عندما يستخدم أحد الوالدين الضرب لجعل طفله يتصرّف بالشكل الصحيح، فإنّه بذلك يُخبره بأنّ ضرب الأشخاص الأصغر سناً منه، والأضعف قوّة وسيلةً مقبولةً للحصول منهم على ما يُريد، وبهذا سيتعلمالطفلالتعدي بالضرب على الأطفال الصغار في المدرسة، هذا عدا عن أنّ هناك احتمالية أكبر لأن يضرب زوجته مستقبلاً عندما يكبر ويتزوج.
ينظر الأطفال غالباًللضربعلى أنّه سلوك غير عادل في حقّهم، وهناك احتمالية لتمرّدهم ضد العقوبات البدنيّة أكثر من تمرّدهم ضد تقنيات التأديب الأخرى، هذا فضلاً عن أنّه في كثير من الأحيان يتزايد شعور الطفل بالظلم حتى يصل إلى الشعور بالإهانة والذل، الأمر الذي يؤدي إلى شعوره بقلة الثقة بمن حوله، والتمرد، إضافةً إلى عدم شعوره بالعالم المحيط الذي لا يشعر به في وجهة نظره.
يتذكر الأشخاص الأحداث الحزينة التي مرّوا بها خلال حياتهم أكثر من تذكّر تفاصيل الأحداث السعيدة التي عاشوها، فكل شخص يتذكر بكل بوضوح لحظات العقاب والضرب التي يتلقاها بعد ارتكاب الأخطاء، وكيف أثر عليه ذلك جسدياً وعقلياً، بينما لا يتذكّر تفاصيل المشاهد السعيدة بقدر مشاهد الضرب والتعنيف؛ لأن الذكريات السيئة تحجب الذكريات السعيدة؛ لذا لا بد من ملء ذاكرة الأطفال بالكثير من الذكريات السعيدة.
يُؤدي الضرب إلى شعور الطفلبالخوف، والعدوان، والقلق، وكان من المتوقع أنّ معانقة وتقبيل الأهل للطفل بعد ضربه يؤدي إلى معالجة الأمر، والتخفيف من التأثير العاطفي عليه، إلّا أنّ الدراسات أثبتت خطأ هذه النظرية، إذ وضحت دراسة أجريت في ثماني دول، وشملت على أكثر من ألف طفل تتراوح أعمارهم بين ثماني وعشر سنوات أنّ حنان الأم، أو حبّها يُمكن أن يُقلّلان فعلاً من تأثير الضرب قليلاً عندما يتعرّض الطفل لمستويات منخفضة من العقوبة البدنيّة، ولكن دون أن يزول العدوان، والقلق الناتجين عن تلك العقوبة تماماً، كما وجدت هذه الدراسة أنّه نادراً ما يقلل الحب من تأثير العقاب البدني عالي المستوى.
"