متى ولد محمد عليه الصلاة و السلام

الكاتب: مروى قويدر -
متى ولد محمد عليه الصلاة و السلام

متى ولد محمد عليه الصلاة و السلام.

 

 

إرهاصات النبوة يوم ميلاد الرسول:

 

كانت ولادة رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- حدثاً تاريخياً أضاء الكون بنوره، فشعّ الضياء، حتى أنار قصور الشام، وتمايلت الأصنام، وخرّت على وجوهها، ومن الجدير بالذكر أنّ اليهود كانوا يستفتحون بالنبي -صلّى الله عليه وسلّم- على من جاورهم من المشركين في المدينة قبل ميلاده، فقد كان عندهم علمٌ من التوراة بأنّ النبي -صلّى الله عليه وسلّم- سيُبعث من العرب، وقد رُوي عن أمّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها، أنّها قالت: (كان يهوديٌّ قد سكنَ مكةَ، فلما كانت الليلةُ التي وُلدَ فيها النبيُّ صلى الله عليه وسلم قال: يا معشرَ قريشٍ هل وُلدَ فيكم الليلةَ مولودٌ؟ قالوا: لا نعلمُ قال: فإنه وُلدَ في هذه الليلةِ نبيُّ هذه الأمةِ، بين كتفيْه علامةٌ)، ورُوي عن حسّان بن ثابت رضي الله عنه، الذي وُلد في المدينة المنورة، قبل ميلاد رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- بسبع سنينٍ، أنّه قال: (إني لغلامٌ تبعة ابن سبع سنينٍ أو ثماني سنينٍ، أعقل ما رأيت وسمعت، إذا بيهوديٍ فى يثرب يصرخ ذات غداة يا معشر يهود، فاجتمعوا إليه وأنا أسمع، قالوا: ويلك مالك، قال قد طلع نجم أحمد الذى يولد الليلة)، وكان من إرهاصات النبوة يوم ميلاد النبي صلّى الله عليه وسلّم، ارتجاس إيوان كسرى، وسقوط أربع عشرة غرفةً منه، وانخماد نار المجوس التي كانوا يعبدونها، بعد أن بقيت مشتعلةً ألف عامٍ.

 

تاريخ ميلاد الرسول:

 

تعدّدت الأقوال في تاريخ ميلاد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ولكن ثمة اتفاقٌ بين جمهور أهل العلم على أنّ النبي -صلّى الله عليه وسلّم- ولد في عام الفيل، ولكنّهم اختلفوا في الشهر، واليوم الذي وُلد فيه، حيث قال بعضهم إنّه وُلد بعد عام الفيل بثلاثين يوماً، ومنهم من قال بأنّه وُلد بعده بأربعين يوماً، ومنهم من قال بأنّه ولد بعده بعدّة أشهرٍ، ومنهم من قال بأنّه ولد بعد عام الفيل بعشر سنينٍ، أو بثلاثٍ وعشرين، أو بثلاثين سنةً، والدليل على أنّ النبي ولد في عام الفيل، ما رواه ابن إسحاق عن قيس بن مخرمة بن المطلب، أنّه قال: (ولدتُ أنا ورسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ عامَ الفيلِ)، بالإضافة إلى ما رُوي عن عبد الله بن عباس رضي الله عنه، أنّه قال: (وُلِد رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عامَ الفيلِ)، وقد رجّح الذهبي أن يكون سبب الخطأ في قول أنّ ولادة النبي -صلّى الله عليه وسلّم- كانت بعد عام الفيل بثلاثين، أو أربعين عاماً، أنّ القائل أراد أن يقول يوماً، فقال عاماً، ويكاد أن يتحقّق الإجماع بين العلماء على أنّه ولد في عام الفيل، حيث قال ابن القيم في زاد المعاد: (لا خلافٌ أنّه ولد بجوف مكة، وأنّ مولده عام الفيل).

وأمّا بالنسبة للشهر الذي ولد فيه النبي صلّى الله عليه وسلّم، فقد اتفق جمهور أهل العلم على أنّه شهر ربيع الأول، ولم يخالفهم إلّا قولٌ واحدٌ، وهو أنّ النبي -صلّى الله عليه وسلّم- ولد في رمضان، وقد قال عنه ابن كثيرٍ: (نقله ابن عبد البر عن الزبير بن بكار، وهو قولٌ غريبٌ جدًا)، وبالنسبة لتاريخ اليوم الذي وُلد فيه النبي، فإنّ فيه خلافٌ أيضاً، حيث قال البعض أنّه ولد بعد ليلتين خلتا من ربيع الأول، ومن أصحاب ذلك القول ابن عبد البر، والواقدي، وقيل إنّ النبي ولد بعد ثمان ليالٍ من ربيع الأول، وهو ما رواه الحميدي عن ابن حزم، ورواه مالك، ويونس بن يزيد، وعقيل، وغيرهم عن الزهري عن محمدٍ بن جبيرٍ بن مطعمٍ، وقيل إنّ النبي -صلّى الله عليه وسلّم- ولد بعد عشر ليالٍ من ربيع الأول، ونقله مجالدٌ عن الشعبي، ورواه ابن عساكرٍ عن أبي جعفر الباقر، وقيل بل وُلد النبي بعد اثنتي عشر ليلةً، واستدلّ أصحاب ذلك القول بما رُوي عن عبد الله بن عباس، وجابر بن عبد الله رضي الله عنهما، أنّهما قالا: (وُلِدَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عامَ الفيلِ، يومَ الاثنينِ الثاني عشرَ من ربيعِ الأولِ، وفيه بُعِثَ، وفيه عُرِجَ به إلى السماءِ، وفيه هاجرَ، وفيه مات)، وذلك هو القول المشهور عند جمهور أهل العلم، وممّا يؤكد ولادة رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- يوم الاثنين، ما رواه أبو قتادة عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، أنّه سُئل عن صيام يوم الاثنين، فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: (ذاك يومٌ وُلدتُ فيه، ويومُ أُنزلَ عليَّ فيه).

 

طفولة الرسول:

 

بعد ولادة النبي محمد بن عبد الله صلّى الله عليه وسلّم، في شعب بني هاشمٍ، بُشّر جدّه عبد المطلب بميلاده، ففرح به فرحاً شديداً، ودخل إلى الكعبة المشرفة وهو يحمله، وحمد الله، وشكره، وأطلق عليه اسم محمد، وبعد أسبوعٍ من ولادته، ختنه كعادة العرب، وكانت ثويبة مولاة أبي لهبٍ، أول مرضعةٍ من مرضعات النبي صلّى الله عليه وسلّم، قبل أن يرسله جدّه إلى بني سعدٍ لترضعه حليمة السعدية، حيث مكث عند حليمة حتى حصلت حادثة شقّ الصدر، التي كانت من المعجزات التي تدلّ على نبوة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ثمّ عاد إلى أمّه، وبقي في رعايتها، حتى توفيت وهو في السادسة من عمره، فأصبح يتيم الأم والأب، فانتقل النبي -صلّى الله عليه وسلّم- إلى كفالة جدّه عبد المطلب، وبقي في رعايته، إلى أن توفي جدّه، وهو في الثامنة من العمر، فانتقل إلى كفالة عمّه أبي طالب الذي رعاه، وأحسن إليه، وبقي يدافع عنه طيلة حياته.

شارك المقالة:
85 مشاهدة
المراجع +

موسوعة موضوع

هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook