إذا توافرت عوامل الجذب السياحي والحضاري، ظهرت ضرورة خدمات البنى التحتية والخدمات العامة ومن أهمها: الخدمات الصحية والأمنية، وخدمات المياه، والكهرباء، والصرف الصحي، وبينما يعد توافر هذه الخدمات ضروريًا لتطور السياحة التي تستفيد من الموجود منها بالمقصد السياحي، إلا أنها أيضًا تسهم في تطور هذه الخدمات لتلبية احتياجات التنمية السياحية ليستفيد منها المجتمع المضيف أثناء الموسم السياحي وبعده. وتعد هذه الميزة أحد المداخل السياحية إلى التنمية، وهي ما يُعرف بـ (المضاعف السياحي) للبنى التحتية، وقد شهدت المملكة في كل مناطقها تطورًا كبيرًا في مجال خدمات البُنى التحتية عامة، وقد حظيت منطقة الباحة مثل غيرها من مناطق المملكة الأخرى بتطور كبير في هذه الخدمات شَكَّل دفعة قوية لعمليات التنمية والاستثمار السياحي بالمنطقة.

 

أ - الخدمات الصحية:

 

الأحوال الصحية والأمنية هي أول ما يفكر فيه السائح قبل سفره، إلى أي مقصد سياحي، فإن كانت تلك الأحوال مطمئنة شجعه ذلك على السفر، وإن كانت غير ذلك، فكر في مقصد أو مقاصد أخرى. بل إن الخدمات الصحية المتطورة كثيرًا ما تكون هي الدافع والجاذب الرئيس للسفر إلى مقصد معين، وهو ما يُعرف بـ (السياحة العلاجية) التي تعد واحدة من أنماط السياحة الدولية المهمة.

 

وتقدم المديرية العامة للشؤون الصحية بمنطقة الباحة خدماتها الصحية للمواطنين من خلال 9 مستشفيات حتى عام 1427هـ/ 2006م  ،  وهي: مستشفى الملك فهد بالباحة،  ومستشفى بلجرشي العام، ومستشفى النقاهة والعلاج الطبيعي بالباحة، ومستشفى الولادة والأطفال ببلجرشي، ومستشفى المندق العام، ومستشفى المخواة العام، ومستشفى قلوة العام، ومستشفى العقيق العام، وجمعية الهلال الأحمر السعودي.

 

تساعد هذه المستشفيات ومراكز الرعاية الصحية الأولية الموزعة في مدن ومحافظات المنطقة والتجمعات السكانية والعمرانية الرئيسة بها، على توفير الخدمات الصحية الأساسية لجميع المواطنين وزائري المنطقة. كما توجد ثلاثة مراكز لمكافحة الملاريا والبلهارسيا واللشمانيا.

 

كما يسهم القطاع الخاص في رفع المستوى الصحي والعلاجي من خلال مستشفى غدران العام في محافظة بلجرشي بسعة 100 سرير، تتوافر به معظم التخصصات الطبية، وخدمات علاجية تقدم من خلال عيادتين متخصصتين، وخدمات صحية أولية ومتخصصة تقدم من خلال 15 مستوصفًا، وخدمات صحية علاجية من خلال 72 صيدلية، وخدمات صحية بصرية من خلال 22 محلاً للنظارات.

 

ب - الخدمات الأمنية:

 

لعل أول ما يلاحظه الزائر لكل مرتفعات السراة من المناطق الجنوبية الغربية بالمملكة بقايا وآثار المباني الدفاعية من قصبات وأبراج وحصون تدل على اضطراب الأحوال الأمنية قبل توحيد المملكة على يد القائد المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، رحمه الله. إذ كان من أولى اهتمامات الملك عبدالعزيز بسط الأمن وهيبة الدولة في كل أنحاء المملكة الشاسعة المترامية الأطراف. والآن أصبحت نعمة الأمن والأمان من أهم سمات المملكة وخصائصها التي تشكل حافزًا كبيرًا لحركة المسافرين والتجارة، ومن أكبر مميزات السياحة الداخلية بالمملكة.

 

وقد حظيت المنطقة، مثل غيرها من مناطق المملكة، بخدمات أمنية متطورة للمقيمين من السكان والسياح الزائرين حيث توجد بها مديرية للشرطة، ومديرية للمرور، ومديرية للدفاع المدني، ومديرية للجوازات، وإدارة لمكافحة المخدرات، وتنتشر دوريات النجدة، والمرور، والجوازات، وأقسام الشرطة ومخافرها، ومراكز الدفاع المدني، ورجال هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ لبسط الأمن، وضمان سهولة حركة المرور وانسيابيتها، وسلامة السياح والمقيمين وممتلكاتهم، وعدم الإخلال بقيم المجتمع الإسلامية.

 

ج - خدمات المياه:

 

تتميز المنطقة بكثرة الموارد المائية المتجددة بسبب الوفرة النسبية للأمطار على الرغم من تذبذبها، ولكن لا توجد خزانات طبيعية للمياه السطحية الجارية؛ حيث إن مسارات الأودية غالبًا ما تكون منحدرة وتصرف المياه بسرعة، فشجع ذلك على إقامة السدود المائية  التي بلغ عددها 26 سدًا، تستخدم مياهها للزراعة بالدرجة الأولى، بالإضافة إلى زيادة المخزون الجوفي لمياه الآبار، وتتفاوت موارد المياه الجوفية وإمكانات تنميتها من مكان إلى آخر بمنطقة الباحة، وأفضلها في نطاق تهامة السفلى، بسبب الميول الخفيفة والسرعة البطيئة للأودية، وكبر التجمعات المائية، بالإضافة إلى عرض الطبقات الغرينية في بطون الأودية، وتتميز المياه في منطقة الباحة بخاصية كيميائية جيدة، وانخفاض درجة الملوحة، ويضاف عنصر الكلور إلى مياه الآبار درءًا للتلوث البكتريولوجي، ويقدر حجم الموارد المائية بالمنطقة بنحو 136.5 مليون متر مكعب سنويًا.

 

تعتمد القرى في مياه الشرب والخدمات المنـزلية على مياه الآبار خصوصًا، أما المدن الرئيسة بالمنطقة فتستخدم مياه الآبار العامة (الحكومية) وشبكات المياه مثل: مدن الباحة ومحافظاتها، وبلجرشي، والأطاولة، والمندق، والعقيق، وتستخدم الآبار التجارية وصهاريج المياه (الوايتات) في توفير المياه تجاريًا للسكان خارج نطاق شبكات المياه. ومن المخطط توصيل خدمات شبكات المياه إلى كل المدن والمراكز العمرانية الرئيسة. وهناك دراسات لجلب المياه المحلاة من البحر الأحمر لمقابلة الزيادة السكانية والاحتياجات الخدمية والتنموية المتزايدة  ،  وقد شرع في ذلك حاليًا.

 

د - خدمات الكهرباء:

 

بحلول عام 1390هـ/1970م كانت خدمات الكهرباء قد وصلت إلى مواقع مختلفة من الباحة خصوصًا قطاع السراة، وفرتها 15 مؤسسة وشركة وجمعية كهرباء، معظمها أهلية. ولكن بدأ التطور الفعلي بعد إنشاء كهرباء منطقة الباحة المركزية عام 1400هـ/1980م (فرع للشركة السعودية الموحدة للكهرباء بالمنطقة الجنوبية). وقد تمت تغطية قطاع السراة كاملاً بخدمات الكهرباء (وهو المركز الرئيس للسكان والعمران وبخاصة العمران الحضري، وبه معظم عوامل الجذب السياحي للمنطقة)، كما غطت شبكة الكهرباء محافظة العقيق، ومطار الباحة الإقليمي، وكثيرًا من قرى السراة الشمالية. واستفاد نطاق تهامة من الكهرباء المركزية في تهامة ومقرها القنفذة، وبخاصة مدينة المخواة وضواحيها. ويعتمد كثير من القرى والمساكن والاستراحات المنتشرة بالطرق على مولدات كهربائية تعمل بالديزل أو البنـزين لتوليد الكهرباء الخاصة بها. كما تم إيصال خدمات الكهرباء إلى منطقة جبل شدا تهامة؛ ما شجع أهالي المنطقة وأبناءهم المقيمين في المناطق الأخرى على العودة إلى المنطقة، وترميم منازلهم، وتطوير الكهوف الكبيرة التي يتميز بها جبل شدا؛ حيث أصبحت عامل جذب سياحي، وساعدت على إعادة زراعة البن الذي كانت تشتهر به المنطقة  .  وحاليًا غطيت كل مراكز الاستيطان في المنطقة بشبكة الكهرباء العامة للشركة السعودية للكهرباء بالمنطقة الجنوبية.