لقد اتفق الفقهاء على أن من حلف على يمين ثم حنث فيه وتراجع عن إمضائه، ثم كفر بعد ذلك فإنَّ الكفارة تُجزئه، واختلفوا على ذلك بأقوال فيما إذا كفر عن يمينه قبل الحنث، هل تجزئ الكفارة أم لا.
القول الأول: أن الكفارة تجزئ قبل الحنث، وهو روايةً لمالك، وهو مذهب أحمد. وكان دليل أصحاب هؤلاء القول ما يلي:
– من كتاب الله تعالى:”لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَٰكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الْأَيْمَانَ ۖ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ ۖ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ۚ” المائدة:89. فقال القرطبي: اليمين سبب الكفارة؛ ولذلك لقوله تعالى:”ذَٰلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ” المائدة:89. فأضَاف الكفارة إلى اليمين، والمعاني تُضاف إلى أسبابها؛ وأيضاً فإنَّ الكفارة بدل عن البر فيجوز تقديمها قبل الحنث.
القول الثاني: أن الكفارة لا تجزئ قبل الحنث، وهو قول أبي حنيفة، وروايةً لمالكٍ. وقد استدل أصحاب هؤلاء القول بما يلي:
– قال الرسول صلى الله عليه وسلم: لا تسأل الإمارة فإنك إنَّ أعطيتها عن مسألة وكلت إليها، وإنَّ أعطيتها من غير مسألة أعنت عليها، وإذا حلفت على يمين ورأيت خيراً منها فأتِ الذي هو خير وكفر عن يمينك. أخرجه البخاري.
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) لفهم كيفية استخدامك لموقعنا ولتحسين تجربتك. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط.