تقع مدينة العلا في الجزء الشمالي الغربي من المملكة العربية السعودية بين المدينة المنورة وتبوك على محجة الشام وسط وادٍ يُعَدُّ من أشهر الأودية التاريخية في الجزيرة العربية، وهو وادي القرى، المعروف في العصور الإسلامية بغزارة مياهه، وكثرة بساتينه وخيراته  

 

وتعدّ العلا من أهم المراكز التجارية الواقعة على طريق التجارة الذي يربط جنوب الجزيرة بالمراكز التجارية في مصر وبلاد الشام وبلاد الرافدين، ونشأت على أرضها حضارات موغلة في القدم تبدأ من فترة ما قبل التاريخ، وتستمر عبر العصور الإسلامية المختلفة إلى وقتنا الراهن، ومرّ الرسول صلى الله عليه وسلم بها وهو في طريقه إلى تبوك، وقيل إنه صلى بها ثم بنى في مكان مصلاه مسجدًا   واستمر الاستيطان في العلا طوال فترات التاريخ الإسلامي.

 

ووصفت العلا بأنها محطة على طريق الحاج الشامي من قِبل الرحالـة   ومنهـم الرحالة المغربي ابن بطوطة الذي وصفها أثناء حجه سنة 726هـ / 1326م فقال عنها:   " قرية كبيرة حسنة لها بساتين النخيل والمياه المعينة، يقيم بها الحجاج أربعًا يتزودون ويغسلون ثيابهم، ويدعون بها ما يكون عندهم من فضل زاد ويستصحبون قدر الكفاية، وأهل هذه القرية أصحاب أمانة، وإليها ينتهي تجار نصارى الشام لا يتعدونها، ويبيعون الحجاج بها الزاد وسواه ". وهذا يذكرنا بمحطة فيد بمنطقة حائل على طريق الحج العراقي وأهميتها تأتي من كونها محطة مهمة للحجاج، حيث تحفظ بها ودائعهم على غرار ما يتم بالعلا  ،  واستمرت العلا واحدة من أهم المحطات الرئيسة على طريق الحج الشامي منذ القرن الأول الهجري (السابع الميلادي) وما بعده، حتى إنشاء خط سكة حديد الحجاز.

 

وتقع بلدة العلا القديمة (حي الديرة)، وهي المدينة الإسلامية، في أضيق نقطة في وادي العلا الممتد من سهول الحجر (مدائن صالح) شمالاً إلى حوض قرية مغيرة الحالية أو المابيات جنوبًا (موقع قرح). وقد شيدت المدينة في مكان مرتفع حول هضبة صخرية تعرف باسم الحبيل وأم ناصر، وفوق قمة طرفها الشرقي شيدت قلعة حصينة عُرفت باسم قلعة العلا (قلعة موسى بن نصير)، وتم تخطيط المدينة بطريقة تسهل الدفاع عنها فظهرت كأنها مبنى واحد، ولم يكن للبلدة سور مستقل يحميها وإنما تلاحم بيوتها مع بعضها كون بطبيعة الحال سورًا يحيط بالبلدة وله أربعة عشر بابًا تفتح على الأزقة والطرقات الضيقة المؤدية إلى هذه المنازل المكونة للسور   ؛ ولذلك فإن هذه البلدة تمثل نمطًا فريدًا للمدينة الإسلامية  

 

ومن أهم الآثار الإسلامية الباقية بمدينة العلا: قلعة العلا المبنية على جبل أم ناصر، والمدينة القديمة المقامة في سفح ذلك الجبل، والمسجد القديم  ، وحمام تدعل الذي هو حمام بلدة العلا القديمة  . 

 

وتشتمل العلا على ثلاثة مواقع أثرية، هي:

 

1 - الخريبة:

 

تقع في الشمال الشرقي على بُعد ثلاثة كيلومترات تقريبًا من بلدة العلا القديمة.

 

2 - الحِجْر (مدائن صالح):

 

من أهم آثارها الإسلامية قلعة عثمانية  شيدها حاكم دمشق أسعد باشا العظم 1156 - 1170هـ / 1744 - 1757م وبركة وبئر. وقامت وكالة الآثار والمتاحف بترميم القلعة والبركة  .  وتعد مباني سكة حديد الحجاز  من أبرز المنشآت المعمارية الباقية، وقد تم ترميمها والمحافظة عليهـا، وجعلها مركزًا ثقافيًّا وسياحيًّا  . 

 

3 - المابيات: 

 

تقع شمالاً بالقرب من قرية مغيراء، وتعرف باسم (قرح). ويعود هذا الموقع إلى الحضارة الأموية والعباسية، وهو من أهم المواقع الإسلامية المبكرة في شمال غرب المملكة  .  وفي عام 1404هـ / 1984م، قامت إدارة الآثار بإجراء تنقيبات أثرية   في الموقع الذي يحتل مساحة قدرها 640 ألف متر مربـع 800×800م. وقد طليت جدران المنازل من الداخل بالجص ومن الخارج بالطين، وبلطت أرضيات بعض الحجرات ببلاطات رقيقة من الطوب المحروق (القرميد) وهي ذات ألوان حمراء أو بيضاء وأبواب المنازل خشبية زينت واجهاتها بنقوش كتابية وأخرى جصية تذكر بطراز سامراء. وكشفت عن بقايا مدينة إسلامية محاطة بسور متعرج له ثلاث بوابات، ويتصل بالبوابات تل بنيت على قمته قلعة ومسجد وبعض المباني مشيدة باللبن والآجر.

 

وعُثر في الموقع كذلك على أعمال فنية تشمل الخزف ذا البريق المعدني، وزجاجًا ومسكوكات متنوعة، منها نصف دينار يحمل اسم الخليفة الفاطمي العزيز بالله، ومجامر مصنوعة من الحجر الصابوني بالإضافة إلى بعض النقوش الكتابية