ماهو عذاب يوم القيامة.

الكاتب: حنان حوشان -
ماهو عذاب يوم القيامة.

ماهو عذاب يوم القيامة.

 

مبدأ الثواب والعقاب

 
مبدأ الترغيب والترهيب من المبادئ الأساسيّة التي قامت عليها القوانين والأنظمة والأديان السماويّة، فجعلت من الثواب والعقاب سنّةً ثابتةً ودائمةً، سواءً في الحياة الدنيا، أو في الحياة الآخرة، حيث إنّ الله -عزّ وجلّ- قرّر وحدّد العقوبات في الدُّنيا في كتابه الحكيم، إضافةً إلى العقوبات، وقد ورد العذاب في القرآن الكريم بعدّة ألفاظٍ، وبيانها على النحو الآتي:[]
 
العذاب: وهو لفظٌ ورد مع مشتقاته في كتاب الله -تعالى- ثلاثمئةٍ وسبعين مرّةً.
النار: والتي ذكرت في القرآن الكريم بالأسماء التسعة؛ وهي: جهنّم، وجحيم، وسَعِير، وسَقَر، وسَمُوم، وسجّين، وحُطمة، ولَظَى، وهاويةٌ.
العقاب: ولفظ العقاب ورد في الكتاب الحكيم في ثمانية عشر مرّةً.
الرِّجْز: وقد ورد لفظ الرِّجْز في عددٍ من المعاني؛ كالصنم، والكيد، إضافةً إلى معنى العذاب الذي استُخدم في أغلب المعاني، حيث استُعمل لفظ الرِّجْز في كتاب الله -تعالى- في عشرة مواضع.
النَّكَال: وهذا اللفظ ورد في القرآن الكريم خمس مرّاتٍ.
 
 

عذاب يوم القيامة

 
 

صفة النّار يوم القيامة

 
يظنّ البعض بأنّه قادرٌ على تخيّل نار يوم القيامة، وذلك اعتماداً على مقارنتها مع نار الحياة الدُّنيا، وحرّها، إلّا أنّ ذلك يشوبه الكثير من الأخطاء، حيث إنّ نار الحياة الدُّنيا ليست إلّا جزءاً بسيطاً من نار جهنّم، فقد قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (نَارُكُمْ جُزْءٌ مِن سَبْعِينَ جُزْءًا مِن نَارِ جَهَنَّمَ، قيلَ يا رَسولَ اللَّهِ إنْ كَانَتْ لَكَافِيَةً قالَ: فُضِّلَتْ عليهنَّ بتِسْعَةٍ وسِتِّينَ جُزْءًا كُلُّهُنَّ مِثْلُ حَرِّهَا)، كما أنّ حرّ الحياة الدُّنيا ما هو إلّا نفسٌ من أنفاس نار جهنّم، كما أخرج البخاريّ عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: (اشْتَكَتِ النَّارُ إلى رَبِّهَا فَقالَتْ: رَبِّ أكَلَ بَعْضِي بَعْضًا، فأذِنَ لَهَا بنَفَسَيْنِ: نَفَسٍ في الشِّتَاءِ ونَفَسٍ في الصَّيْفِ، فأشَدُّ ما تَجِدُونَ مِنَ الحَرِّ، وأَشَدُّ ما تَجِدُونَ مِنَ الزَّمْهَرِيرِ)،[٣] إنّها نار جهنّم التي وعد الله العقاب فيها، فأهلها يرجون لو كانوا تراباً، حيث قال -جلّ وعلا-: (يُبَصَّرُونَهُمْ يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ*وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ*وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْوِيهِ*وَمَن فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ يُنجِيهِ).[
 
 
أمّا الطعام في نار يوم القيامة فهو كريهٌ، شديد المرارة والنتانة والخُبْث، لا يسدّ الجوع، ولا يفيد الجسم، قال الله -تعالى- في أهل النّار: (لَّيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِن ضَرِيعٍ*لَّا يُسْمِنُ وَلَا يُغْنِي مِن جُوعٍ)،[] ومن طعام أهل النّار؛ شجرة الزّقوم، ذات الطعم المُهل والنَتِن، والخباثة في طعمها ورائحتها، تلك الشجرة التي تُنبت في نار جهنّم، وتُسقى من صديد أهل النّار، طعمها عظيم الحرارة في البطون، قال -تعالى-: (إِنَّ شَجَرَتَ الزَّقُّومِ*طَعَامُ الْأَثِيمِ*كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ*كَغَلْيِ الْحَمِيمِ)،[ ولا يختلف كثيراً شراب أهل النّار عن طعامهم في صفاته؛ فهو شرابٌ شديد الحرارة له طعمٌ كريهٌ، ورائحته خبيثةٌ، يجمع بين الدَّم والقَيْح، غليظٌ أسود، حارٌّ ذو نتانةٍ، قال -تعالى-: (وَاستَفتَحوا وَخابَ كُلُّ جَبّارٍ عَنيدٍ*مِن وَرائِهِ جَهَنَّمُ وَيُسقى مِن ماءٍ صَديدٍ*يَتَجَرَّعُهُ وَلا يَكادُ يُسيغُهُ وَيَأتيهِ المَوتُ مِن كُلِّ مَكانٍ وَما هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِن وَرائِهِ عَذابٌ غَليظٌ)،[] في حين أنّ ثياب أهل النّار من القُطْران؛ وهو النُّحاس المُذاب شديد الحرارة، كما أنّ فراشهم وأغطيتهم من النّار، قال -تعالى-: (لَهُم مِّن فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِّنَ النَّارِ وَمِن تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ ذَلِكَ يُخَوِّفُ اللَّـهُ بِهِ عِبَادَهُ يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ).]
 
 
 

أنواع العذاب يوم القيامة

 
كلّ مَن عصى بالله -عزّ وجلّ-، أو أشرك به؛ له نار جهنّم جزاءً من ربّ العالمين، إلّا أنّه -جلّ وعلا- جعل من نار جهنّم أنواعاً وأصنافاً للعذاب، تتناسب مع شدّة الشِّرك بالله -عزّ وجلّ-، إذ إنّه ليس بغافلٍ عن عباده، فهو العالم بكلّ شيءٍ من قولٍ، أو فعلٍ، أو غيرهما، فهو -جلّ وعلا- يعلم ما في النّفس، حيث قال -تعالى-: (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ)،[] فلا شكّ أنّ العبد تحت رقابةٍ دائمةٍ في كلّ شيءٍ، وفي يوم القيامة يكشف الله الأمر، فيُعرض الجميع على الخالق ربّ العالمين، فأهل النّار جُعِل لهم أنواعاً وأشكالاً لعذابهم، وهي كالآتي:[
 
السَّحب على الوجوه في نار جهنّم، قال -تعالى-: (إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ*يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ).]
حَشْر أهل النّار وهم عميٌ وبُكْمٌ وصُمٌّ على وجوههم إلى نار جهنّم، قال -تعالى-: (وَنَحشُرُهُم يَومَ القِيامَةِ عَلى وُجوهِهِم عُميًا وَبُكمًا وَصُمًّا مَأواهُم جَهَنَّمُ كُلَّما خَبَت زِدناهُم سَعيرًا).]
تقليب الوجوه في النّار، قال -تعالى-: (يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّـهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا).[
صَهْر أهل النّار في جهنّم، قال -تعالى-: (فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِّن نَّارٍ يُصَبُّ مِن فَوْقِ رُءُوسِهِمُ الْحَمِيمُ*يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ
وضع أهل النّار في مكانٍ ضيقٍ بنّار جهنّم، قال -تعالى-: (وَأَعْتَدْنَا لِمَن كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ سَعِيرًا*إِذَا رَأَتْهُم مِّن مَّكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا*وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَانًا ضَيِّقًا مُّقَرَّنِينَ دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُورًا*لَّا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُورًا وَاحِدًا وَادْعُوا ثُبُورًا كَثِيرًا).
التردّي من الجبال؛ بالصعود إلى أعلى، ثمّ السقوط في نار جهنّم، قال -تعالى-: (سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا)
 
 

أسباب العذاب يوم القيامة

 
أنعم الله -تعالى- على عباده بالدِّين، الذي يؤمّن المنافع لهم، سواءً في الحياة الدُّنيا، أو في الحياة الآخرة، فلا شكّ بأنّ الطاعات والمعاصي لا تضرّ الله -جل في عُلاه-، ولا تنفعه، فهو مالك المُلك، الغنيّ، العظيم، حيث قال -تعالى-: (وَمَن جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّـهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ)،[] فسعادة الإنسان في الدُّنيا والآخرة مرتبطةٌ بإيمانه بالله -عزّ وجلّ-، والعمل بشرعه، ومن أجل ذلك أرسل الله -تعالى- الرُّسل، مُبشّرِين ومُنذرين، كما أنزل الكتب، فتحقيق العبوديّة والإيمان بالوحدانيّة؛ يكون بالامتثال لأوامر الله -تعالى-، والبُعد عمّا نهى عنه، ومن التزم بذلك فقد وعده الله -تعالى- بفوزٍ في الحياة الدُّنيا، وفوزٍ في الآخرة، أمّا مَن لم يلتزم؛ فوعيده خسرانٌ في الدُّنيا، وخسرانٌ في الآخرة،] والخسران في الآخرة يقود إلى نار جهنّم، الذي يكون بسبب تكذيب رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-، بما جاء به من توحيدٍ لله -عزّ وجلّ-، بالإضافة إلى عدم طاعة الله ورسوله، وارتكاب المعاصي، فقد قال -تعالى-: (فَلَا صَدَّقَ وَلَا صَلَّى*وَلَـكِن كَذَّبَ وَتَوَلَّى)،٢] كما أوضح الله -تعالى- في كتابه الحكيم العديد من المعاصي التي تُلقي بصاحبها إلى التَهْلكة، وفي نار جهنّم، ومن أبرز تلك المعاصي:
 
 

الشّرك بالله -تعالى-.

 
عدم الالتزام بضوابط شَرْع الله، وتكاليفه.
طاعة أهل الضلال فيما ساروا إليه.
النفاق، والذي يضع صاحبه في الدَّرْك الأسفل من النّار.
الكِبَر؛ وهو من الصفات العامّة لأهل النّار.
 
 

كيفيّة النّجاة من العذاب يوم القيامة

 
تعدّدت أسباب النّجاة من العذاب يوم القيامة، والتي ترتبط بالإيمان بالله -تعالى-، والعمل الصالح، وكذلك حبّ الله -تعالى-، والصيام، إضافةً إلى مخافة الله، كما أنّ النّجاة من النار تكون باستجارة ربّ النّار منها،] وعلى ذلك فأسباب النّجاة من نار جهنّم كثيرةٌ وعديدةٌ، تتلخّص فيما يأتي:[
 
الإيمان، ووحدانية الله -تعالى-، وذلك من أعظم أسباب النّجاة، فالشهادة بأن لا إله إلّا الله وأنّ محمّداً رسول الله؛ وسامٌ كبيرٌ لمن آمن بها في الحياة الدُّنيا ويوم القيامة.
تقوى الله -تعالى-، والإيمان به.
حبّ الناس في الله -تعالى-، بالإضافة إلى صِلَة الرَّحْم.
سلامة القلب من الشّرك والشّك.
 
 
شارك المقالة:
55 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook