من عجائب القرآن الكريم

الكاتب: مروى قويدر -
من عجائب القرآن الكريم

من عجائب القرآن الكريم.

 

اقتضت حكمة الله -تعالى- أن يبعث الأنبياء ليبلّغوا الرسالة، ويؤيّدهم بمعجزاتٍ تكون دليلاً على صدقهم، مصداقاً لما رُوي عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (ما مِنَ الأنْبِياءِ نَبِيٌّ إلَّا أُعْطِيَ ما مِثْلهُ آمَنَ عليه البَشَرُ، وإنَّما كانَ الذي أُوتِيتُ وحْيًا أوْحاهُ اللَّهُ إلَيَّ، فأرْجُو أنْ أكُونَ أكْثَرَهُمْ تابِعًا يَومَ القِيامَةِ)، ويمكن تعريف المعجزة على أنها شيءٌ خارقٌ للعادة يُظهره الله -تعالى- على يد نبيّه ليتحدّى به المكذّبين، ومن حكمة الله -تعالى- أن معجزة النبي تكون من جنس المشهور في قومه، فمعجزة موسى -عليه السلام- كانت في ظاهرها مثل السحر، ومعجزة عيسى -عليه السلام- في الطب، ولذلك كانت معجزة محمد -صلى الله عليه وسلم- من جنس ما اشتهر به العرب وهي البلاغة والفصاحة، حيث إن القرآن الكريم معجزٌ في اللغة والبلاغة، ومعجزٌ في البيان، ومعجزٌ في العلم، ومعجزٌ في التشريع، وفي الإخبار عن الغيب.

 

الإعجاز اللغوي في القرآن الكريم

 

إن من عجائب القرآن الكريم أنّه أنبأ في عهد النبي -عليه الصلاة والسلام- عن أحداثٍ وقعت في المستقبل، ومنها غلبة الروم، حيث قال الله تعالى: (الم* غُلِبَتِ الرُّومُ* فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ* فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّـهِ الْأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ)، وقد أشارت الآيات السابقة إلى أن الواقعة ستحدث في أدنى الأرض، أي في أسفل الأرض أو في أكثر بقعةٍ منخفضةٍ من الأرض، وأجمع علماء التفسير على أن المعركة التي انتصر فيها الروم على الفرس والتي أنبأ بها القرآن الكريم وقعت في أغوار فلسطين، وفي زماننا الحاضر أثبت علماء الجيولوجيا أن أخفض بقعة في الأرض هي أغوار فلسطين، وفي الزمن الذي نزل فيه القرآن الكريم لم يكن بإمكان البشر مسح القارات الخمس ومعرفة أخفض بقعةٍ في الأرض، وهذا دليلٌ على أن القرآن من عند الله -تعالى- خالق السماوات والأرض.

 

الإعجاز العلمي في القرآن الكريم

 

يُعرّف الإعجاز العلمي للقرآن بأنه إخبار القرآن الكريم عن حقائق علميّةٍ لم تكن مكتشفة في الزمن الذي نزل فيه القرآن الكريم، وإنما تمّ اكتشافها في زماننا الحاضر، وهذا دليلٌ على أن القرآن الكريم كلام الله -تعالى- الذي وسع علمه كلّ شيءٍ، ومن صور الإعجاز العلمي في القرآن الكريم قول الله تعالى: (خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُّسَمًّى أَلَا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ)، حيث يشير القرآن الكريم إلى شكل الأرض واستدارتها من خلال تعبير تكوير الليل على النهار، وفي موضعٍ آخر من القرآن الكريم قال الله تعالى: (أَفَلا يَرَونَ أَنّا نَأتِي الأَرضَ نَنقُصُها مِن أَطرافِها)، ويشير القرآن الكريم في هذه الآية الكريم إلى نقص الأرض من أطرافها، وقد أثبتت الدراسات الحديثة أن النسبة بين قُطري الأرض تتناقص بشكل مستمر.

 

الإعجاز البياني في القرآن الكريم

 

تُعدّ صياغة الجمل القرآنية من أعظم مظاهر الإعجاز البياني في القرآن الكريم، ويظهر ذلك جليّاً في الاتّساق والتلاؤم بين حركاتها وسكناتها، وبين كلماتها، حيث إن الجملة القرآنية تضم حروفاً، وكلماتٍ، وأصواتٍ يستريح لتآلفها الصوت، والسمع، والمنطق، ولو نقصت كلمةٌ واحدةٌ منها أو تغيّر ترتيب كلماتها لما وُجد ذلك الإيقاع الرائع، ويمكن الإشارة إلى تناسق الكلمات في الجملة بل حتى تناسق الأحرف في الكلمة في كل آيات القرآن الكريم، ونذكر على سبيل المثال قول الله تعالى: (فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُّنْهَمِرٍ* وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ)، وكما قال الباقلّاني -رحمه الله تعالى- معلّقاً على روعة صياغة الجملة القرآنية: "تلك الألفاظ البديعة، وموافقة بعضها بعضًا في اللطف والبراعة، ممَّا يتعذَّر على البشر ويمتنع".

 

الإعجاز التشريعي في القرآن الكريم

 

أنزل الله -تعالى- القرآن الكريم ليكون منهاج حياةٍ ينظّم علاقة الإنسان بالله تعالى، وبغيره من البشر، وبنفسه، حيث اعتنى القرآن الكريم بالجانب العقائدي، والجانب الأخلاقي، والجانب التشريعي الذي يُنظّم أمور المجتمع، وقد صوّر الله -تعالى- العقيدة الإسلامية بالجذور الضاربة في الأرض، والشريعة بالأغصان المتفرّعة، والأخلاق بالثمار، حيث قال عز وجل: (أَلَم تَرَ كَيفَ ضَرَبَ اللَّـهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصلُها ثابِتٌ وَفَرعُها فِي السَّماءِ* تُؤتي أُكُلَها كُلَّ حينٍ بِإِذنِ رَبِّها وَيَضرِبُ اللَّـهُ الأَمثالَ لِلنّاسِ لَعَلَّهُم يَتَذَكَّرونَ)، وتجدر الإشارة إلى أنه وبالرغم من محاولات بني البشر من مصلحين ومفكّرين كالمشرعين اليونان، والرومان، وحكّام بابل، واجتهاداتهم للإتيان بتشريعاتٍ تنظّم شؤون الدولة والمجتمع، إلا إنهم فشلوا بسبب تأثّرهم بثقافتهم وبيئتهم المحدودة، في حين جاءت التشريعات الربانية في القرآن الكريم لتنظّم حياة الناس، وتحقّق لهم السعادة والعزة والطمأنينة.

 

التعريف بالقرآن الكريم

 

يُعرّف القرآن الكريم على أنه كلام الله -تعالى- المنزل على النبي محمد عليه الصلاة اولسلام، بواسطة الملك جبريل عليه السلام، وهو المصدر الأول للتشريع الإسلامي، المحفوظ في الصدور، والمكتوب في المصاحف، والمُقسّم إلى ثلاثين جزءاً، ويبلغ عدد سوره مئة وأربع عشرة سورة، ومن الجدير بالذكر أن القرآن الكريم نزل على مرحلتين، حيث أنزله الله -تعالى- إلى بيت العزّة في السماء الدنيا جملةً واحدةً في ليلة القدر من شهر رمضان المبارك، مصداقاً لقوله عز وجل: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ)، ثم نزل على محمدٍ -صلى الله عليه وسلم- منجّماً، أي مُفرّقاً بحسب الوقائع والأحداث خلال ثلاثٍ وعشرين سنة، ودلّ على ذلك قول الله تعالى: (وَقُرآنًا فَرَقناهُ لِتَقرَأَهُ عَلَى النّاسِ عَلى مُكثٍ وَنَزَّلناهُ تَنزيلًا).


وتجدر الإشارة إلى أن القرآن الكريم هو المعجزة الخالدة التي أيّد الله -تعالى- بها رسوله محمد صلى الله عليه وسلم، حيث تحدّى الناس بأن يأتوا بمثله فلم يستطيعوا، ثم تحدّاهم بأن يأتوا بعشر سورٍ فعجزوا عن ذلك أيضاً، ثم تحدّاهم بأن يأتوا بسورةٍ واحدةٍ من مثله فلم يستطيعوا.

شارك المقالة:
88 مشاهدة
المراجع +

موسوعة موضوع

هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook