ماهي المأكولات الشعبية في منطقة الباحة في المملكة العربية السعودية

الكاتب: ولاء الحمود -
ماهي المأكولات الشعبية في منطقة الباحة في المملكة العربية السعودية

ماهي المأكولات الشعبية في منطقة الباحة في المملكة العربية السعودية.

 
كانت منطقة الباحة منطقة زراعية يصل إنتاجها إلى المدن المجاورة مثل الطائف ومكة وجدة، وكانت الزراعة فيها تتم مرتين في العام غالبًا، وتُسمى إحداهما زراعة الصيف، ومحصولاتها تتمثل في القمح والشعير والعدس الذي يُسمى محليًّا (بوسن؛ أو بلسن)؛ والأخرى تُسمى زراعة الخريف، ومحصولاتها تتمثل في الذرة بأنواعها المختلفة (الصفراء، والبيضاء)، ومن أنواعها أيضًا (البسيسة) وهي ذرة بيضاء حبتها صغيرة الحجم، و (القشَّاشة) وهي ذرة صفراء حبوبها كبيرة الحجم، والحبش ويُسمى محليًّا (حب الحاج)، والدخن، وكذلك (المجدولة) و (السيَّال) وهما نوعان حبوبهما صغيرة جدًّا، ولا يأكلها السوس لصغرها من جهة، ولصلابتها من جهة أخرى. وفي بعض أجزاء تهامة يتم حصاد المحصول الواحد من الدخن عددًا من المرات، حيث تُجمع السنابل، ويُقص القصب، ثم يُخلف مرة أخرى أي ينبت من جديد.
 
هذه الأنواع من المحصولات الزراعية كانت تُستخدم في صناعة المأكولات الشعبية، ولم يكن الناس يعرفون شراء الأغذية من الأسواق، ولم يكن الأرز معروفًا، وكذلك كثير من المحصولات الحديثة مثل البامياء، والملوخية، والفاصولياء، والباذنجان، والخيار... ونحوها. كما أن الفواكه كانت من الإنتاج المحلي فقط مثل العنب، والرمان، والخوخ، والحماط (التين)، والبرشومي (أو البرشوم كما يسميه بعضهم، وهو التين الشوكي)، أما البرتقال والتفاح الكبير والموز فلم تكن معروفة لدى الغالبية العظمى من سكان المنطقة، وإن كان يوجد بعض إنتاج الموز في بعض واحات تهامة مثل ذي عين ووادي الأحسبة.
وقد كانت الخبزة والعصيدة والمرقوق والدغابيس والفتة - ولا تزال - من أشهر المأكولات الشعبية في منطقة الباحة.
 
أ - الخبزة: 
 
تُصنع من القمح، أو من القمح والشعير (وعند الجمع بين القمح والشعير تُسمى "مشعورة")، ونادرًا ما تُصنع من الشعير الخالص لكثرة النخالة فيه. وتُصنع حسب عدد الأشخاص الذين سوف يتناولونها، فقد تُصنع لتكفي خمسة، أو عشرة، أو عشرين، وإذا كان العدد أكثر من عشرين فيُصنع أكثر من خبزة واحدة. وقد تُستخدم في الخبزة الواحدة كمية من الدقيق تصل إلى أربعة أمداد أو خمسة، والمد نحو 4كجم، وهذا يعني أن الخبزة الكبيرة وزنها يصل إلى ما بين 20 و 25كجم. وعندما زار الملك سعود منطقة الباحة في عام 1374هـ/1955م عُملت له في قرية (سبيحة) خبزة كبيرة حُملت على الأخشاب. والخبزة بعد العجن تُفرد على حجر رقيق أملس قد تصل مساحة سطحه إلى 2م  ، ويتم إيقاد النار تحت ذلك الحجر، وهو على الأثافي وتكون ثلاثًا أو أربعًا، ثم تُزال الأثافي ليستقر الحجر على الجمر الذي تكوَّن تحته، ثم يُفرد عليه العجين، وتُوقد عليه من أعلى نباتات جافة خاصة تُسمى (القُنى)، ومن تلك النباتات الشث والطباق، ويُتجنب استخدام الشيح والعرفج لمرارتهما التي تنتقل إلى الخبزة، بعد ذلك تبقى الخبزة في مكانها لفترة من الزمن يحددها سُمكها ومقدار النار التي وُضعت تحتها وفوقها، وبعضهم يستخدم (المشهف) حيث يُوضع فوق الخبزة بعد إحمائه، ومن ثم تُوقد عليه النار.
 
تُستخرج الخبزة بإزالة ما عليها من رماد، وتُنظف بعناية، أو بإزالة (المشهف) الذي يحميها من الرماد، وتُنقل إلى مكان الضيوف حيث يتم تقسيمها بالسكين إلى أجزاء صغيرة تُسمى كل واحدة منها (شِتْرَة)، وتُسمى عملية التقسيم بالسكين بـ (التشتير)، ويجب أن يقوم بها رجل لديه خبرة خاصة في ذلك. وتُوضع (الشِّتَار؛ جمع شترة) بشكل دائري أو مستطيل، ويُوضع في الوسط الإدام وهو مرق اللحم المسلوق، أو السمن والعسل، أو اللبن، أو كل ذلك أو بعضه.
 
ب - المخووض: 
 
وهو يُصنع غالبًا من القمح، وعجينته أكثر طراوة وأقل كثافة من الخبزة، وتُوضع العجينة على صاج حديدي، أو حجر رقيق صغير الحجم بعد إحمائه على النار، ويتم تقليبها على وجهيها حتى تنضج. وغالبًا ما يُتناول المخووض في الإفطار وفي الوجبات السريعة لسهولة صناعته وسرعتها.
 
ج - المشرَّق:
 
وهو مثل المخووض، إلا أنه أكثر سمكًا، ولا يتم تقليبه، بل يُوضع على الصاج مواجهًا للنار بعد أن ينضج وجهه السفلي بوضعه على النار، وهو أيضًا من وجبات الإفطار ومن الوجبات السريعة، ويُستخدم السمن، أو العسل، أو اللبن، أو الحليب، أو (البرقة) وهي الحليب وعليه طبقة من السمن بلالاً وإدامًا للمشرَّق أو للمخووض، ويمكن تناولهما مع الشاي، أو مع القهوة أحيانًا.
 
د - العصيدة: 
 
هي من أهم الأكلات وأشهرها في منطقة الباحة، وهي معروفة في معظم المناطق الجنوبية، كما أنها معروفة في مناطق كثيرة من العالم، وهي تُصنع من دقيق الذرة، أو من الحبش (حَب الحاج) وهو الاسم المحلي للذرة الكبيرة التي يُستخرج منها زيت الذرة المخصص للطبخ، أو من القمح، وأفضلها ما صُنع باللبن أو المرق، إذ يُوضع اللبن أو المرق أو الماء في القدر، وتُوقد تحته النار، ويُذرُّ الطحين عليه ويُحرَّك بوساطة (المسواط) وهو عود خشبي له رأس عريض، ويُزاد الدقيق حسب الرغبة في كثافة العصيدة. وعملية تحريك الدقيق في الماء بالمسواط تُسمى (العصد) ومن هنا جاء اسم (العصيدة). والسمن هو أفضل إدام للعصيدة، يليه اللبن والمرق، ونادرًا ما يُستخدم العسل معها. وإذا كانت العصيدة خفيفة وقليلة السُّمْك فإنها تُسمى (العيش).
 
هـ - المرقوق: 
 
هو أكلة معروفة في معظم مناطق المملكة، وربما تختلف طرائق إعداده قليلاً، وهو يُصنع مع اللحم، وربما تمت إضافة بعض الخضراوات إليه مثل البطاطس والباذنجان، فبعد أن يُطبخ اللحم مع البصل والطماطم والبهارات الأخرى؛ يُضاف إليه المرقوق وهو رقائق صغيرة من عجين القمح غالبًا، فتُلقى في القدر بعد تقطيعها، وبعضهم يقوم بتقطيعها بالسكين بعد إلقائها في القدر، وهذه الأكلة لم تنتشر في منطقة الباحة إلا في العقود الأخيرة.
 
و - الدغابيس: 
 
هي جمع دغبوس، وبعضهم يسميها (الدَّهاليس؛ جمع دهلوس)، وتُعد من الأكلات المعروفة والمشهورة في منطقة الباحة، وهي شبيهة بوجبة المرقوق، وغالبًا ما تُستخدم مع (الصِّقلة) أو (القُرَّاص) وهما نبتتان تظهران عند زراعة الخريف (الذرة والحبش ونحوهما) ويتم جمعهما بالأيدي نبتةً نبتةً، ويتم أخذ أوراق النبتة وطبخها. والدغبوس عجينة تُشكَّل بشكل رقائق سميكة بحجم الكف تقريبًا وتُلقى في القدر الذي يغلي فيه الماء مع الصقلة أو القراص، أو مع براعم البرسيم أحيانًا، وتُعد هذه الأكلة نادرة وقليلة الشيوع لقلة الحصول على الصقلة أو القُرَّاص، وفي العقود الأخيرة أصبحت تُعد مع اللحم وبعض الخضراوات مثل البطاطس والكوسة والسبانخ ونحوها.
 
ز - الفتة: 
 
هي من الأكلات المعروفة في منطقة الباحة، وتُصنع باستخدام الخبزة - أو بقاياها - وفتِّها مع اللبن المغلي، وأحيانًا تكون الفتة بالعسل والسمن إذا كان يوجد ضيف ذو مكانة ويستحق الإكرام، وأحيانًا تكون بالمرق، وأحيانًا أخرى بالحليب والسمن.
 
ح - المثرية:
 
هي من الأكلات المعروفة في منطقة الباحة، وتُصنع برشِّ الماء على الدقيق وتحريكه باليد لتتكون كريَّات صغيرة وبأحجام متفاوتة، ثم إلقائها في لبن مغلي، أو مرق اللحم، وانتظاره حتى ينضج دون تحريك كما هو الحال مع العصيدة والعيش.
 
ط - المطجن:
 
وقد كان الناس يستخدمون البيض البلدي مع الطماطم والبصل لإعداده، وذلك بمزجها مع بعضها وتقليبها على النار فترة قصيرة من الزمن، ويُستخدم بلالاً وإدامًا للمخووض، أو المشرَّق، وغالبًا ما يُستخدم في وجبة الإفطار.
 
ولم يكن استخدام الأرز شائعًا قبل عام 1370هـ/1951م، ولم يكن معروفًا إلا للأسر الثرية ووجهاء البلد وأعيانه مثل مشايخ القبائل والتجار. وإلى منتصف الثمانينيات الهجرية/الستينيات الميلادية كان كثير من الأسر لا يأكل الأرز إلا مرة واحدة في الأسبوع، وكان يُطبخ مع اللبن، ومن دون لحم في الغالب؛ لغلاء اللحم وصعوبة الحصول عليه، وكذلك الخضراوات مثل البامياء، والبطاطس، والفاصولياء، والملوخية، والباذنجان لم يتم استخدامها إلا في مراحل متأخرة من القرن الرابع عشر الهجري/العشرين الميلادي، ورويدًا رويدًا أصبح الأرز والإدامات من المأكولات الرئيسة في جميع أنحاء منطقة الباحة.
 
شارك المقالة:
225 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook