ملابس أهل الحضر بالمدينة المنورة في المملكة العربية السعودية

الكاتب: ولاء الحمود -
ملابس أهل الحضر بالمدينة المنورة في المملكة العربية السعودية

ملابس أهل الحضر بالمدينة المنورة في المملكة العربية السعودية.

 
 
يرتدي الرجال عامة الثوب الأبيض - وأحيانًا الملون - الذي غالبًا ما يُشد وسطه بحزام ملون،  وفوق الثوب تأتي الصديرية، أما فوق الرأس فتلف العمامة.  وتختلف هذه الأجزاء من حيث القيمة ونوع القماش المستخدم وأعمال التطريز والزينة بحسب الفئات الاجتماعية المختلفة؛ إذ تختلف في هذا ملابس كل من العلماء والتجار وزعماء الحِرف، وعامة الناس، كما يختلف الكبار عن الصغار في بعض نواحي الزي والمظهر - كما سوف يأتي مفصلاً -، أما الملابس الداخلية فهي - غالبًا - السروال الطويل الأبيض، وأحيانًا تطرز أرجله ببعض الألوان، و (الفانلة)، وهي في الغالب قميص نصفي ذو أكمام، ويسمى بعض أنواعها (العراقية) لأنها تصنع من قماش قطني لامتصاص العرق أثناء الصيف.
 
وقد كان العلماء والمشايخ يرتدون الثياب البيض من الكتان أو القطن، وفوقها (الشاية) وهي ثوب مفتوح، وتربط بحزام رفيع لقفلها من الوسط، وفوقها الجبة، ويضعون العمامة على رؤوسهم. وكانت ملابس العلماء واسعة وبخاصة الأكمام، وقماشها بسيط لا مغالاة فيه، وهي خالية من الزينة التي كانت تزين بها الملابس من أشغال الإبرة. وقد كانت الملابس في فصل الصيف من الكتان أو القطن، أما في فصل الشتاء فإن الجبة تكون من الصوف، وكانت تُختار من ألوان هادئة تليق بوقار العلم وأهله. أما العمامة فكانت تتميز بلفتها الكبيرة وبعدم المغالاة في إتقانها، وربما استعمل معها العالم شالاً من الصوف يطوق به عنقه ويسدله فوق كتفه وخصوصًا في الشتاء، وتزوّد الثياب دائمًا بجيوب متوسطة الحجم لوضع المنديل والسبحة والنقود وبعض ما يحتاج إليه الشخص الذي يرتديها في حياته اليومية.
 
أما ملابسهم الداخلية فهي السروال الطويل - وهو واسع جدًا - والعراقية (الفانيلا) التي تصنع من قماش خفيف جدًا من الشاش ولها أكمام نصفية كما سبق ذكره. ويلبس العلماء أحذية خاصة يسمى بعضها (أبو إصبع)، وهي تحتوي على زخارف أو نقوش كما في أحذية التجار والموظفين وغيرهم، وهذا من باب التواضع، كما تلاحظ في جميع أجزاء اللباس الذي يرتديه العلماء البساطة وعدم الكلفة وقلة الثمن، مع الحرص على النظافة والألوان الفاتحة - وبخاصة الأبيض - في غالب ما يلبسون، وثيابهم لا تتجاوز الكعبين في كل حال، كما كانوا يتجنبون لبس الحرير لأنه محرَّم على الرجال في شريعة الإسلام.
 
ويلبس التجار والوجهاء وكبار الموظفين الثياب الأغلى ثمنًا، والصديرية المزررة بأزرار الفضة، والجبة المصنوعة من الجوخ الملون الأخضر أو النيلي الفاتح أو اللازوردي. وفي الغالب فإن ملابس هذه الطبقة عامة تختلف عن غيرها بأنها أكثر أناقة، وهي أيضًا أكثر كلفة بما يضاف إليها من أعمال الإبرة والتطريز، وبعض القطع التي قد لا يستعملها غيرهم مثل إضافة حزام يُربط فوق الشاية، وأنواع من السبح والساعات والأقلام وغيرها مما سوف يرد تفصيله عند الحديث عن أدوات الزينة. وأغلب الأقمشة التي تصنع منها ثياب هؤلاء الوجهاء والتجار هي من الأنواع غالية الثمن؛ ففي الصيف يستعمل الكتان الأبيض المنشّى فيظهر لامعًا براقًا، كما يُستعمل أغلى أنواع الحرير، وقد كان الحزام ينسج من الحرير الأحمر، ويكون مطرزًا ورفيعًا جدًا، ويوضع فوق الشاية كما سبق ذكره.
 
وتمتاز العمامة بإتقان لفتها، وكان كثير من التجار يلفون عمائمهم بأنفسهم بعد أن يتمرنوا على هذا العمل، وهي في الغالب من الأشياء المميزة من الملابس السائدة لدى التجار والعلماء والطبقة المتوسطة والشباب المتعلمين وإن اختلفت أشكالها. وفي الشتاء تكون الشاية والجبة لدى التجار من الصوف، وكان تفصيل الجبة والثوب لديهم أكثر دقة من ملابس العلماء، وكانت أكمام الجبة عندهم أقل سعة مما يلبسه العلماء والمشايخ، كما يستعملون - غالبًا - الألوان المشرقة.
 
وكانت أحذيتهم لامعة، يخيطونها بخيطان من الجلد الأبيض بأشكال جميلة، وكان أحسن أنواع الأحذية يُسمَّى (أبوخرزين) أي أن الخياطة فيه مضاعفة عن الحذاء العادي الذي يلبسه غيرهم.
 
أما ملابس الشباب المتعلمين - من أبناء التجار والطبقة المتوسطة - فهي تتألف من الثوب والجبة والعمامة، ولكن (الكوت) يحل محل الشاية التي تميز ملابس العلماء والتجار. ولا تختلف ملابس الشباب في شيء عن ملابس التجار من جهة نوعية القماش إلا بحسب ما يكون عليه هؤلاء الشباب من يسر الحال؛ فإن كانوا من أبناء التجار كانت ملابسهم من الحرير غالي الثمن، وإن كانوا من الطبقة المتوسطة لجؤوا إلى الأقمشة معتدلة الأثمان تمشيًا مع أحوالهم الاقتصادية وقدراتهم المادية  
 
لباس الرأس: يتكون من الكوفية والشال. أما الكوفية الحجازية أو الجاوية فهي من صنع محلي، وهو لباس للرأس خفيف أبيض، كان الخياطون المحليون يصنعونها ويبيعونها في الأسواق، وكانت تُغسل وتدخل في عملية الغسيل مادة (النشا)، لتجعلها متماسكة لامعة، وكانوا يتفننون في وضعها على الرأس. وأما الشال فكان يوضع على الكتف، ويلف على الرأس في حالة حضور اجتماع أو للوقاية من الشمس، وكانت (الشيلان؛ جمع شال) من أنواع كثيرة وبأسعار مختلفة حسب القماش الذي تصنع منه.
 
ولعل ما يحسن ذكره في هذا المقام أن العمامة الحجازية (العمامة الألفي) - التي كانت اللباس السائد لدى التجار، والعلماء، والطبقة المتوسطة، والشباب المتعلمين - كانت علامة مميزة (شعارًا) للمنطقة في ذلك الوقت، وهي تصنع من الخوص الرقيق، مكسوة من الخارج بقماش حريري مختلف الألوان، ومبطنة من الداخل بقماش حريري أيضًا، ولكنه من اللون الأبيض أو الأزرق، ويحتاج لفها إلى مهارة خاصة، إذ تلف بالشاش الذي يبلغ طوله عددًا من الأمتار، وتلف بطريقة فنية متدرجة لا يتقنها كل الناس.
 
أما الأحذية التي يلبسها الناس  - وبخاصة الشباب - فقد كانت ترد من الهند أيضًا، وأحسن أنواعها ما يصنع من الجلد اللامع، وكان بعض الصناع المهرة يصنعون الأحذية محليًا في المدينة المنورة، وهذه الأحذية محلية الصنع أغلى ثمنًا وأكثر جودة من تلك التي ترد من الهند.
 
واستعمل الشباب أيضًا الأحذية ذات الرباط. وإلى جانب الأحذية التي كانت ترد من الهند وُجدت (الشباشب) الهندية وتسمى (التليك الهندي)، وقد توقف الناس عن استخدام هذا النوع إلا في حال الدخول إلى دورات المياه؛ حماية للأحذية الجلدية من البلل والتلف  
 
شارك المقالة:
244 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook