اختلف الفقهاء في حكم أداء الزكاة لمن كان عليه دينٌ؛ حيث ذهب جمهور العلماء إلى القول بعدم وجوب الزكاة عليه، واستدلّوا على ذلك بقول الرسول عليه الصلاة والسلام: (خَيْرُ الصَّدَقَةِ ما كانَ عن ظَهْرِ غِنىً، وابْدَأْ بمَن تَعُولُ)، ووِفق الحديث السابق فالمدين لا يكون غنيّاً حتى يؤدي زكاة ماله، كما استدلّوا على قولهم بأنّ الخليفة عثمان بن عفان -رضي الله عنه- كان يأمر بأداء الديون وترك بقيّة المال، كما استدلّ أصحاب هذا القول بأنّ أداء الزكاة لمن عليه دينٌ تعني إخراج زكاة المال مرّتين، مرّةً من قِبل المدين، ومرّةً من قِبل الدائن، وخالف علماء الشافعيّة الجمهور إذ قالوا بوجوب أداء الزكاة لمن كان عليه دينٌ، واستدلّوا على ذلك بأنّ الزكاة واجبةٌ في عين الأموال، كما قال الله تعالى: (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا)، كما استدلّوا على قولهم بما ورد من فعل النبيّ حين كان يبعث من يقوم بجمع الصدقات من المسلمين دون الاستفسار إن كان عليهم دينٌ أم لا، أمّا من كان عليه دينٌ واجبُ الأداء في الحال؛ فعليه أن يقضي الدين، ويبرء ذمّته، ثم يؤدّي زكاة ماله إن بلغ نصاباً ومضى عليه الحول.
إن كان للمسلم دينٌ على غيره من المسلمين؛ فيجب عليه أن يؤدي زكاته؛ لأنّ مجرّد وجوده عند الغير لا يمنع زكاته، وسواءً كان هذا الدين واجب الأداء في الحال أو مقسّطاً، أو مؤدّى إلى فقيرٍ أو غنيٍّ، أو كان ميؤوساً منه أو معترفاً به، ولا يخلو حال الدائن في تلك الحالة من أمرين؛ فإمّا أن يكون المال عند من يستطيع أداءه في أيّ وقتٍ شاء؛ فهذا ممّا تجب زكاته في كُلّ عامٍ حتى لو لم يقبضه الدائن؛ لأنّه بمثابة المال المدّخر عند الغير، والحالة الثانية إن كان المال ميؤوساً من سداده؛ فحينها تجب زكاته مرّةً واحدةً عند قبضه، كما ذهب إلى ذلك علماء المالكيّة، وقال الشافعية بأنّ زكاته تؤدّى عمّا مضى من السنين.
تجب الزكاة في المال الذي بلغ نصاباً وحال عليه الحول، فإذا بلغ مال المسلم نصاباً ثمّ مضى عليه منذ تاريخ بلوغه النصاب حولٌ قمريٌّ كاملٌ وجب أداء زكاته عند تمام الحول دون تأخيرٍ، أمّا إذا نقص المال في أثناء الحول فلا زكاة فيه.
موسوعة موضوع