يُعرف السعال الدّيكي (بالإنجليزيّة: Whooping Cough) أو الشّاهوق (بالإنجليزيّة: Pertussis) بأنّه عدوى بكتيرية تُصيب الجهاز التنفسي، ويُعزى حدوثها إلى بكتيريا البورديتيلة الشّاهوقيّة (بالإنجليزيّة: Bordetella Pertussis)، وتتمثل هذه الحالة بمعاناة المصاب من سُعالٍ حادٍّ متقطّع متبوعٍ بشهيقٍ ذي صوتٍ مرتفعٍ مشابهٍ لصياح الديك، ولذلك يُعرف هذا المرض بالسعال الديكيّ، ومن الممكن أن تنتقل هذه العدوى من شخصٍ لآخر عن طريق التعرض لرذاذ يحتوي البكتيريا المُسببة للمرض، بحيث ينتج الرذاذ في معظم الحالات عن سعال أو عطاس شخص مُصاب بالمرض، وبالرغم من أنّ السُّعال الدّيكي يعدُّ منالأمراض شديدة العدوى، إلاّ أنّه من الممكن الوقاية من الإصابة به عن طريق أخذ اللقاح الخاصّ بالمرض، وفي الحقيقة، إنّ السُّعال الدّيكي قد يُصيب في الوقت الحالي بشكل أساسيّ الأطفال الصغار الذين لم يُكملوا اللقاحات بعد، والمراهقين والبالغين الذين يعانون من ضعفٍ في المناعة،ووفقاً للإحصائيات الصادرة عن منظمة الصحّة العالميّة (بالإنجليزية: World Health Organization) لعام 2018، فإنّ عدد حالات الإصابة بالسُّعال الدّيكي تبلغ حوالي 151,074 على مستوى العالم.
يُشار إلى أنّ فترة حضانة السعال الديكي تبلغ حوالي 7-14 يوم في العادة،وبشكلٍ عامّ قد تتراوح هذه الفترة بين 4-21 يوماً، بحيث تتمثل الإصابة بالسعال الديكي سريرياً بثلاث مراحل؛ ألا وهي المرحلة النزليّة (بالإنجليزيّة: Catarrhal stage)، ومرحلة السعال الانتيابي (بالإنجليزيّة: Paroxysmal cough)، ومرحلة النقاهة (بالإنجليزيّة: Convalescent)، وتتراوح مدة المرحلة النزلية بين أسبوع إلى أسبوعين، وتتمثل أعراض هذه المرحلة بحدوث سيلان الأنف، والعطاس، والحمى البسيطة، إضافة إلى السعال الخفيف العرضي والذي تزداد شدّته تدريجياً، وفيما يتعلّق بمرحلة السعال الانتيابي فهي تستمر من أسبوع إلى ستة أسابيع وتتمثل هذه المرحلة بمُعاناة الشخص من نوبات السّعال السّريعة والمُتكررة بما يحول دون خروج المخاط من الشجرة الرغامية القصبية (بالإنجليزية: Tracheobronchial tree)، وقد يُصاحبها ازرقاق الوجه، والتقيؤ، والإرهاق، وتحدث النوبات خلال هذه المرحلة بشكلٍ أكبر أثناء الليل بما معدله 15 نوبة سعال لكلّ 24 ساعة، بحيث يزداد تكرار النّوبات مع مرور الوقت ومن ثمّ تقل تدريجياً حتى نهاية هذه المرحلة، وعند الحديث عن مرحلة النقاهة فيجدُر بالذكر أنّها تستمر من أسابيع إلى أشهر بحيث يُصاحب هذه المرحلة تحقيق التّعافي من المرض بشكلٍ تدريجي.
ولمعرفة المزيد عن السعال الديكي يمكن قراءة المقال الآتي: (ما هو السعال الديكي أعراضه وعلاجه).
يعدّ العلاج المبكّر لمرض السُّعال الدّيكي أمراً مهماً للغاية؛ فإعطاء العلاج المناسب خلال الأسبوعين الأول والثاني من الإصابة بالمرض وقبل حدوث نوباتالسُّعاليُخفّف من شّدة الأعراض، وينبغي التنويه إلى أنّ بعض الحالات تستوجب البدء بالعلاج حتى قبل ظهور نتائج الفحوصات المخبرية؛ منها الأفراد الذين يملكون تاريخًا مرضيًّا يوحي بالإصابة بالسّعال الديكي بدرجةٍ كبيرةٍ، والأفراد المعرّضون لخطر الإصابة بحالةٍ أو مُضاعفاتٍ شديدة مُرتبطة بالمرض؛ مثل الأطفال الرضّع، وبناءً على التوجيهات المُقدّمة لعلاج السعال الديكي فإنّه يُوصى بعلاج الأفراد الذين تزيد أعمارهم عن سنة خلال ثلاثة أسابيع من بدء السعال، بينما يُوصى بعلاج الأطفال الرّضع الذين تقلّ أعمارهم عن سنة واحدة والنّساء الحوامل لاسيّما اللاتي اقتربن منموعد الولادةخلال ستة أسابيع من بدء السّعال، ومن الجدير بالذكر أنّ فترة العدوى للسعال الديكي تستمرّ من بداية المرحلة الأولية ذات الأعراض المشابهة لنزلات البرد، وتمتدّ حتى الأسبوع الثالث بعد بدء نوبات السّعال الانتيابي، أو حتى خمسة أيام من بدء العلاج بالمضادات الحيوية الفعّالة.
يعتمد اختيار نوع المُضاد الحيوي الأنسب لحالة المريض على عدّة عوامل أهمّها؛ الآثار الجانبية المُحتملة،والتفاعلات الدوائية، ومقدرة الجسم على التحمّل، وسهولة الالتزام بالجرعات الموصوفة، وكلفة الدواء، ويُمكن بيان أبرز المُضادات الحيوية التي توصف في حالات السّعال الديكي على النّحو الآتي:
قد يصِف الطبيب المُضادات الحيويّةكعلاج وقائيفي بعض الحالات؛ تحديدًا عند وجود اتصال مباشر وحثيث مع المُصابين بالسّعال الديكي لا سيّما أفراد الأسرة الواحدة، مع ضرورة التّأكد من عدم وجود موانع استخدام، وبشكلٍ عامّ يعتمد وصف العلاج الوقائي على عدّة عوامل؛ أهمّها مدى القدرة على نقل العدوى والمرض للآخرين، ودرجة التعرّض للعدوى، والمُضاعفات المحتملة عند التعرّض للسعال الديكي الشديد، وتجدر الإشارة إلى أنّ مراكز مكافحة الأمراض واتقائها تُوصي بشكل عامّ بإعطاء العلاج الوقائي لمن هم على اتصال مباشر مع المصاب بالسعال الديكيّ إذا كانوا من الفئات الحرجة؛ أي التي تكون عرضة لفرصة تطوير المضاعفات بصورة أكبر من أقرانهم، ومن هذه الفئات: الأطفال الذين تقلّ أعمارهم عن سنة واحدة، والنّساء في الثلث الثالث من الحمل، والعاملون في مجال الرعاية الصحية ممن هم على اتصال مباشر مع المصابين بالسعال الديكيّ، وتجدر الإشارة إلى أنّ أدوية المُضادات الحيويّة وجرعاتها الموصى بها كعلاج وقائي هي نفسها المُستخدمة للعلاج.
قد تتطلّب بعض حالات السّعال الديكي الشديدة إدخال المريض إلى المستشفى؛ ويُعتبر ذلك أكثر شيوعًا لدى الأطفال الذين تقلّ أعمارهم عن ستة أشهر، ويتضمّن العلاج في المستشفى التأكد من حصول المصاب على الأكسجين بكميةٍ كافية، وإجراء شفط للمُخاط والإفرازات، وإعطاء السّوائل بالتنقيط عن طريق وصل أنبوب في يد أو ذراع المريض بما يُساهم في الحدّ من حدوث الجفاف، مع الحرص على عزل الطفل عن الآخرين في سبيل منع انتشار المرض والأخذ بعين الاعتبار ضرورة مراقبة علامات المضاعفات،وقد يتطلّب الأمر إخضاعه للتغذية الأنفيّة المعويّة، والتي تتمثل بإعطاء الطفل الغذاء باستخدام أنبوب يعبر من الأنف أو الفم إلى المعدة،في حين تستلزم بعض الحالات الشديدة إخضاع المريض للتهوية الميكانيكية (بالإنجليزية: Mechanical ventilation)؛ تحديدًا الحالات التي يُعاني فيها المريض من مُضاعفات مُعينة، مثل: انقطاع النَّفَس (بالإنجليزية: Apnea)، أو الفشل التنفسي (بالإنجليزية: Respiratory failure)، أو الالتهاب الرئوي (بالإنجليزية: Pneumonia).
في الحقيقة فإنّه لا يُوصى باستخدام أدوية أخرى لعلاج الأعراض المصاحبة للسعال الديكي مثل؛ الكورتيكوستيرويدات (بالإنجليزية: Corticosteroids)، وموسّعات الشعب الهوائية (بالإنجليزية: Bronchodilators)، ومضادات السّعال (بالإنجليزية: Antitussives)، ومضادات الهيستامين (بالإنجليزية: Antihistamines)؛ حيث إنّه لم يتم تقييم فعالية هذه الأدوية بشكلٍ كافٍ في علاج السعال الديكيّ،ويُمكن اتباع مجموعة من الإرشادات والنّصائح التي تُساهم في تخفيف أعراض السُّعال الديكي وتُقلّل من احتمالية انتقال العدوى للآخرين، وفيما يأتي بيان لأبرز هذه النّصائح والإرشادات:
بشكلٍ عامّ تُعتبر الإصابة بالسّعال الديكي إحدى الحالات التي تستوجب زيارة الطبيب، إذ يجب علاجها تحت إشراف الطبيب؛ باتباع توصياته والعلاجات التي يصِفُها، وعند بيان دواعي زيارة الطبيب في حالات السعال الديكي يجدُر توضيحها على النّحو الآتي:
يُعدّ تلقيلقاحالسعال الديكي أساسيًّا في الوقاية من الإصابة بهذه الحالة والحدّ من انتشارها، وتجدر الإشارة إلى أنّ لقاح السعال الديكي يتوفّر ضمن تركيبة صيدلانية تحتوي على مجموعة مناللقاحاتمعاً، والتي تقي من الخناق والكزاز والسعال الديكي،ويتم عادةً إعطاء اللقاح للأطفال ضمن جدول التطعيم في مواعيد محدّدة من عمر الطفل وذلك وفقًا للدولة وطبيعة جدول المطاعيم المُتّبع فيها، ووفقًا لمنظمة الصحّة العالمية (بالإنجليزية: World Health Organization) فتُعطى الجرعة الأول من مطعوم السعال الديكي في الأسبوع السادس من العمر، يلي ذلك جرعات أخرى تُعطى بعمر 4-8 أسابيع، و10-14أسبوعًا، و14-18 أسبوعًا،وقد تُعطى جرعات معزّزة للقاح فيما بعد نظراً لاحتمالية انخفاض مستوى الحماية ضد المرض مع مرور الوقتوتجدر الإشارة إلى وجود نوعين رئيسيّين للقاحات السّعال الديكي؛ أحدهما مخصّص للأطفال الصغار والرضّع، ويُعرف بلقاح (DTaP)، واللقاح الآخر مخصّص للأفراد البالغين، والمراهقين، والأطفال خلال مرحلة ما قبل المراهقة، ويُعرف بلقاح (Tdap)،وفي الحقيقة يحتاج البالغون في بعض الحالات أخذ جرعة معزّزة من لقاح السّعال الديكي، وتتلخّص أهم هذه الحالات فيما يأتي:
"