ثبت في السنة النبوية المطهّرة أنّ الشياطين تُصفّد في شهر رمضان، حيث قال الرسول -عليه الصلاة والسلام-: (إِذَا جَاءَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ، وَسُلْسِلَتْ الشَّيَاطِينُ)، وقد اختلف علماء الأمة الإسلامية في معنى تصفيد الشياطين في رمضان؛ فنقل العلامة ابن حجر العسقلاني عن الحليمي أنّ التصفيد في الحديث يُقصد به أنّ الشياطين في شهر رمضان لا يتمكّنون من تحقيق مآربهم في غواية المسلمين؛ بسبب انشغالهم بالذكر والطاعات وقراءة القرآن، بينما ذهب آخرون ومنهم ابن عياض إلى الاعتقاد بأنّ معنى التصفيد والسلسلة في الحديث يُؤخذ على ظاهره؛ فالشياطين تُصفّد حقيقةً في رمضان، ويكون ذلك علامةً لدخول الملائكة لتحمي المسلمين من أذى الشياطين ووساوسها، وقيل أيضاً إنّها كنايةٌ عن قلّة إغوائهم في الشهر الفضيل؛ بسبب عجزهم عن ذلك، أو بسبب كثرة عفو الرحمن عن المذنبين والمستغفرين في الشهر الفضيل فيكون الشياطين كالمصفّدين، وقد رجّح العلامة الشيخ ابن عثيمين القول بتصفيد الشياطين حقيقةً، وأنّ ذلك لا يمنع من وقوع بعض الذنوب والمعاصي.
قرّر علماء الأمة أنّ تصفيد الشياطين في رمضان لا يعني عدم وقوع الذنوب والشرور فيه، فالمعاصي كما ذهب الإمام القرطبي قد يكون لها أسبابٌ أخرى غير وسوسة الشياطين؛ ومنها: النفوس الخبيثة، وشياطين الإنس، كما أنّ للعادات السيئة دورٌ في ارتكاب المعاصي في رمضان، فهناك من الناس من اعتاد الزنا وشرب الخمر فلا يرتدع في رمضان بسبب اعتياده لتلك المعاصي، كما تساهم الفتن في ارتكاب الذنوب في شهر رمضان؛ كانتشار الأفلام الخليعة وغيرها، وقيل إن تصفيد الشياطين لا يمنع من وسوستها للإنسان، لكنه يكون أضعف بكثير.
من الأساليب التي يتمكّن المسلم بها من دفع وساوس الشياطين؛ التعوّذ بالله من شرورهم، والاجتهاد في الطاعات والعبادات، والابتعاد عمّا نهي الله عنه من المعاصي والذنوب، والحذر من مكائد الشياطين، وعرض خواطر النفس على كتاب الله وسنة نبيه وإجماع الأمة؛ فما وافقها من الخواطر والأفكار كان صواباً وحقاً، وما خالفها كان باطلاً يجب اجتنابه
موسوعة موضوع
العربية
