جاءت رسالة الإسلام السَّمحة منهاجًا مبينًا للعالم أجمع، وحَملت في طيّاتها الخير الكثير الذي عمّت فضائله أرجاء الكون كله، ودعا في مواطنَ كثيرةٍ إلى التحلّي بالأخلاق الحميدة التي هي من صُلب هذا الدّين بل هي الغاية التي قال فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنّما بُعثت لأتمّم مكارم الأخلاق).
ورد ذكر العفو في القرآن الكريم في مواضع عديدة حيث قال تعالى: (إِنْ تُبْدُوا خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا) [النساء:149] وقال أيضًا: (وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا ۗ أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) [النور:22] وهذه الآيات إنما تدلّ على عِظَم مكانة من يتّصف بهذه الصفة؛ فالعفو أن يترفّع المرء عن معاقبة مَن يستحق العقوبة ويتركها مع قدرته على إيقاع العقوبة، طلبًا لمرضاة الله وعفوه وغفرانه وقربًا منه سبحانه، أمّا التسامح فهو عدم رد الإساءة بالإساءة، ويقترب معناه من العفو؛ إذ إنّ من وجوه التسامح