محبة المسلمين وتحقيقها.

الكاتب: حنان حوشان -
محبة المسلمين وتحقيقها.

محبة المسلمين وتحقيقها.

 

 
 

المحبّة بين المسلمين

 
عدّ الإسلام رابطة العقيدة من أقوى الروابط الإنسانيّة، فكانت أقوى من رابطة النسب، والوطن، واللغة، فالمؤمنون إخوةٌ، والمُسلم أخ المُسلم، وإن تباعدت بهم الأقطار، أو الأجساد، ولذلك فالرابطة الإيمانيّة من أقوى الروابط بين العباد، قال -تعالى-: ( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ)،[] كما أخرج الإمام البخاريّ في صحيحه عن أبي موسى الأشعريّ -رضي الله عنه-، أنّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (المُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كالْبُنْيانِ، يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا ثُمَّ شَبَّكَ بيْنَ أصابِعِهِ).]
 
 
 

كيفيّة تحقيق المحبّة بين المسلمين

 
تتحقّق المحبّة والمودة بين المسلمين بالعديد من الوسائل والطُرق، فيما يأتي بيان البعض منها:
 
الدُّعاء بظَهْر الغَيْب؛ إذ إنّ من محبّة الأخ المسلم لأخيه أن يدعو له في غيابه، كما يدعو لنفسه، فيُحبّ لأخيه ما يحبّ لنفسه، فالدّعاء في ظَهْر الغَيْب سُنّةٌ امتثلها الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام-، والصالحين، كما أنّه من صور إرادة الخير للمسلمين، بالإضافة إلى أنّه من صور الإخلاص في النيّة، قال النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: (دَعْوَةُ المَرْءِ المُسْلِمِ لأَخِيهِ بظَهْرِ الغَيْبِ مُسْتَجَابَةٌ، عِنْدَ رَأْسِهِ مَلَكٌ مُوَكَّلٌ كُلَّما دَعَا لأَخِيهِ بخَيْرٍ، قالَ المَلَكُ المُوَكَّلُ بهِ: آمِينَ وَلَكَ بمِثْلٍ).[
قضاء حوائج المسلمين، وأمورهم، وكفّ الأذى عنهم.[
زيارة المريض، وتفقّد أحواله، والدُّعاء له بالشّفاء، كما حثّ الإسلام على ذلك، ورغّب في تلك الأمور، باعتبارها من عوامل زيادة الأُلفة، والمحبّة، ومن تلك العوامل أيضاً؛ تغسيل الميت، وتكفينه، واتّباع جنازته، والصلاة عليه، والدعاء له بالرَّحمة، والمغفرة، والرضوان.
ردّ السلام؛ إذ إنّه ممّا يزيد الأُلفة والمحبّة بين المسلمين، ولذلك فقد أمر النبيّ -عليه الصلاة والسلام- به، كما ثبت فيما أخرجه الإمام مُسلم عن الصحابيّ أبي هريرة -رضي الله عنه-، أنّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (لا تَدْخُلُونَ الجَنَّةَ حتَّى تُؤْمِنُوا، ولا تُؤْمِنُوا حتَّى تَحابُّوا، أوَلا أدُلُّكُمْ علَى شيءٍ إذا فَعَلْتُمُوهُ تَحابَبْتُمْ؟ أفْشُوا السَّلامَ بيْنَكُمْ)،[] والأفضل مَن بدأ وبادر بردّ السلام على أخيه.
محبّة الخير للغير؛ فالجدير بالمسلم أن يحبّ لأخيه المسلم إصابته بالخير والفَضْل، وذلك ممّا يدلّ على حُسْن الخُلق والإيمان، كما ثبت في الحديث الذي أخرجه الإمام مُسلم عن أنس بن مالك -رضي الله عنه-، عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: (والذي نَفْسِي بيَدِهِ، لا يُؤْمِنُ عَبْدٌ حتَّى يُحِبَّ لأَخِيهِ ما يُحِبُّ لِنَفْسِهِ)،[ فذلك من كمال الإيمان، ولا يتحقّق إلّا بالتخلّص من الحقد، والكراهيّة، والأنانيّة، والحسد، ومحبّة التوفيق للهداية، والعيش الرغد، والسلامة، والأمن، وكراهة الأخ لأخيه ارتكاب المعاصي والذّنوب، إذ إنّها من الشرّ غير المقبول.[]
التبشير، وعدم التنّفير، كما ثبت فيما أخرجه الإمام مُسلم عن أبي موسى الأشعريّ -رضي الله عنه- أنّه قال: (كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ إذَا بَعَثَ أَحَدًا مِن أَصْحَابِهِ في بَعْضِ أَمْرِهِ، قالَ: بَشِّرُوا وَلَا تُنَفِّرُوا، وَيَسِّرُوا وَلَا تُعَسِّرُوا)،[] كما حذّر النبيّ -عليه الصلاة والسلام- من التنّفير، وذلك في الحديث الذي أخرجه البخاريّ، عن عقبة بن عمرو أنّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (إنَّ مِنكُم مُنَفِّرِينَ)،[] ومن التبشير قيام العلاقة بين المسلمين في الدُّنيا على البرّ والخير، ليكونوا أيضاً إخواناً في الجنّة.]
عدم التحاسد، أو التباغض، فقد أخرج مُسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: (لا تَحاسَدُوا، ولا تَناجَشُوا، ولا تَباغَضُوا، ولا تَدابَرُوا، ولا يَبِعْ بَعْضُكُمْ علَى بَيْعِ بَعْضٍ)،[] فلا تتحقّق الأخوّة والمحبّة بين المسلمين بالأإتيان بإحدى تلك الخِصال السيئة، ولن تتحقّق العبوديّة الحقّ لله -سُبحانه-، كما قال النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: (كونوا عبادَ اللهِ إخوانًا).
الإصلاح بين المسلمين، وحلّ نزاعاتهم وخلافاتهم، وإقامة العدل بينهم، قال الله -تعالى-: (وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّـهِ فَإِن فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّـهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ*إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّـهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ).
إظهار الفرح والبشاشة بين المسلمين، إذ إنّ ذلك لا يُنقص من القَدْر والمكانة؛ بل إن ذلك من عوامل نَيْل المكانة الرفيعة.[
النَّهي في البيوع من أن يبيع الرَّجل على بيع أخيه، والنَّهي أيضاً عن الاحتكار، أما في أحكام الخِطبة والزواج؛ فقد ورد النَّهي للمسلم من أن يخطب على خِطبة أخيه، وكذلك نُهيت المرأة عن سؤال طلاق أختها لتتزوّج زوجها، كما نهى الإسلام عن التفريق بين المرأة وولدها، أو التفريق بين الأُخوة.[]
التزاور في الله، إذ إنّه من حقوق الأخوّة في الإسلام، كما أنّه من عوامل زيادة المحبّة بين المسلمين، قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (قالَ اللَّهُ تعالى: وجبَتْ مَحبَّتي للمتحابِّينَ فيَّ، والمتجالسينَ فيَّ، والمتباذِلينَ فيَّ، والمتزاوِرينَ فيَّ).
 
 

أهميّة المحبّة بين المسلمين

 
تكمُن أهميّة المحبّة بين المسلمين في العديد من الأمور، فالأخوّة والمحبّة في الإسلام:
 
عبادةٌ ووسيلةٌ يتقرّب بها العبد من ربّه -عزّ وجلّ-، كما يؤدي المسلم سائر العبادات؛ من صلاةٍ، وصيامٍ، وحجٍّ، ودعاءٍ، وغيرها.[]
نعمةٌ من الله -تعالى-، ومنحةٌ منه -سُبحانه-؛ لِما يترتّب عليها من الأجر العظيم في الدُّنيا والآخرة، كما دلّت على ذلك العديد من النُّصوص في كتاب الله، وسنّة نبيّه -صلّى الله عليه وسلّم-]
زيادة القدرة على دفع الأهواء، ونَبْذ الخلافات، وردّ المكائد؛ فالمجتمع المسلم يكون كالجسد الواحد، والنيان المرصوص الذي يشدّ بعضه بعضاً.[]
تحقيق السلامة والقوّة للمجتع، ممّا يُساهم في بناء شخصيّة المُسلم.[
 
 
شارك المقالة:
48 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook