن خالطه الدم، وقد اتّفق العلماء على نجاستهما، واستثنى الحنابلة القليل منهما؛ إذ يُعَدّ حينها طاهراً.
  • الإنسان الميّت وما يخرج من الحيّ في نومه: قال العلماء باستثناء الحنفيّة بطهارة الإنسان الميّت؛ لقول الرسول -صلّى الله عليه وسلّم-: (إنَّ المُسْلِمَ لا يَنْجُسُ)، أمّا السائل الذي يخرج من فم النائم فطاهرٌ باتِّفاق العلماء، واستثنى الشافعيّة والمالكيّة ما يخرج من المعدة، ويميل إلى اللون الأصفر
شارك المقالة:
93 مشاهدة
المراجع +

موسوعة موضوع

هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook