معركة البكيرية في منطقة القصيم في المملكة العربية السعودية

الكاتب: ولاء الحمود -
معركة البكيرية في منطقة القصيم في المملكة العربية السعودية

معركة البكيرية في منطقة القصيم في المملكة العربية السعودية.

 
باستعادة الملك عبد العزيز عنيزة وبريدة أدرك ابن رشيد أن الموقف مال لغير صالحه وأنه لا مناص من الرمي بكل ثقله لمواجهة الموقف. وفي المقابل تيقن الملك عبد العزيز أن الموقف يسير لصالحه وأن نفوذ ابن رشيد في القصيم بدأ يتلاشى وأن قوته بدأت تتهاوى فأخذ زمام المبادرة. استعد كلا الطرفين لمعركة حاسمة حيث زحف ابن رشيد إلى القصيم لملاقاة الملك عبد العزيز في جيش كبير مكون من قبائل شمر العراقية والنجدية وكذلك بادية هتيم وحرب ومن حاضرة حائل وتوابعها، بالإضافة إلى استعانته بقوات عثمانية تتكون من أحد عشر طابورًا من مختلف الجنسيات وطلبه تزويده بأحد عشر مدفعًا وبعض الأموال والذخيرة والأسلحة والمؤن. وفوق ذلك كله انضمت إلى ابن رشيد بعض القبائل التي كان هدفها السلب والنهب بعد المعركة   أما الملك عبد العزيز فكان جيشه مكونًا من أهل العارض وما حولها وأهل القصيم وبعض القبائل التي التحقت بالجيش مثل مطير وغيرها تحت قيادة ابن عمه عبد الله بن جلوي، وكانت مهمتهم مقاتلة الجيش العثماني النظامي.
 
وصل ابن رشيد إلى القصيم حيث انضم إليه ماجد الحمود الرشيد ووصل الجميع إلى بلدة قصيبا، وهناك قدم عليه عبد الرحمن بن ضبعان مع رجاله، ثم استمر في مسيره حتى وصل إلى الشيحية، أما الملك عبد العزيز فقد كان في بريدة، وقد أدرك مدى حجم قوات ابن رشيد فطلب من أعوانه في البادية والحاضرة أن يمدوه بأعداد إضافية من المقاتلين حتى بلغ جيشه عدة آلاف، ثم خرج من بريدة وطلب من أعوانه إخلاءها ونـزل في البُصر، ثم ارتحل منها إلى البكيرية الواقعة غربي القصيم مقابلاً ابن رشيد. ونشبت المعركة بين الطرفين في الأول من شهر ربيع الثاني 1322هـ الموافق 15 يوليو 1904م، حيث هاجم أهل العارض قبائل شمر في حين هاجم أهل القصيم الجيش العثماني وفيه كثير من الجنود من الشام والعراق، لكنهم ضلوا الطريق لشدة الظلام فوجدوا أنفسهم وراء معسكر قبائل شمر، وقد انجلت المعركة عن تراجع جيش الملك عبد العزيز، لكن الخسائر طالت الجانبين، فقد قتل من الجانب السعودي ما بين أربعمئة وتسعمئة رجل على اختلاف بين المصادر، منهم ستمئة وخمسون من أهل الرياض على رأسهم أربعة من آل سعود، كما أصيب الملك عبد العزيز بشظية في يده اليسرى. أما خسائر ابن رشيد فقدرت بنحو ألف وخمسمئة من الجنود العثمانيين ونحو 300 من أهل حائل منهم اثنان من آل الرشيد هما ماجد بن حمود الرشيد وعبد العزيز بن جبر، كما قتل في المعركة القائد العثماني ونحو اثني عشر من ضباطه وعدد كبير من الجنود. أما ابن رشيد فقد وقع من فرسه فوقعت فوقه فآلمته، لكنه لم يصب بأذى وظل في مركزه في البكيرية رغم الخسائر التي حلت بجيشه  
 
كانت هذه هي الجولة الأولى من المعركة؛ ذلك أن الملك عبد العزيز تراجع إلى بلد المذنب، كما وصل إلى هناك أيضًا بقية جيشه الذي لم يوفق في هذه الجولة. وصلت هذه الأخبار السيئة إلى عنيزة، فقدم على الملك عبد العزيز عدد كبير من مقاتلي أهل القصيم وأخبروه بأنهم لم يتمكنوا من تنفيذ خطته التي رسمها لهم؛ لأنهم ضلوا طريقهم بسبب الظلام، لكنهم في النهاية بذلوا جهدهم في قتال مؤخرة جيش ابن رشيد وغنموا أموالهم وسلاحهم كما قتلوا عددًا كبيرًا من الجنود العثمانيين. وفي الوقت نفسه وصلت إلى الملك عبد العزيز وفود من أهل القصيم يجددون البيعة له، ويعاهدونه على القتال معه ويطالبونه بالعودة إلى مقاتلة ابن رشيد مرة أخرى، وقالوا له: "إذا أنت رحلت فلا يستقيم أمر بعدك، وإذا رجعت إلينا فنحن نعاهدك في السراء والضراء، نقدم أنفسنا وأموالنا وأولادنا بين يديك، أي والله نحمي أوطاننا أو نموت جميعًا"  .  وهكذا اجتمعت للملك عبد العزيز قوة كبيرة قدر عددها ما بين عشرة واثني عشر ألف مقاتل، حيث تحركت هذه القوات بقيادة الملك عبد العزيز نحو البكيرية، فلما علم ابن رشيد تركها بعد أن أبقى فيها كثيرًا من المؤن والذخائر ووضع عليها قوة من الجنود، ثم توجه إلى الخبراء للاستيلاء عليها لتكون خط الدفاع الأول عن البكيرية، لكن الخبراء امتنعت عليه لوجود حامية من جيش الملك عبد العزيز لحمايتها فاضطر ابن رشيد إلى محاصرتها وقطع نخيلها وضربها بالمدافع، لكنها صمدت. وصلت الأخبار باستجماع الملك عبد العزيز قواته مرة أخرى ووصوله إلى البكيرية، فأرسل ابن رشيد قوة بقيادة سلطان بن حمود الرشيد لحمايتها. وهنا حدثت المواجهة عندما قابل فرسان ابن رشيد الجانب السعودي بقيادة الملك عبد العزيز نفسه حيث تبارز الفرسان والتحم الجيشان في معركة استخدمت فيها أنواع الحيل والخدع العسكرية والمراوغة والكر والفر والهجوم والمطاردة. وفي الوقت المناسب شن الملك عبد العزيز هجومًا على قلب قوات ابن رشيد مستهدفًا الاستيلاء على مركز مدفعيتهم، فوفقه الله ما نتج منه هزيمة قوة سلطان ومقتل أكثر من فيها من حامية ابن رشيد، وبهذا تحقق النصر للملك عبد العزيز ودخل البكيرية معززًا  
 
لا شك أن معركة البكيرية كانت معركة فاصلة في التاريخ السعودي، وكان من الممكن للملك عبد العزيز تحقيق النصر في بداية هذه المعركة لولا عدم التقيد بالخطة المرسومة للمقاتلين بالإضافة إلى استعانة ابن رشيد بالجنود والأسلحة من الدولة العثمانية؛ وبخاصة المدافع.
 
شارك المقالة:
224 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook