بعد وفاة الرّسول الكريم مُحمّد عليه الصّلاة والسّلام، اختلف العُلَماء على تَفسير بعض الأمور التّشريعيّة التي لم يرد فيها نصٌّ واضحٌ في القرآن أو السّنة، أو أنّها قد تحتمل أكثر من تفسير، الأمر الذي أفضى إلى وجود أربعة مذاهب فقهيّة لأربعة أئمّة من عُلَماء القرآن والسنّة، وهم: الإمام الشافعيّ، والإمام أبي حنيفة، والإمام أحمد بن حنبل، والإمام مالك.
اختلف المسلمون في اتّباع المذاهب الأربعة، فأصبح لكلّ مذهب أتباعه ومناصروه الذين يتّبعون تفسيرات الأئمة الأربعة كمنهج دينيٍّ ثابت وصحيح، ولا بُدّ من الإشارة إلى أنّ الأئمّة قد اجتهدوا في فقه القرآن والسنّة، مما يعني أنّهم قد يكونون على صوابٍ وقد يكونون على خطأ.
الإمام مالك بن أنس المدنيّ، ثاني الأئمّة الأربعة، فقيهٌ وعالمٌ مُجتهد في القرآن والسّنة، صاحب المذهب المالكيّ، كتب أوّل كتابٍ في الأحاديث النّبويّة الشّريفة وهو كتاب (الموطأ)، والذي صُنّف كأصَحّ الكتب في علم الحديث، حتى إنّه أثنى عليه الإمام الشافعيّ، كان حَافظاً للقرآن وللسّنة، اشتُهر بعلمه الواسع، وأخلاقه الطّيبة، وحُبّه للدّين والفقه.
انتشر المذهب المالكيّ بشكلٍ كبيرٍ في الحجاز وهي بلاد مالك، ثم انتشر في بغداد؛ حيث دعمته السُّلطة العبّاسيّة، وبعد خمسة قرون انتشر في البصرة، حتى وصل إلى بلاد فارس، إلا أنّ الدّولة الصّفوية تسبّبت في ضَعفه في دول فارس، ثم انتشر بشكلٍ أكبر في قطر، والكويت، والبحرين، والسّودان، والصّعيد المصريّ، وغرب أفريقيا، وأجزاءَ من السّعوديّة، وبلاد المغرب، كما كان الانتشار في الأندلس كبيراً جداً، حتى وصل عدد أتباع المذهب المالكيّ ما يُقارب مئةً وخمسين مليون تابعٍ حول العالم حتّى الآن.
موسوعة موضوع