عندما خلق الله الخلق، جعل وقدّر لكلّ نفسٍ زوجها، حيث قال الله تعالى: (وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُم مِن أَنفُسِكُم أَزواجًا) ثمّ شرع الارتباط بينهما، ضمن عقدٍ وميثاقٍ وصفه بالغليظ، ألا وهو عقد الزواج، حيث قال: (وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا)، ممّا يدلّ على قوّة وأهمية العقد، وأهمية الوفاء به، وأنّه يتطلّب صبراً على الهفوات، وتسامحاً عند وقوع الزلّات، ورضىً بما قسم الله لكلٍّ من الطرفين،جعل الله -تعالى- أساس هذا العقد، وأساس اختيار طرفيه قائماً على منهج الله، فالدين هو الأصل، وهو المقياس الذي يتم من خلاله اختيار وقبول كلّ طرفٍ من الزوجين للآخر، فإن صَلُحا صَلُح بصلاحهما البيت المسلم، وإن فسدا فسد بفسادهما.
قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: (الدُّنيا متاعٌ، وخيرُ متاعِ الدُّنيا المرأةُ الصَّالحةُ)،فإنّ الزوجة هي العنصر المهم والفاعل في كيان الزوجية، ولا بدّ من تحقّق صفات تضمن صلاحها، فبتحقّقه يصلح بيتها، ويعمّ فيه الخير والبركة،
ربما يتعرّض المرء في حياته لمواقف تجعله مضطراً للمفاضلة بين أمرين، واختيار أحسنهما، حتى على مستوى قطعة من القماش، وبالتالي ففي أمر اختيار الزوجة يكون أحوج إلى انتقاء الأفضل والأصلح؛ لأنّ الزوجة ستشاركه حياته بكامل تفاصيلها فلم يجعل الإسلام أمر اختيار الزوجة مطلقاً دون قيود، وإنّما وضع شروطاً لهذا الأمر، تضمن نجاحه واستمراريته، ثم إنّ الله -تعالى- بيّن في كتابه الكريم أنّ الدعاء بالظفر بزوجة وذرية صالحين هو من دعاء عباده المتقين، حيث قال: (وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ)،وقد أجمل النبي -صلّى الله عليه وسلّم- شروط اختيار الزوجة في الحديث الذي قال فيه: (تُنكحُ المرأةُ لأربعٍ: لمالِها و لحسَبها و لجمالِها و لدينِها، فاظْفَرْ بذاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يداك)،فهي أربعة أمورٍ، يسعى إليها الخاطب في مخطوبته، ويرغب أن تكون فيها