تتَّجه أنظار وقلوب ملايينٍ من المسلمين في شتّى بقاع الأرض في أشهُرٍ محدَّدةٍ من السَّنةِ الهجريَّة من كلِّ عامٍ صوب بيت الله الحرام والمشاعر المقدَّسة، بعضهم لأداء فريضة الحج وبعضهم للمشاركة الوجدانيّة بالمتابعة والحضور. وأشهُر الحجّ من السَّنة الهجريّة معلومة ومحدّدة؛ وهي: شهر شوّال، وشهر ذو القعدة، وشهر ذو الحجة (وهو الشَّهر الذي تبدأ فيه مناسك الحجِّ). ويأتي المسلمون من بلادٍ ونواحٍ مختلفةٍ بأجسادهم وأرواحهم؛ رغبةً منهم في التَّقرُّب إلى الله تعالى، والتزاماً لأمره الذي خاطب به عباده في مُحكَمِ كتابه الكريم، كما جاء في قوله: (وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَىٰ كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ)، فيشدُّون رِحالهم إلى مكة المكرمة لأداء مناسك الحجِّ.
الحجُّ عبادة عظيمة، وهو أحد أركان الإسلام الخمسة التي بُني عليها. والمراد بالحجِّ: قصد بيت الله الحرام والمشاعر المقدَّسة، في أيام معلومات لأداء أعمالٍ مخصوصةٍ وفق هيئةٍ وشروطٍ مخصوصةٍ. وتتمثَّل هذه الأعمال وفق رأي جمهور الفقهاء بالوقوف بعرفة، والطّواف بالكعبة المشرَّفة، والسَّعي بين الصفا والمروة. وقد جاءت النُّصوص الشرعيَّة من القرآن الكريم والسُّنَّة النَّبوية الشريفة مؤكّدة أنّ الحجّ فرضٌ على كلِّ مسلمٍ قادرٍ مستطيعٍ، والإجماع منعقدٌ على ذلك، وعلى أنّ الحجّ من المعلوم من الدِّين بالضرورة؛ حيث يكفر من أنكره وجحد فرضه. وقد جاء في قوله تعالى: (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا ۚ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ).
ينتقل الحُجَّاج في أثناء أدائهم لمناسك الحجِّ من مرحلةٍ إلى أخرى، وفي كلِّ مرحلةٍ من هذه المراحل يقوم الحجَّاج بجزءٍ من أعمال الحجِّ ومناسكه، حتى يُتمّوها كلها ويعودوا إلى ديارهم. وقبل الشُّروع ببيان هذه المراحل، لا بدَّ من ذكر أنواع النُّسك الذي سيختاره الحاجُّ ويُحرِم به، إذ إنَّ للحجّ ثلاثة أنواع من النُّسك يختار الحاجُّ أحدها، وهي:
مراحل الحج:
وعلى أيِّ صورةٍ أو وفق أي نوعٍ من أنواع الحجِّ أحرَم الحاجُّ فإنَّ المراحل التي تمرُّ بها مناسك الحجِّ متشابهةٌ، ويمكن إجمالها بالآتي:
موسوعة موضوع