مقومات السياحية البشرية في المملكة العربية السعودية

الكاتب: ولاء الحمود -
مقومات السياحية البشرية في المملكة العربية السعودية

مقومات السياحية البشرية في المملكة العربية السعودية.

 
 
يمكن تقسيم الموارد السياحية البشرية إلى قسمين: يتعلق الأول بمجمل الإنتاج البشري الملموس وغير الملموس، غير الموجه للسياحة أصلاً، ويشمل ثقافة المجتمع، وقيمه، وعاداته، وإرثه الحضاري، ونهضته العمرانية، وما يجده السياح - أو بعضهم - من جوانب تجذبهم لزيارة المملكة. ويشمل القسم الثاني كل الإنجازات التي تم إنشاؤها لخدمة السياحة والترويح وتطويرهما، بوصفها وسائل جذب سياحي مباشرة، مثل: المنتجعات، والمتنـزهات الساحلية والجبلية، ومدن الترفيه، والمشروعات السياحية الكبرى. ويمكن تناولها على النحو الآتي:
 

 القيمة الدينية

 
لعل أهم ما يميز المملكة أن الإسلام شع نوره من أرضها، من مكة المكرمة ثم المدينة المنورة  ، وهما محط أنظار المسلمين ومهوى أفئدتهم، يفد إليهما سنويًا ملايين من المسلمين حجاجًا ومعتمرين. وإذا كان أحد أهداف السياحة والسفر الراحة النفسية والصفاء الذهني؛ فإن ما يجده المسلم بزيارة هاتين المدينتين لا يوصف، فهي سياحة لأغراض دينية تفيض بالمشاعر الروحية. والحج فريضة على كل مسلم ومسلمة مرة واحدة في العمر لمن استطاع إليه سبيلاً، وتكراره مستحب، وأداء العمرة مستحب على رأي، وواجب على رأي آخر، وتكرارها أيضًا مستحب. والحج مقيد بوقت معين، أما العمرة فيمكن أداؤها في أي وقت. وبذلك فإن الحج لمرة أخرى وأداء العمرة على رأي الاستحباب - أو تكرارها - يتفقان مع السياحة في أنهما خيار للسفر يتخذه المرء برغبة ذاتية.
ويتأثر الجو العام في المملكة بالقيم الإسلامية، كما يظهر أثرها في مختلف مناحي الحياة والنظم الرسمية والقضاء؛ لأن دستورها هو الإسلام؛ لذا نرى أن كثيرًا ممن يأتون سائحين إلى المملكة من البلدان العربية والإسلامية يرون في ذلك أحد الدوافع التي تجعلهم يختارونها من بين بلدان الأرض.
 

 القيمة التاريخية والأثرية

 
تنبع القيمة التاريخية للمملكة من كونها جزءًا مهمًا من موطن العرب، دارت على أرضها أحداث مهمة في تاريخهم، وسُجِّلت في آدابهم من شعر وقصة وأسطورة، ولا تزال مواقع كثيرة وردت في هذا الإرث باقية على ثرى المملكة، مثيرةً لحنين العرب من المشرق إلى المغرب، وما ورد منها في الشعر العربي - مثلاً - لا يحصى، منها أسماء أمكنة رددها شعراء، مثل: امرئ القيس، وعنترة بن شداد، والأعشى، ومجنون ليلى، وزهير بن أبي سلمى، وكعب بن زهير، وحسان بن ثابت، ومالك بن الريب، وجرير... وغيرهم.
وتزخر المملكة بآثار كثيرة يعود تاريخها إلى حقب كثيرة، تمتد من العصور الحجرية، عبر الحضارات العربية القديمة، وصدر الإسلام، والخلافة الأموية، والعباسية، والعثمانية، وصولاً إلى العهد السعودي. وتوجد أمكنة أثرية مهمة يمكن زيارتها، فضلاً عن الأمكنة التاريخية التي ارتبطت بأحداث معينة في تاريخ العرب والمسلمين.
وقد أُعطيت المواقع التاريخية والآثار الواقعة ضمن المدن والمستوطنات السكنية اهتمامًا خاصًا؛ للمحافظة عليها وفتحها للزوار، ومن أهمها: قلب مدينة جدة التاريخي، وآثار دومة الجندل  ، وقلعة المصمك، وقصر الملك عبدالعزيز بمدينة الرياض، وقلعة شدا في مدينة أبها، والقشلة، وقلعة أعيرف بحائل، وقصر شبرا بالطائف، ومحطات سكة القطار الحجازي في منطقتي تبوك والمدينة المنورة، وآثار الدولة السعودية الأولى بالدرعية، وقصور الملك عبدالعزيز بمحافظتي الخرج والدوادمي وغيرهما كثير، في حين يوجد بعض الآثار المهمة المتميزة خارج النطاق الحضري، ومن أهمها: مدائن صالح قرب العلا بمنطقة المدينة المنورة، وهي مساكن ومقابر محفورة في الجبال الرملية، وآثار موقع الفاو إحدى أهم محطات القوافل على الطرق التجارية القديمة، وتقع جنوب منطقة الرياض، وآثار الأخدود بمنطقة نجران  ، وميناء العقير بمحافظة الأحساء على الساحل الشرقي. وتوجد آلاف المواقع التي لم يتم التنقيب عنها والتي تعود إلى حقب كثيرة، أكثرها انتشارًا مواقع العصر الحجري، وقد تم التنقيب عن أحدها في الثمامة إلى الشمال من مدينة الرياض.
وتأتي الطرق القديمة بوصفها أحد أبرز آثار المملكة بمحطاتها الأثرية، ومنها: درب زبيدة الذي يربط العراق بالأمكنة المقدسة، وطرق التجارة القديمة التي تخترق المملكة والجزيرة العربية.
وقد أُنشئت وكالة تشرف على عمليات حفظ الآثار والتنقيب عنها في المملكة وإنشاء المتاحف. وقد أنشأت متاحف رئيسة ومتاحف إقليمية، من أهمها: المتحف الوطني بمدينة الرياض  ، وهو متحف متطور استخدمت فيه أحدث تقنيات الحفظ والعرض، ويقع ضمن مركز الملك عبدالعزيز التاريخي. وقد تم إنشاء متاحف بالقرب من مواقع الآثار المهمة، تتيح للزائر مشاهدة بعض الآثار المنقولة التي عُثر عليها، وتعرِّفه بتاريخ الموقع بطريقة علمية حديثة، ومن أهم هذه المتاحف: متحف العلا، ومتحف دومة الجندل، ومتحف نجران، وجميعها من المواقع الأثرية شديدة الأهمية.
وقد أنشأت بعض الجهات الحكومية متاحف تتعلق بأنشطتها، مثل: متحف الطيران الذي يركز على تاريخ الطيران في المملكة، ويقع في مدينة الرياض، ويضم بين معروضاته أول طائرة استخدمها الملك عبدالعزيز رحمه الله. ويوجد متحف خاص بالحرمين الشريفين يضم مقتنيات تتعلق بهما  ، مثل: الأبواب، والمنابر، والمفاتيح، والأقفال، وقناديل الإضاءة... وغيرها.
وعلى المستوى الشعبي لا تخلو مدينة من مدن المملكة من مهتم بجمع الآثار والتراث المحلي، يضع لها متحفًا خاصًا، وهي تختلف من حيث الحجم والأهمية، إلا أنه يغلب عليها الاهتمام بما كان يُستخدم إلى وقت قريب، وهي جزء من التراث الشعبي، وقد يوجد بينها آثار قيِّمة. وفي كل المدن والمحافظات الكبرى والمتوسطة توجد أسواق تبيع المنتَجات التقليدية المحلية من منسوجات، ومصنوعات جلدية ومعدنية، ومواد أخرى مثل جريد النخيل... وغيرها، ويغلب عليها الأدوات التراثية التي كانت تُستخدم قبل النهضة الحديثة، كما يمكن الحصول على بعض القطع الأصلية في تلك الأسواق، ومن أشهرها - على سبيل المثال لا الحصر - سوق الزل وسط مدينة الرياض  ، وقد تم تطوير هذه السوق مؤخرًا. وتتميز بعض الأرياف بأسواق أسبوعية تُباع فيها هذه المنتَجات مع غيرها من المقتنيات، ومن أشهرها: سوق الثلاثاء بأبها، وسوق الخوبة بمنطقة جازان، وسوق رفايع الجمش، وسوق الرويضة، وسوق الخميس بالأحساء.
 

التراث الشعبي

 
يوجد تنوع واضح في التراث الشعبي الموروث في المملكة، يتأثر باختلاف البيئات على مساحاتها الكبيرة؛ بين مناطق صحراوية، وريفية داخلية، وبيئات جبلية، وساحلية. ويشمل هذا التراث رقصات وأهازيج شعبية، مثل: العرضة، والسامري، وخطوة عسير، ودحَّة الشمال  ، والأهازيج البحرية، والأدب المحكي، والعادات الخاصة. وقد تم استثمار ذلك في المناسبات الاجتماعية والوطنية والمهرجانات السنوية، وأكثر هذه المهرجانات شهرةً مهرجان الجنادرية السنوي الذي تجري فعالياته في منشآت خاصة به إلى الشمال من مدينة الرياض. وتمثل حياة البادية أحد أهم ما يلفت أنظار السياح، إذ لا يزال بعض أجزاء المملكة يحتفظ ببعض سماتها، مثل: تهامة قحطان، وغرب جازان، وبعض الأجزاء الشمالية من المملكة، ولا يخلو جزء من أجزاء المملكة ممن يحافظون على بعض سمات حياة البادية. كما يحرص بعض السكان ذوو الأصول البدوية على الرجوع إلى الصحراء، حنينًا إلى طريقة الحياة البسيطة التي عهدوها في صباهم وعاشها آباؤهم، واستمتاعًا بها. ويشيع بينهم امتلاك قطعان من الإبل والأغنام، على الرغم من أنها لم تعد مهنتهم الأصلية.
 

 المؤسسات الثقافية والعلمية

 
إن الثقافة والتعليم من أهم الجوانب التي أولتها المملكة رعاية كبيرة منذ تأسيسها، وقد شملت تلك الرعاية مختلف الجوانب الثقافية والعلمية؛ فقد أصبحت المملكة حاضنة لمراكز ومؤسسات ثقافية ترعى شتى نواحي الفنون والآداب، وبعضها له خصوصية تتعلق بدَوْر المملكة بوصفها مركزًا للعالم الإسلامي مثل معهد خادم الحرمين الشريفين لأبحاث الحج بمكة المكرمة. كما تم إنشاء مراكز أبحاث خاصة بإجراء دراسات تساعد في اتخاذ القرارات الصحيحة، وإيجاد الحلول للمشكلات التي تعترض التنمية في المملكة، مثل: مركز أبحاث المياه والتصحر والبيئة عمومًا، والمراكز البحثية الطبية... وغيرها. كما توجد في المملكة جمعيات وأندية لشتى أنواع الفنون والأدب والعلم يصعب حصرها، ولها أهمية فيما تقيمه من أنشطة وفعاليات تهم بعض شرائح السياح والسياحة، مثل سياحة المؤتمرات على مستوى الداخل والخارج. وأهم هذه المراكز والجمعيات والأندية:
 مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية بالرياض  .
 دارة الملك عبدالعزيز بالرياض.
 معهد خادم الحرمين الشريفين لأبحاث الحج بجامعة أم القرى.
 جمعية القرآن وعلومه بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
 جمعية علوم العمران بجامعة الملك سعود.
 الجمعية الجغرافية السعودية بجامعة الملك سعود بالرياض.
مركز دراسات الصحراء بجامعة الملك سعود بالرياض.
 الجمعية التاريخية السعودية بجامعة الملك سعود بالرياض.
 الجمعية السعودية للدراسات الآثارية بجامعة الملك سعود بالرياض.
 الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون بوزارة الثقافة.
 الجمعية السعودية للفنون التشكيلية بوزارة الثقافة.
 الجمعية السعودية للعلوم التربوية والنفسية بجامعة الملك سعود.
جمعية علوم البحار بجامعة الملك عبدالعزيز بجدة.
 الأندية الأدبية.
 

 معالم النهضة الحديثة

 
تتميز المملكة بأنها بلد حديث تطور بسرعة هائلة خلال عقود معدودة من الزمن، بدأت بتثبيت قواعد الأمن والاستقرار الذي تم بفضل الله ثم بتوحيدها على يد الملك عبدالعزيز عام 1351هـ / 1932م، ثم ساعد اكتشاف النفط على تحقيق ما كان يأمله من تحديث للمملكة استمر حتى الوقت الحاضر، لذا فإن المظهر العام للمملكة يعكس هذه النهضة. ولا شك أن بعض مظاهر هذه النهضة يُعد جاذبًا سياحيًا في حد ذاته، فضلاً عن كونها مقومًا من مقومات السياحة.
لقد أنتجت هذه النهضة كثيرًا من المعالم المهمة التي أصبح بعضها رموزًا سياحية للمملكة ومناطقها المختلفة، بالإضافة إلى بعض المنشآت ذات الجاذبية الخاصة لقطاع من الناس. ولعل أكثر هذه المعالم وضوحًا هو المدن الكبرى التي تتسم بحداثة البناء، وتعدد تصميماتها العمرانية، وتنسيقها وسعة شوارعها، وأمكنتها المفتوحة ومعالمها القديمة والحديثة، وتُعد جاذبًا سياحيًا لتيار سياح الداخل. وقد أصبح بعض المنشآت الحديثة لقطاعات حكومية متعددة معالم ذات جاذبية خاصة. وقد أولت اهتمامًا خاصًا بالمعالم الإسلامية والمشاعر المقدسة، فعملت على توسعتها والإنفاق عليها بسخاء؛ مما جعلها معالم فريدة على مستوى العالم، ومن أهم هذه المعالم الإسلامية والحضارية:
 المسجد الحرام بمكة المكرمة.
 المسجد النبوي بالمدينة المنورة  .
 منشأة جسر الجمرات بمكة المكرمة.
 مركز الملك عبدالعزيز التاريخي بمدينة الرياض.
 مطار الملك خالد الدولي بالرياض.
 استاد الملك فهد الدولي بالرياض.
جسر الملك فهد بين المملكة ومملكة البحرين.
الجسر المعلق على وادي لبن بالرياض.
 سد وادي نجران.
 كورنيش مدينة جدة.
 جامعة الملك سعود بالرياض.
 جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض.
 جامعة الملك عبدالعزيز بجدة.
 جامعة أم القرى بمكة المكرمة، وغيرها من الجامعات المنشأة حديثًا.
 جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية.
 الحي الدبلوماسي بالرياض.
وبصورة مماثلة عمل القطاع الخاص على جعل كثير من منشآته ذات طابع خاص من حيث الحجم والتصميم، نلمس ذلك في الأسواق الحديثة، والأبراج، ومقرات الشركات... وغيرها، ومنها:
 برجا الفيصلية والمملكة في الرياض  .
 الأسواق المغلقة في الرياض.
 الأسواق المغلقة في جدة ومكة وغيرهما.
 الأسواق المغلقة في المنطقة الشرقية.
 
شارك المقالة:
137 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook