لم تحظَ الجزيرة العربية بنصيب وافر من الأعمال الأثرية  . كما أن قلة ما تم من دراسات في آثار ما قبل التاريخ وحقبه المختلفة وحداثتها تقفان حائلاً دون تحديد تاريخ مؤكد لبداية العصور الحجرية ونهايتها، ناهيك عن تفاصيل تلك الحقب. إلا أن ما تم من مسوحات وتنقيب يكفي لرسم الإطار العام للتطور الحضاري خلال حقب ما قبل التاريخ. ويقصد بها تلك الفترة الممتدة منذ ظهور الإنسان في الجزيرة العربية (أقدم الأدلة تعود إلى ما قبل مليون سنة من الوقت الحاضر) حتى ظهور الكتابة في المنطقة مطلع الألف الأول قبل الميلاد.

 

لقد تعاقبت على المنطقة فترات مناخية راوحت بين الجاف والمطير، ففي نهاية البلايستوسين (نحو 20 - 10 آلاف سنة قبل الميلاد) سادت فترة جافة تكونت خلالها الصحارى الحالية، وغطت الكثبان الرملية معظم أجزاء المنطقة، وجفت الواحات. غير أن بداية عصر الهولوسين (نحو عشرة آلاف سنة قبل الميلاد) تميزت بتحول مناخي؛ إذ هطلت الأمطار، وجرت الأودية، وساد غطاء نباتي. وخلال الخمسة آلاف عام الأخيرة بدأت فترة جفاف أخرى هي السائدة الآن.

 

في ظل تلك الظروف المناخية عاشت جماعات العصور الحجرية في المنطقة، وكيفت وجودها وفقًا للتغيرات البيئية والجيومورفولوجية التي حدثت في هذه المنطقة منذ عصر البلايستوسين.