ماهي طوائف الحرف بالمدينة المنورة في المملكة العربية السعودية

الكاتب: ولاء الحمود -
ماهي طوائف الحرف بالمدينة المنورة في المملكة العربية السعودية

ماهي طوائف الحرف بالمدينة المنورة في المملكة العربية السعودية.

 
طائفة مصلحي الأواني الزجاجية:
 
نظرًا إلى أن الأواني الصينية والزجاجية كانت نادرة الوجود - وإن وجدت فهي غالية الثمن - فإنه يجب على أي عائلة المحافظة على موجوداتها من تلك الأواني بقدر الإمكان، فلو حصل أن انكسرت آنية منها فلا يمكن استبدالها بغيرها لندرتها وعدم وجودها لذا اتجه بعض الوافدين إلى المدينة المنورة من البخاريين إلى هذه المهنة، ولما كانت لديهم خبرة في إصلاح القطع الصينية أو الزجاجية المشعورة أو المكسورة مكتملة القطع، فقد كانوا يقومون بهذه المهنة عن طريق لصق الزجاج من طرفي الكسر وتركيب مشبك من المعدن عليه ومن ثم وضع مادة (السبيداج؛ وهي من بياض البيض) على المشبك وتركه لفترة قصيرة يجف أثناءها وتصبح القطعة المكسورة سليمة، ويمكن استعمالها دون أي عيب فيها إلا منظر المشبك وذلك مقابل مبلغ زهيد، وبما أن أباريق الشاي في المقاهي كلها من الصيني فقد كان القهوجية هم أكثر عملاء مصلحي الصيني. وعندما بدأ التطور تلاشت هذه المهنة لعدم الاهتمام بالقطع الصينية التي تتعرض للكسر، فيكون مصيرها الرمي في القمامة واستبدالها؛ لأنها أصبحت متوافرة وبأسعار عادية.
 
 طائفة مصلحي (الأتاريك):
 
من المعروف أن المدينة المنورة - مثل غيرها من المدن - عاشت فترة من الزمن دون كهرباء، لذا فقد كانت وسائل الإضاءة فيها - كما في غيرها - متنوعة، مثل الفوانيس والمسارج والمشاعل القمرية والأتاريك و (اللمبات) الزجاجية بمختلف أحجامها، وجميعها يعمل بالكيروسين، وهي سهلة الإصلاح منـزليًا ماعدا (الأتاريك) التي كان لا بد من وجود متخصصين في إصلاحها وتغيير بعض قطعها - إذا لزم الأمر - لتصبح صالحة للاستعمال، وهي تستخدم في المناسبات وعند الضرورة.
 
أما في الحالات العادية فيُكتفى بالفانوس واللمبة، وكذا المسرجة التي توضع في الحمامات والممرات بصورة دائمة، وهذه جميعها تحتاج إلى عناية مثل: التنظيف، وإصلاح الفتيلة، وملء مستودعها بالكيروسين يوميًا أو عند الحاجة؛ لأنها تستخدم بصورة مستمرة طوال الليل، وتقوم بهذه المهمة إحدى نساء المنـزل.
 
طائفة بائعي ماكينات الخياطة ولوازمها ومصلحيها:
 
إن ماكينة الخياطة مهمة جدًا لربة البيت التي تجيد استعمالها، فهي تحتاجها لخياطة ملابسها وملابس أطفالها وإصلاح ما يحتاج منها إلى إصلاح، إذ لم تكن توجد مشاغل نسائية. ومن المعروف أن جميع ماكينات الخياطة كانت تعمل باليد أو بالرِّجل لعدم وجود كهرباء في ذلك الوقت. أما لوازم الماكينات التي تحتاجها ربة البيت فهي الإبرة (وهي معرضة للكسر)، وكذا الزيت الخاص بها، وهو يوضع في أمكنة مخصصة بين الحين والحين ضمانًا لاستمرارية عملها وعدم تعرضها للجفاف الذي يؤدي إلى كسر بعضها.
 
وعند تعرضها لأي عطل ولا يتمكن مستخدمها من إصلاحها فلا بد من أخذها إلى مصلحيها لتتم معرفة العطل ومن ثم إصلاحها أو تغيير بعض أجزائها إذا لزم الأمر، وكان لتلك المهمة رجال متخصصون اشتهروا بإتقان العمل في هذا المجال يذهب إليهم الناس كلما لزم إصلاح ماكينة أو شراء أحد مستلزماتها.
 
طائفة بائعي الدراجات الهوائية ومصلحيها:
 
من المعروف أن وسائل النقل كانت محدودة جدًا لقلة السيارات، فهي تنحصر في الحيوانات أو العربات التي تجرها أو الدراجات الهوائية.
 
ومن الطبيعي أن يوجد مصلحون لهذه الدراجات لأنها معرضة للتلف والأعطال، فمتى حصل فيها شيء من ذلك فلا بد من أخذها إلى المصلح كي يتولَّى عملية إصلاحها، إما في وقت إحضارها نفسه - إذا كان العطل بسيطًا - أو يتم تركها لديه حتى يتفرغ لإصلاحها إذا كان الأمر يحتاج إلى بعض الوقت. وحينما وردت الدراجات الهوائية لأول مرة كان من العار على أبناء الشخصيات المرموقة ركوبها، إذ إن ركوبها كان يُعَدُّ دلالة على الانفلات الأسري، ولكن سرعان ما اختفت هذه الفكرة وأصبحت الدراجات الهوائية وسيلة مواصلات رئيسة للكبار والصغار، وقد اختفت هذه الأهمية حاليًا أو قلَّت لكثرة وسائل الانتقال.
 
طائفة الساعتشية:
 
ويقومون ببيع الساعات بمختلف أحجامها وأنواعها، فمنها اليدوية والجيبية والجدارية، كما يقومون بإصلاحها وتغيير الزجاج في حالة كسره، أو تغيير (الأستيك) حين تلفه أو إصلاحه، وغير ذلك من الأعمال المتعلقة بالساعات. وقد تنوعت الساعات وتعددت أشكالها، فأصبح بعضها يعمل بالبطارية وبعضها يعمل بحرارة جسم الإنسان.. وغير ذلك من الأنواع الكثيرة التي تطورت بتطور صناعة الساعات.
 
طائفة الحبَّابة:
 
وهم الذين يشترون الحبوب عند حصادها من المزارعين عن طريق دلالي الجملة، ويتم ذلك في مواعيد معينة معروفة عند المزارعين والحبَّابة، كما يشاركهم الشراء بعض العائلات الثرية، ومن ثم يتم تخزين الحبوب بطرق معروفة، ويؤخذ منها حسب الحاجة، أما العائلات متوسطة الحال والفقراء فتشتري منها حسب الحاجة وعلى قدر المستطاع. وهذه الحبوب إما أن تستعمل كما هي في عدد من المأكولات، أو تطحن في المطاحن، ومن ثم تستخدم حسب الرغبة والحاجة. وكان الاعتماد كبيرًا على الإنتاج المحلي، وكانت الحبوب الغذائية تباع كيلاً، ومكاييلها هي: المد، والصاع (والمد ثلاثة أصواع)، ثم النصفة، والربعة، والثمنة. وكان لهم سوق خاص يسمى سوق الحبَّابة.
 
 طائفة التمَّارة: 
 
هم الذين يقومون بشراء التمور الواردة من البساتين وقت الجذاذ بكميات كبيرة وبيعها بالجملة. وهذه العملية تتم في مواسم معينة معروفة لدى المزارعين والتمَّارة، إذ يقومون فيها بالاستعداد للشراء والتخزين والترقيد، وهي عملية يقوم بها أشخاص مخصوصون حسب الطلب من عامة الناس أو التجار أو أصحاب المحلات، وهي تتلخص في اختيار نوعية التمر المطلوبة، والقيام بتنظيفه ومسحه من الغبار، ومن ثم وضعه داخل الصفيحة (التنكة) وكبسه إما باليد أو بالأرجل بعد تغطيته بقطعة من القماش، ثم وضع طبقة أخرى عليه وإعادة كبسها حتى تملأ الصفيحة، ثم تتم تغطيتها وتركها في الشمس لمدة معينة ومن ثم قلبها لمدة معينة أخرى، ثم ترسل أو تسلم إلى صاحبها، وهذه العملية تتم - في الأغلب - في آخر الصيف، وقبل دخول الشتاء إذ يزداد الطلب على أكل التمر في فصل الشتاء. وتقوم بعض العائلات بشراء التمور التي ترغبها في الفترة نفسها وبالكميات المطلوبة، ويقوم أفرادها بعملية الترقيد بأنفسهم في منازلهم، ولإتمام هذه العملية بنجاح فإنهم يضعون التمور على أسطح المنازل.
 
أما عملية التخزين لدى بائعي التمور فتتم بوضع التمر داخل أوانٍ فخارية ضخمة محكمة القفل، ويبقى التمر داخلها محفوظًا مدة طويلة لحين الحاجة.
 
طائفة الحطَّابة وبائعي الفحم:
 
ولهذه الحرفة رجالها المخصوصون الذين يعرفون أصناف الحطب أو الفحم، وهم يقومون بشراء الحطب أو الفحم من أبناء البادية، أو يحصلون عليهما بأنفسهم بالخروج إلى البراري والقفار حيث أشجار الحطب الجافة، فيقطعونها حسب حاجاتهم، كما يقومون بحرق بعضها ثم إطفائه ودفنه بطرقهم الخاصة ليصبح فحمًا، ومن ثم يحملونه إلى البلد حيث يفرز حسب النوعية، ولكل فحم سعره الخاص به.
 
وكان الأهالي يعتمدون في حياتهم اعتمادًا كليًا على الفحم في الطبخ والكي والتدفئة وذلك قبل ظهور الغاز والكهرباء، وكان الفحم يُشترى بكميات كبيرة ويوضع في أمكنة خاصة ويخزن تموين العام منه كما تخزن المواد الغذائية، ويؤخذ منه حسب الحاجة.
 
 طائفة بائعي الجاز (الكيروسين): 
 
كانت جميع منازل المدينة المنورة - وغيرها من المدن - تحتاج إلى الإضاءة ليلاً بالفوانيس أو المسارج أو (اللمبات) الزجاجية أو (الأتاريك) وكذا الطباخات و (الدوافير) وجميعها يعمل بالجاز (الكيروسين)، فكان كل رب أسرة يحضر إلى منـزله الجاز حسب الحاجة اليومية إليه، وكان الجاز يباع في أمكنة مخصصة أو لدى البقالات، ويباع بكيله بمكاييل معروفة في ذلك الزمن يصنعها السمكري للبائع، وتقدر المكيالة بربع أقة والمكيالتان بنصف أقة. وكان في كل بيت (جالون) أو قارورة لشراء الجاز، ويكون الشراء بعد العصر يوميًا في الغالب، أما إذا أراد رب الأسرة شراء الجاز بكميات كبيرة وكان لديه المكان الأمين لحفظه فما عليه إلا الذهاب إلى محطات بيع الوقود، إذ إنهم يبيعونه هناك بحساب (الجالون). أما في الوقت الحاضر فقد أصبحت الحاجة إلى الجاز محدودة جدًا، لانتشار الكهرباء ووسائل الطبخ الحديثة.
 
طائفة الطبَّاخة:
 
وتنقسم هذه الطائفة إلى قسمين:
 
 القسم الأول: يقوم بالطبخ في المناسبات والولائم إما في المنازل أو في مطابخهم إن وجدت، ومن المعروف أن الولائم كانت تقام غالبًا في المنازل، إذ لم تكن الفنادق وقصور الأفراح منتشرة بالشكل الحاضر، لذا كان لزامًا على صاحب الوليمة إحضار الطباخ إلى منـزله أو قريبًا منه، ويقوم بإحضار جميع لوازم الطبخ من حطب وغيره حسب نوعية الأكل المطلوب، وما على الطباخ إلا إحضار قدوره وبقية ما يلزمه على نفقة صاحب الوليمة. أما الآن فإن الأمور قد تغيرت تغيرًا كليًا؛ فقد كثرت الفنادق وقصور الأفراح الخاصة المجهزة بكل ما يحتاج إليه الطباخون، كما أن عملية الطبخ أصبحت تتم في مطابخ تستخدم الغاز بدل الحطب الذي استُعمل في السابق، فما على صاحب الوليمة إلا الذهاب إلى المطبخ الذي يختاره ويطلب الأكل المراد ويحدد الكمية المطلوبة، فيقوم العاملون في المطبخ بإحضار كل ما يحتاجه طلبه ويتولون عملية الطبخ، ثم يتم إحضار الطعام إلى مكان الوليمة أو تسليمه إلى صاحب الوليمة من المطبخ، وذلك حسب الرغبة، علمًا بأن جميع الأواني ملك للمطبخ فيدفع صاحب الوليمة تأمينًا له لحين عودتها إليه.
 
 القسم الثاني: وهم الطباخون في أمكنة معروفة ومجهزة وقريبة، ويقومون بطبخ أصناف متعددة من المأكولات الشعبية في هذه الأمكنة ويستقبلون زبائنهم، فمنهم من يأكل داخل المحل، ومنهم من يأخذ الأكل معه إلى منـزله أو حيث أراد. وهذه المطابخ تقوم بعملية إعداد وجبات الطعام ظهرًا ومساءً، فلكل وقت طعامه الذي يناسبه، وأشهر هذه الأكلات: المقادم، الكبدة، الكرشة، المندي، الكباب، المقلية، الفول، الهريسة، الزلابية.
 
طائفة الفَرَّانة وصانعي الكعك: 
 
هم الذين يقومون بعمل الخبز بعد إنجاز المراحل التي تسبق خَبزه من عجن وتخمير وتقريص وغير ذلك من الأمور المتعلقة بمهنتهم، كما كانوا يقومون بخَبز العجين المعمول في المنازل من قِبل العائلات والمرسل إلى الفرن مع أبنائهم أو من يخدمهم، لخَبزها مقابل أجر زهيد، كما أن بعض الفرانة كانوا يعملون الكعك بالسمسم إضافة إلى الخبز، وهذا الكعك يعجن ويخمر من الليل ويخبز ويباع صباحًا لتناوله مع وجبة الإفطار فقط، وللكعك صفة مخصوصة يمتاز بها فهو دائري الشكل مفرغ من الوسط وموضوع عليه السمسم ويسمى (شريك أبوالسمسم)، كما أن هناك نوعًا آخر من الخبز يسمى (شريك أبوالسمن)، والناس عادة يأكلون خبز البُرِّ في الظهر والشريك أبوالسمسم في الصباح والشريك أبوالسمن في المساء.
 
أما (التميس) فإنه لم يعرف في المدينة المنورة - أو في الحجاز كله - إلا بعد أن هاجر إليها بعض البخاريين، فعند وصولهم إلى المدينة المنورة - وبعض مدن الحجاز وغيرها - أخذوا في عمل (التميس) لأنها مهنة يتقنونها في بلادهم، وانتشرت عدة أصناف منها (البسكوت) و (أبوالسمن) و (العادي). أما في الوقت الحاضر فقد تحولت هذه المهنة إلى الأفغانيين، وهم أول من أوجد التنور الأفقي والمائل وقد كان في السابق عموديًا على الأرض، وبائعي (التميس) يعملون هم أنفسهم (المنتو) (واليغمش) اللَّذَين أصبح لهما باعة مخصوصون.
 
طائفة السَّمَّانة: 
 
يبيعون السمن البلدي والجبن البلدي، وكانوا يشترون السمن بالجملة ثم يقومون بوضعه داخل الصفيح أو (حلل النحاس) لبيعه بالوزن للمستهلكين، كما أن كثيرًا من العائلات بالمدينة المنورة يشترون السمن بكميات كبيرة ويحافظون عليه داخل مواعين (أوانٍ) نحاسية في منازلهم ويأخذون منه حسب الحاجة، ويتم الشراء في مواعيد معينة خصوصًا في الربيع عندما يكثر السمن في الأسواق.
 
طائفة اللَّبَّانة:
 
يصنعون الألبان مثل: الزبادي الصيني والقشطة من ألبان البقر الذي يقومون بتربيته والعناية به، كما يقومون ببيع الحليب الطازج يوميًا صباحًا ومساءً. وهذه المهنة تكاد تنعدم لوجود مصانع الألبان التي أخذت في التزايد وعمت جميع مدن المملكة، وأصبحت الألبان متوافرة في جميع المحلات وفي متناول جميع الراغبين، وكذا القشطة واللبنة والزبدة والجبنة بمختلف أنواعها.
 
طائفة الجزَّارة (القصَّابة):
 
ويبيعون اللحم بعد ذبح الذبائح في المسلخ حسب نوعيته وصنفه (الجمل، البقر، الغنم)، ولكل نوعية بائعون مختصون وأسعار مختلفة، ويقوم بعضهم بالذبح خارج المسلخ لمن يرغب من المواطنين في المناسبات المختلفة بأجر معين حسب الذبيحة، ويزداد الطلب عليهم في أيام عيد الأضحى المبارك، ولذا ترتفع الأجور التي يأخذونها في هذه المناسبة، ولا يكاد يخلو بيت من بيوت المدينة المنورة من أضحية أو أكثر.
 
شارك المقالة:
87 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook