تعرّف الزكاة لغةً بأنّها: النماء، والبركة، والزيادة، والطهارة، فيُقال مثلاً: زكا الزرع، أي حصل منه نموٌ وبركةٌ، أمّا الزكاة شرعاً فقد ورد لها تعريفات كثيرة ومتقاربة في الشريعة الإسلامية، منها: أنّها إيتاء جزء مقدّر من النّصاب الحولي إلى الفقير لله تعالى، وقال الشافعية أنّ الزكاة هي اسمٌ صريحٌ لأخذ شيءٍ مخصوصٍ، من مالٍ مخصوصٍ، على أوصافٍ مخصوصةٍ، لطائفة مخصوصةٍ، وقال الحنابلة بأنّ الزكاة حقٌّ واجبٌ في مالٍ مخصوصٍ، لطائفةٍ مخصوصةٍ، في وقتٍ مخصوصٍ، والعلاقة بين المعني اللغوي والشرعي جليّة وقوية، حيث يقول الشيخ صالح الأزهري: (ومناسبة الشرعي للغوي، هي من جهة نمو الجزء المخصوص عند الله تعالى، ومن جهة تطهير المال، وحصول البركة فيه، ونموّه بالربح والإثمار، وتطهير صاحبه من الذنوب، وحصول البركة له)، قال الله تعالى: (خُذ مِن أَموالِهِم صَدَقَةً تُطَهِّرُهُم وَتُزَكّيهِم بِها وَصَلِّ عَلَيهِم إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُم وَاللَّـهُ سَميعٌ عَليمٌ).
تعدّ الزكاة فرضاً من فرائض الإسلام، وثالث ركنٍ من أركانه، وقد ثبت ذلك في القرآن الكريم والسنة النبوية والإجماع، فمن القرآن الكريم قول الله تعالى: (وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ)، ومن السنة النبوية قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (بُنِيَ الإسلامُ على خَمسٍ، علَى أنْ يعبَدَ اللهُ ويُكْفَرَ بمَا دونَهُ، وإقامِ الصلاةِ، وإيتاءِ الزكاةِ، وحجِّ البيتِ، وصومِ رمضانَ)، كما أنّ المسلمين أجمعوا وأصبح من المعلوم من الدين بالضرورة أنّ الزكاة فرض على المسلمين، وبالتالي فمن أنكر وجوبها وهو يعلم بحكمها فقد كفر، ومن أقرّ بفرضيّتها ولكنّه بخل بها، فقد ارتكب إثماً عظيماً يستحقّ العقوبة من الله عليه.
ما جاء الدين الإسلامي إلّا بمحاسن الأمور وأفضلها، وما يحقّق لأفراد المجتمع المسلم المصالح العظيمة، والآثار الكبيرة والمباركة في الدنيا والآخرة، ومن هذه التشريعات الحكيمة فرضيّة الزكاة التي لها من الفوائد والعواقب الحميدة الشيء الكثير، سواءً على المزكّي أو الآخِذ، وفيما يأتي بعضٌ من هذه الحكم والفوائد:
لا تصحّ الزكاة في الأموال وغيرها إلا بتوافر شروط في المزكّي وفي المال، وفيما يأتي بيانها:
موسوعة موضوع