يُطلق مصطلحفقر الدمأو الأنيميا (بالإنجليزية: Anemia) على الحالة التي يحدث فيها انخفاض في المجموع الكلي لخلايا الدم الحمراء في الدم، وحقيقة فإنّ المختصين يُرشّحون أنّ الشخص مصاب بالأنيميا في حال كانت نتيجة أحد الآتية دون الحد الطبيعيّ: الهيموغلوبين (بالإنجليزية: Hemoglobin)، أو عددخلايا الدم الحمراء، أو الهيماتوكريت (بالإنجليزية: Hematocrit)،ولفهم ذلك لا بُدّ من بيان أنّالهيموغلوبينما هو إلا بروتين غنيّ بالحديد يُعطي خلايا الدم الحمراء لونها، وهو مسؤول عن السماح لخلايا الدم الحمراء بحمل الأكسجين من الرئتين ونقله إلى أجزاء الجسم المختلفة، هذا بالإضافة إلى سماحه لخلايا الدم الحمراء بنقل نسبة من ثاني أكسيد الكروبن الناجم عن عمليات الأيض من خلايا الأنسجة المختلفة إلى الرئتين للتخلص منه هناك،وأمّا بالنسبة للهيماتوكريت فهو المصطلح الذي يُطلق على خلايا الدم الحمراء المُكدّسة (بالإنجليزية: Packed Red Blood Cells) نسبة إلى الدم كلّه،وفي هذا السياق يُشار إلى أنّ الدم سائل يُوجد في الجسم بمعدل خمسة ليترات تقريبًا، وهو مسؤول عن العديد من الوظائف، وحقيقة يُعدّالدمأكثر لزوجة من الماء، وذلك لأنّ نصف محتواه من البلازما التي تُشكّل الجزء السائل منه، بينما النصف الآخر من الدم مكوّن من ثلاثة أنواع من الخلايا، وهي خلايا الدم الحمراء،وخلايا الدم البيضاء، والصفائح الدموية.
وبالعودة للحديث عن الأنيميا يجدر التنبيه إلى أنّ انخفاض نسبة الهموغلوبين، وخلايا الدم الحمراء،والهيماتوكريتيُعطي انطباعًا في الغالب لوجود في فقر الدم، ولكن لا يُعدّ تشخيصًا أكيدًا، إذ لا بُدّ من مراجعة الطبيب المختص لتقييم الحالة وإعطاء التشخيص الصحيح،وبالاستناد إلى نتائج منظمة الصحة العالمية (بالإنجليزية: World Health Organization)، تبيّن أنّه يوجد ما يُقارب 1.6 مليار شخص حول العالم مصاب بفقر الدم، وهذا ما يُعادل 24.8% تقريبًا من مجموع سكان العالم، مع الأخذ بعين الاعتبار أنّالأنيمياقد تُصيب الأشخاص من أي فئة عمرية وبغض النظر عن الجنس أو النوع، ولكنّ أكثر حالات الإصابة بها كانت بين الأطفال الذين هم دون السادسة من العمر.
قبل التطرق للحديث عن علاج فقر الدم يجدر التنبيه إلى أنّ بعض حالات فقر الدم تكون بسيطة أو معتدلة في شدتها فلا تستدعي القلق، ومن الأمثلة على ذلك فقر الدم المصاحب لبعض حالات الحمل، في حين أنّ بعض حالات فقر الدم قد تكون شديدة وقد تكون أعراضها ظاهرة للعيان ولفترات طويلة، ولأنّ خلايا الدم الحمراء مسؤولة عن إيصال الأكسجين إلى أعضاء الجسم المختلفة، فإنّه ومن المتوقع أن يُعاني المصاب بالأنيميا من أعراض ترتبط بنقص الأكسجين في الجسم، مثل الشعور بالتعب والإعياء العام، بالإضافة إلى برودة الأطراف، وشحوب لون البشرة، والشعور بالدوخة، وزيادة سرعة ضرباتالقلب، وضيق التنفس وغير ذلك.
ولمعرفة المزيد عن فقر الدم يمكن قراءة المقال الآتي: (أسباب فقر الدم وعلاجه وأعراضه).
يعتمد علاج فقر الدم بصورة رئيسية على علاج المسبب، وحقيقة تُعدّ الأسباب المحتملة لفقر الدم كثيرة، وبشكل عام لُخّصت هذه الأسباب في ثلاث مجموعات، وهي فقر الدم الناجم عن عدم تصنيع أو إنتاج عدد كافٍ من خلايا الدم الحمراء السليمة، وفقر الدم الناجم عن حدوث النزيف، وأخيرًا فقر الدم الناجم عن تحطيم خلايا الدم الحمراء بصورة أعلى من المعدل الطبيعيّ، ومن الجدير بالذكر إنّ كلّ مجموعة من هذه المجموعات يندرج تحتها عدد من الأسباب، وفيما يأتي بيان علاج الأنيميا بحسب هذه الأسباب بشيء من التفصيل:
يُعرف فقر الدم الناجم عن عوز الحديد (بالإنجليزية: Iron Deficiency Anemia) بأنّه الحالة التي تتمثل بانخفاض معدل الحديد في الجسم عن الوضع الطبيعيّ، وإنّ هذه الحالة تتراوح في شدتها بين البسيطة التي لا تُسبب ظهور أي أعراض أو علامات تُذكر والحالات الشديدة التي تُسبب أعراضًا ملحوظة، وحقيقة يعتمد علاج فقر الدم الناجم عن عوز الحديد على مدى شدة الحالة بالإضافة إلى احتمالية اللجوء لعلاج المُسبب في بعض الأحيان إن دعت الضرورة، وفيما يأتي بيان الخيارات العلاجية المتاحة بشيء من التفصيل:
يحتاج نخاع العظم لفيتامين ب12 لتصنيع خلايا الدم الحمراء، ويمكن الحصول عليه من مصادره الغذائية في الوضع الطبيعيّ، مثل: اللحوم، والحليب، والبيض، وحقيقة تُنتج المعدة بروتينًا يُعرف بالعامل الداخلي (بالإنجليزية: Intrinsic Factor)، وهو مسؤول عن تعزيز امتصاص فيتامين ب12 في الأمعاء، ومن الممكن أن يُعاني البعض من فقر الدم الناجم عن عوزفيتامين ب12، وذلك إمّا بسبب عدم الحصول على الغذاء الغنيّ به بكميات كافية، وإمّا بسبب ضعف امتصاص الجسم لهذا الفيتامين، أو بسبب عدم امتلاك النسبة الكافية من العامل الداخليّ؛ والسبب الأخير يُعزى لوجود خلل مناعي يتسبب بمهاجمة جهاز المناعة لخلايا المعدة المُنتجة للعامل الداخلي أو الخضوع لجراحة تسببت باستئصال خلايا المعدة المُنتجة له، وإنّ علاج فقر الدم الناجم عن عوز فيتامين ب12 سهل في أغلب الحالات، وهو يعتمد بصورة رئيسية على تناول الأطعمة المحتوية عليه مثل اللحوم والكبد والحبوب المُدعّمة به إلى جانب المصادر المذكورة سابقًا، وقد يُلجأ إلى إعطاء مكملات فيتامين ب12 على شكل حبوب فموية أو عن طريق الحقن أو حتى على شكل بخاخ أنفي بحسب حالة المصاب، فمثلًا في حال وجود مشكلة في امتصاص فيتامين ب12 فإنّه يُلجأ للحقن في الغالب أو إعطاء الحبوب الفموية لمدى الحياة، وأخيرًا يمكن أن يلجأ المختص لعلاج المُسبب إن اقتضت الحاجة، ويجدر التنبيه إلى ضرورة الالتزام بالجرعات الموصوفة تجنيًا لأيّ مخاطر.
يحتاج الجسم لحمض الفوليك (بالإنجليزية: Folic Acid) كذلك لتصنيع خلايا الدم الحمراء، وعليه فإنّ نقصحمض الفوليكيُعيق إنتاج خلايا الدم الحمراء، فيُسبب فقر الدم المعروف بذلك الناجم عن عوز حمض الفوليك، وحقيقة يُعدّ حمض الفوليك أحد أنواع فيتامينات ب، ولفهم علاج هذه الحالة لا بُدّ من بيان أسبابها باختصار، والتي تتمثل بما يأتي:
وحقيقة يعتمد علاج فقر الدم الناجم عن عوز حمض الفوليك على إعطاء مكملات حمض الفوليك بشكل أساسيّ، وذلك في الغالب لمدة أربعة شهور، وقد يتطلب الأمر علاجًا لفترة أطول من ذلك في حال كان المُسبب مستمرًا، ويجدر التنويه إلى ضرور إجراء فحص لقياس مستوى فيتامين ب12 قبل العلاج بحمض الفوليك، وذلك لأنّ تعويض حمض الفوليك قد يُغطي على نقص فيتامين ب12، الأمر الذي يُسبب مضاعفات نقص فيتامين ب12 لتركه دون علاج، وإلى جانب المكملات يُنصح بتعديل النظام الغذائي للتركيز على تناول المصادر الغنية به، مثل: البروكلي، والأرز البني، والبازيلاء، والهليون، وكرنب البروكسل، هذا بالإضافة إلى ضرورة معالجة المُسبب والتخلص من شرب الكحول، ويجدر التنويه إلى أنّ نقص حمض الفوليك أثناء الحمل قد يُسبب اعتلالات في الأنبوب العصبي لدى الجنين، ولذلك يُنصح بأخذه خلال الأشهر الأربعة الأولى من الحمل.
على الرغم من وجود الحديد بكميات كافية وربما فائضة في مخازنه في حال الإصابة ببعض الأمراض المزمنة، إلا أنّ الالتهابات التي تُحدثها هذه الأمراض في الجسم تحول دون قدرة الجسم على استخدام هذا الحديد المخزّن، وبذلك يقل إنتاج خلايا الدم الحمراء، ويُعاني المصاب من فقر الدم، وفي سياق هذا يُشار إلى أنّ أكثر الأمراض المزمنة تسببًا بالالتهابات هي مرض الكلى المزمن،وأمراض المناعة الذاتية، والسرطانات، والتهاب المفاصل الروماتويدي (بالإنجليزية: Rheumatoid Arthritis) وأمّا بالنسبة لعلاج فقر الدم الناجم عن هذه الحالات فيتمثل بما يأتي:
تُعرف حالة فقر الدم اللاتنسجي (بالإنجليزية: Aplastic Anemia) بالمشكلة الصحية التي تتمثل بعدم قدرة نخاع العظم على إنتاج عدد كافٍ من خلايا الدم الحمراء، وخلايا الدم البيضاء، والصفائح الدموية، الأمر الذي يُسفر عن المعاناة من فقر الدم، وزيادة فرصة الإصابة بالعدوى، ومواجهة مشاكل في تخثر الدم، وحقيقة توجد كثير من الحالات التي لا يكون السبب الكامن وراء المعاناة من فقر الدم اللاتنسجي واضحًا، بينما توجد حالات أخرى يمكن للطبيب المختص معرفة السبب الكامن وراءها، مثل التعرض للمعادن الثقيلة، والتعرض للإشعاع، ووجود تاريخ للإصابة بأحد أمراض المناعة الذاتية مثلالذئبة، وأخذ بعض أنواع مضادات التشنجات أو الأدوية الأخرى، وغير ذلك، ويمكن تلخيص أهم الطرق العلاجية التي قد يُلجأ إليها للسيطرة على هذه الحالة كما يأتي:
يُطلق مصطلح فقر الدم الانحلالي (بالإنجليزية: Hemolytic anemia) على الحالة التي تتكسر فيها خلايا الدم الحمراء بصورة أسرع من المعدل الطبيعيّ، وقد يكون ذلك إمّا ناجمًا عن اضطراب في خلايا الدم الحمراء، وإمّا بسبب وجود عامل يُسبب تكسيرها بوقت أبكر ممّا يجب، ويعتمد اختيار علاج فقر الدم الانحلاليّ على حالة المصاب وطبيعة المشكلة التي يعاني منها على وجه التحديد، وبشكل عام يمكن بيان الخيارات المتاحة فيما يأتي:
تُعدّ الثلاسيميا (بالإنجليزية: Thalassemias) من المشاكل الصحية المورثة التي تنتقل من الآباء إلى الأبناء، وحقيقة توجد عدة أنواعللثلاسيمياتتفاوت في درجة شدتها وخطورتها، ومنها ما يكون بسيطًا للغاية فلا يتطلب أيّ علاج، ومنها ما يكون شديدًا، ومن الخيارات العلاجية المتاحة للسيطرة على أعراض الثلاسيميا ما يأتي:
يُعرّف فقر الدم المنجلي (بالإنجليزية: Sickle Cell Anemia) بهذا الاسم نسبة إلى شكل خلايا الدم الحمراء؛ إذ يتغير شكل مركب الهيموغلوبين، الأمر الذي يُحدث تغييرًا في شكل خلايا الدم الحمراء، ومن المؤسف أنّ الخلايا المنجلية غير مرنة ولا تستطيع تغيير شكلها بسرعة، ولذلك فإنّ جزءًا كبيرًا منها ينفجر أثناء مرورهبالأوعية الدموية، وما يتبقى تكون دورة حياته أقل من المعتاد، وهنا يقف نخاع العظم عاجزًا أمام السرعة في التحطيم، فلا يستطيع تصنيع خلايا دم حمراء بسرعة مماثلة، فيُعاني المصاب من فقر الدم، وحقيقة تُعدّ زراعة نخاع العظم أو الخلايا الجذعية الطريقة الوحيدة لعلاج فقر الدم المنجلي، ولكن نظرًا للمضاعفات المترتبة عليها فإنّها لا تُستخدم إلا للأطفال ذوي الحالات الشديدة من فقر الدم المنجليّ الذين وُجد لهم مُتبرع مناسب، وأمّا بالنسبة للخيارات المتاحة للسيطرة على الأعراض وتقليل خطر ظهور المضاعفات فمنها الآتي:
"