ما هي شروط الرضاعة

الكاتب: مروى قويدر -
ما هي شروط الرضاعة

ما هي شروط الرضاعة.

 

 

الرِضاعة:

 

الرِضاع لغةً: بفتح الراء أو كسرها، هو: شُرب اللبن من الثدي، أمّا اصطلاحاً فيُطلق على: شرب الطفل الذي دون عُمر العامين من لبن الثدي، المتحصّل بعد الحمل والولادة.


وقد ثبتت مشروعية الرِضاعة في القرآن الكريم بعددٍ من الآيات، قال الله -تعالى-: (وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ)، وقال أيضاً: (فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُم بِمَعْرُوفٍ وَإِن تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى).

 

شروط الرِضاعة وأركانها:

 

تتكوّن الرضاعة من عدّة أركانٍ، وتتعلّق بكلّ ركنٍ عدّة شروطٍ بيانها فيما يأتي:

  • المُرضعة: ويشترط أن تكون امرأةً؛ أي أنّ الرِضاعة لا تُقبل إن كانت من رجلٍ، أو من بهيمةٍ، فعلى سبيل المثال: لو ارتضع اثنان من بهيمةٍ واحدةٍ لم تحصل لهما الأخوّة بالرِضاعة، فالأمومة التي تعدّ الأصل في الأخوّة لم تتحقّق، وذهب جمهور العلماء إلى القول بأنّ إرضاع المرأة الميتة يعتبر إرضاعاً، ويتحقّق منها، وخالفهم الشافعية بقولهم عدم ثبوت حكم الإرضاع من المرأة الميتة، واعتبروا أنّ الحياة شرطٌ من شروط ثبوت حكم الإرضاع، واختلف العلماء أيضاً في وقت حصول الحليب عند المرأة إن كان بعد حملٍ أم لا؛ فذهب جمهور العلماء إلى عدم اشتراط الحمل قبل الرِضاعة؛ استدلالاً بالعموم وعدم التحديد في قول الله -تعالى-: (وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ)، أمّا الإمام أحمد فاشترط الحمل قبل الرِضاعة، إذ إنّ تحقّق الحليب لدى المرأة دون حملٍ من الأمور النادرة، وإن حصل لا تتحقّق فيه التغذية عادةً.
  • اللبن أو الحليب: اشترط العلماء شرب الطفل للبن أو الحليب بأي طريقةٍ ممكنةٍ يتحقّق بها الشرب، سواءً كان الحليب صافياً خالصاً، أو مَشُوباً ومخلوطاً، بشرط غلبة الحليب على ما خالطه، وعدم تغيّر صفته، واختلف العلماء في حكم الحليب إن لم يغلب على ما خُلط به، بحيث كان أقلّ منه؛ فذهب الحنفية والمالكية أنّ الحكم للغالب؛ فإن كان الغالب غير الحليب فلا يثبت حكم التحريم بالحليب، أمّا الشافعية فقالوا بثبوت التحريم من الحليب وإن لم يكن غالباً على غيره، بشرط شُرب الطفل لجميع أو بعض الحليب، ولم يفرّق الحنابلة بين الحليب إن كان خالصاً غير مخلوطٍ أو مخلوط غالباً أو مغلوباً؛ فيثبت حكم التحريم بالحليب بأي شكلٍ، واختلف العلماء في إثبات التحريم بالحليب الذي تغيّرت حالته؛ كالجبن؛ فذهب جمهور العلماء إلى القول بثبوت التحريم بعين الحليب الواصل إلى جوف الرضيع مهما اختلف شكله، وقال الحنفية بعدم وقوع الرِضاعة من الحليب المخلوط بالطعام، أو متغيّر الهيئة، أي أنّ التحريم لا يثبت به.
  • الرضيع: اشترط العلماء وصول اللبن إلى معدة الرضيع بأي طريقةٍ يتحقّق بها إنبات اللحم والعظم، وسدّ الجوع، وإن كان الطفل نائماً، وبناءً على ذلك لا يصحّ إقطار الحليب في الأُذن، أو حقنه في الدُّبر، واتفق العلماء أيضاً على عُمر الرضيع؛ بأن يكون أقلّ من عامين، استدلالاً بقول الله -تعالى-: (وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ)، كما قال الرسول -عليه الصلاة والسلام-: (لا رَضاعَ إلَّا ما كان في الحَوْلَينِ).

 

صفة الرِضاعة المُحرِّمة ومقدارها:

 

اختلف العلماء في تحديد عدد الرضعات التي تثبت الأخوّة بسببها، وبيان خلافهم والأدلة التي استند إليها كلّ فريقٍ فيما يأتي:

  • القول الأول: ذهب الشافعية والحنابلة إلى القول بأنّ الرِضاع يثبت بخمس رضعاتٍ، أو أكثر، متفرقاتٍ، وتُعرف الرَضعة عُرفاً؛ أي أنّ التعدّد في الرضعات يعتّد به إن انقطع الطفل عن الرِضاعة وأعرض عن الثدي، أمّا إن انقطع للتنفّس، أو الاستراحة، أو اللهو؛ فلا تتعدّد الرضعات وتعتبر رضعةً واحدةً، استدلالاً بما رواه الإمام مسلم في صحيحه عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أنّها قالت: (كانَ فِيما أُنْزِلَ مِنَ القُرْآنِ: عَشْرُ رَضَعَاتٍ مَعْلُومَاتٍ يُحَرِّمْنَ، ثُمَّ نُسِخْنَ، بخَمْسٍ مَعْلُومَاتٍ، فَتُوُفِّيَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، وَهُنَّ فِيما يُقْرَأُ مِنَ القُرْآنِ)، ورُوي عنها أنّها قالت أيضاً: (إنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ قالَ، : لا تُحَرِّمُ المَصَّةُ وَالْمَصَّتَانِ)، كما لا بدّ في الرضاعة من تحقّق نمو وزيادة اللحم والعظم، وذلك لا يتحقّق إلّا بإرضاع الطفل يوماً كاملاً، أو بما يقابله بإرضاعه خمس رضعاتٍ متفرقاتٍ.
  • القول الثاني: قال الحنفية والمالكية بأنّ الرِضاعة تثبت بالقليل منها والكثير، على حدٍ سواءٍ، ولو بالرضعة الواحدة فقط، استدلالاً بعموم قول الله -تعالى-: (وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ)، فالآية لم تحدّد المقدار التي تثبت به الرضاعة، كما روى الإمام البخاري في الصحيح عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- أنّه قال: (يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعِ ما يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ)، فالتحريم مقرونٌ بالرضاعة فقط دون شروطٍ وتخصيصٍ لها، وأكّدت ذلك العديد من الآثار المروية عن بعض الصحابة، في أنّ الكثير والقليل من الرضاعة سواءً، كما أنّ الرضاعة من الأعمال التي يتعلّق بها حكم التحريم، فيستوي فيها القليل والكثير
شارك المقالة:
67 مشاهدة
المراجع +

موسوعة موضوع

هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook