أنزل الله -تعالى- القرآن الكريم على النبيّ محمدٍ -صلّى الله عليه وسلّم- ليكون مُعلّماً وهادياً للناس، وأمر الله -تعالى- المؤمنين أنْ يتعلّموا القرآن الكريم، ويتدبّروه حفظاً وفهماً، حتى يسهل عليهم تطبيقه والعيش بتعاليمه، وإنّ من تعلّم القرآن الكريم أنْ يتعلّم الإنسان كيفيّة تلاوته؛ فيقرأه كما قرأه النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أولّ مرّةٍ، مُجوّداً ومُرتلاً، ولا يكون ذلك إلّا بتعلّم أحكام التلاوة والتجويد، والقراءة عند شيوخٍ هم أهلٌ لهذا العلم الفضيل، ويُقصد بعلم التجويد نظرياً أنّه العلم الذي يبحث في قواعد تصحيح التلاوة، ويقصد بالتجويد أنّه إخراج كلّ حرفٍ من مخرجه، وإعطاؤه حقّه ومستحقّه من الصفات والأحكام، وهذا من الناحية التطبيقيّة، وقد جوّد النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- القرآن الكريم بالسجيّة والعفويّة، دون حاجةٍ أو درايةٍ بالقواعد، وكذا العرب بالعموم يقرؤون القرآن بطلاقةٍ وسهولةٍ، وذلك لتمكّنهم من اللغة العربيّة السليمة، وسلامة السّليقة عندهم، لكنْ عندما فُتحت العديد من البلاد الأعجميّة ودخل العجم في الإسلام، صعُبت عليهم تلاوة القرآن، وأخذوا يُخطئون ويَلْحَنون فيه بكثرةٍ، فأدرك الصّحابة -رضوان الله عليهم- ضرورة نظم علمٍ كاملٍ لتعليم الناس كيفيّة تلاوة القرآن على الوجه السّليم، وقد كانت البداية حين أمر علياً بن أبي طالبٍ -رضي الله عنه- التابعيّ أبي الأسود الدؤليّ بوضع قواعدٍ عامّةٍ لعلم التّجويد، ومن ثمّ تبعه في ذلك مجموعةٌ من العلماء كالفراهيديّ وغيره.
يعدّ باب أحكام الميم السّاكنة أحد أبواب علم التّجويد التي نظم لها العلماء القواعد والطّرائق للوصول إلى إتقان التلاوة، وفيما يأتي توضيحاً لمفهوم الميم الساكنة، وما يتعلّق فيها من قواعدٍ، يُقصد بالميم السّاكنة أنّها الميم التي تأتي ساكنةً وصلاً ووقفاً، في نهاية الكلمة أو وسطها؛ مثل: الحمْد لله، وأمْ، ولمْ، وقد تقع الميم الساكنة قبل أيّ حرفٍ من حروف اللغة العربية، باستثناء حروف المدّ الثلاثة؛ إذْ لا يصحّ في اللغة العربية أن يقع حرفان ساكنان متتاليان، وأحكام الميم الساكنة ثلاثة أحكامٍ بيانها فيما يأتي:
يُلحق التنوين بالنون السّاكنة حين تُذكر الأحكام المتعلّقة به، والمقصود بالنّون السّاكنة هي النون الخالية مِن الحركة، أمّا التنوين فهو ما يُكتب في آخر بعض الكلمات من ضمتين أو فتحتين أو كسرتين، مثل: عليمٌ، حكيماً، شيءٍ، وأحكام التنوين أربعة أحكامٍ رئيسيّةٍ، هي:
موسوعة موضوع