ما هي أهمية حفظ القرآن الكريم

الكاتب: مروى قويدر -
ما هي أهمية حفظ القرآن الكريم

ما هي أهمية حفظ القرآن الكريم.

 

 

أهميّة حفظ القرآن الكريم:

 

تعهّد الله -تعالى- بحفظ القرآن الكريم من التحريف والتبديل، مصداقاً لقَوْله -تعالى-: (إِنّا نَحنُ نَزَّلنَا الذِّكرَ وَإِنّا لَهُ لَحافِظونَ)، فيسّر تلاوته وحفظه على أمّة الإسلام، ويمكن الوقوف على أهميّة حفظ القرآن الكريم فيما يأتي:

  • اتّباع سنّة النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: فقد ثبت أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- كان يحفظ القرآن الكريم، ويعرضه على جبريل -عليه السلام- كلّ عامٍ، ويُراجعه مع الصحابة -رضي الله عنهم-، ولذلك فإنّ حفظ القرآن الكريم يُعدّ اتّباعاً لهَدْي رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-.
  • اجتناب عذاب النار: حيث إنّ حفظ القرآن الكريم في الصدر سببٌ للنجاة من عذاب جهنّم، مصداقاً لما رواه عصمة بن مالك الخطميّ -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: (لو جُمِعَ القرآنُ في إِهابٍ ، ما أحرقه اللهُ بالنَّارِ).
  • الفوز بتاج الكرامة: لا تقتصر أهميّة حفظ القرآن الكريم على الحياة الدنيا فحسب؛ بل ينال العبد من فَضْل هذا العمل العظيم بعد وفاته، وعند لقاء ربّه -عزّ وجلّ-، فقد ثبت أنّ منزلة حافظ القرآن الكريم في الجنّة تكون عند آخر آيةٍ يقراؤها، وأنّه يلبس تاج الكرامة، وحُلّة الكرامة، مصداقاً لما رواه أبو هريرة -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: (يجيءُ القرآنُ يومَ القيامَةِ، فيقولُ: يا ربِّ حلِّهِ، فيُلْبَسُ تاجَ الكرامَةِ، ثُمَّ يقولُ: يا ربِّ زدْهُ، فيُلْبَسُ حُلَّةَ الكرامَةِ، ثُمَّ يقولُ: يا ربِّ ارضَ عنْهُ، فيَرْضَى عنه، فيقولُ: اقرأْ، وارْقَ، ويزادُ بكُلِّ آيةٍ حسنَةً).
  • طلب العلم: يُعدّ حفظ القرآن الكريم مرحلةً أساسيّةً، ذات أهميّةٍ عظيمةٍ في طلب العلم الشرعيّ، حيث إنّ الأدلّة والأحكام الشرعيّة تُستمدّ من آياته، فكان العلماء يبدؤون بحفظ القرآن الكريم منذ مرحلة الطفولة، ويتمون حفظه كاملاً قبل البلوغ، ثمّ يتدرّجون في طلب العلوم الشرعيّة، كما ذكر الإمام النوويّ -رحمه الله- في كتابه مقدّمة المجموع شرح المهذّب؛ أنّ حفظ القرآن الكريم أهمّ العلوم، وأوّل ما يُبتدئ به، فقد كان السلف -رحمهم الله- لا يُعلّمون الفقه والحديث إلّا لمن حفظ القرآن الكريم، ونُقل عن شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- أنّه قال في الفتاوى الكبرى: "وأمّا طلب حفظ القرآن فهو مقدّمٌ على كثيرٍ ممّا تسميه الناس علماً، وهو إمّا باطلٌ أو قليل النفع، وهو أيضاً مقدّمٌ في التعلّم في حقّ مَن يريد أن يتعلّم علم الدِّين من الأصول والفروع، فإنّ المشروع في حقّ مثل هذا في هذه الأوقات أن يبدأ بحفظ القرآن؛ فإنّه أصل علوم الدين".
  • تمكين أمّة الإسلام: إذ لا بدّ للأمّة الإسلامية من اتّباع نهج رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-، والصحابة -رضي الله عنهم-، وكان من هَدْيه -عليه الصلاة والسلام- حفظ القرآن الكريم، وفَهْم معانيه، والعمل به، ولذلك يجدر بالأمّة تجديد إيمانها بإدراك أهميّة القرآن الكريم، والالتزام بما جاء فيه من الأوامر، واجتناب ما نهى عنه؛ لأنّ ما ورد فيه من التشريعات إنّما هي توجيهاتٌ إلهيةٌ حكيمةٌ، مصداقاً لقَوْله -عزّ وجلّ-: (وَلَو أَنَّ أَهلَ القُرى آمَنوا وَاتَّقَوا لَفَتَحنا عَلَيهِم بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ وَالأَرضِ وَلـكِن كَذَّبوا فَأَخَذناهُم بِما كانوا يَكسِبونَ).
  • تنوير العقول: حيث إنّ حفظ القرآن الكريم، والتمسّك به، واتّخاذه قائداً ودليلاً للهدى والحقّ، يقوّي اليقين، ولا بُدّ من الالتزام بما جاء في القرآن الكريم من أوامرٍ، واجتناب نواهيه، فقد حثّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- على العمل بما جاء فيه، والسير على ما ورد فيه، إذ قال مُخاطباً المسلمين: (أَيُّهَا النَّاسُ فإنَّما أَنَا بَشَرٌ يُوشِكُ أَنْ يَأْتِيَ رَسولُ رَبِّي فَأُجِيبَ، وَأَنَا تَارِكٌ فِيكُمْ ثَقَلَيْنِ: أَوَّلُهُما كِتَابُ اللهِ فيه الهُدَى وَالنُّورُ فَخُذُوا بكِتَابِ اللهِ، وَاسْتَمْسِكُوا به فَحَثَّ علَى كِتَابِ اللهِ وَرَغَّبَ فِيهِ).
  • الهدى في الدنيا والفوز بالآخرة: إذ إنّ حفظ القرآن الكريم، والتمسّك به، والعمل بتشريعاته؛ من أسباب الاستقرار، والبُعد عن الاضطراب في الحياة الدنيا، مصداقاً لقَوْل الله -تعالى-: (وَعَدَ اللَّـهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا)، بالإضافة إلى أنّ الله -تعالى- وعد حافظ القرآن الكريم الملتزم بما جاء فيه بالهدى في الدنيا، وعدم الشقاء في الآخرة، كما قال -تعالى- أيضاً: (الم*ذَٰلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ ۛ فِيهِ ۛ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ*الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ*وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ*أُولَـٰئِكَ عَلَىٰ هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ ۖ وَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ).
  • ثمارٌ أخرى لحفظ القرآن: ومن ثمار وأهميّة حفظ القرآن الكريم في الصدور؛ التقرّب لله -تعالى-، ونَيْل رضاه، والفوز بالجنّة، والتسلّح بآياته في مواجهة الشيطان، والسيطرة على أهواء النفس، بالإضافة إلى تقويم اللسان، وتحقيق الفصاحة في اللغة العربية، وحفظ القرآن الكريم من التحريف والضياع، ومن أهميّة حفظ القرآن الكريم أيضاً؛ تسهيل تلاوة آياته في كلّ مكانٍ وزمانٍ، كقراءة القرآن أثناء العمل والكسب، فلا يعيق الانشغال في أمور الدنيا حافظ القرآن الكريم عن القراءة، بعكس الذي يريد أن يقرأ من المصحف مباشرةً.

 

آداب حملة القرآن:

 

يُستحسن بحافظ وحامل القرآن الكريم التحلّي بعددٍ من الآداب التي تليق به، وفيما يأتي بيان البعض منها:

  • التقوى: فيجب على مَن زيّن قلبه بحفظ كلام الله -تعالى-، أن يتمّم ما بلغه من الكرامة؛ بالتحلّي بتقوى الله في السرّ والعلن، ويقصد بتلاوته نَيْل رضا الله -تعالى-، والقُرب منه -سبحانه-، وقد ورد عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أنّه قال: "لقد أتى علينا حينٌ وما نرى أنَّ أحداً يتعلّم القرآن يريد به إلاّ الله -عزّ وجلّ-، فلمّا كان هاهنا بأخرةٍ خشيتُ أنَّ رجالاً يتعلّمونه يريدون به النّاس وما عندهم فأريدوا اللهَ بقراءتكم وأعمالكم".
  • الإخلاص: يجب على المسلم إخلاص نيّته لله -تعالى- في كلّ الأعمال والعبادات، مصداقاً لقَوْل الله -تعالى-: (قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّـهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّينَ)، فيجدر بحملة القرآن الكريم إخلاص نيّتهم أثناء حفظهم للقرآن الكريم بشكلٍ أخصٍّ من غيرهم؛ لأنّهم يبلّغون رسالة الله -تعالى- الخالدة، ولا ينبغي لهم انتظار الأجر أو الجزاء من الناس على حفظهم، لا سيما أنّ الله -تعالى- توعّد الذين يحفظون القرآن الكريم رياء الناس، وحبّاً للسُمعة والشُهرة، مصداقاً لما أخرجه الإمام مسلم في صحيحه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: (إنَّ أوَّلَ النَّاسِ يُقْضَى يَومَ القِيامَةِ عليه رَجُلٌ تَعَلَّمَ العِلْمَ، وعَلَّمَهُ وقَرَأَ القُرْآنَ، فَأُتِيَ به فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَها، قالَ: فَما عَمِلْتَ فيها؟ قالَ: تَعَلَّمْتُ العِلْمَ، وعَلَّمْتُهُ وقَرَأْتُ فِيكَ القُرْآنَ، قالَ: كَذَبْتَ، ولَكِنَّكَ تَعَلَّمْتَ العِلْمَ لِيُقالَ: عالِمٌ، وقَرَأْتَ القُرْآنَ لِيُقالَ: هو قارِئٌ).
  • عدم نسيان الحفظ ومعاهدتة: فيجب على حافظ القرآن الكريم الاستمرار في تلاوة آياته، ومراجعتها بشكلٍ دوريٍ؛ حتى لا يتفلّت الحفظ ويضيع، لا سيما أنّ القرآن الكريم سريع التفلّت من الذاكرة، مصداقاً لما رواه أبو موسى الأشعريّ -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: (تَعاهَدُوا القُرْآنَ، فَوالذي نَفْسِي بيَدِهِ لَهو أشَدُّ تَفَصِّيًا مِنَ الإبِلِ في عُقُلِها).
  • الطهارة: على الرغم من أهميّة طهارة القلب والروح، إلّا أنّها لا تكفي؛ بل يجب على حافظ القرآن الكريم المحافظة على الطهارة الخارجية أيضاً، إذ ينبغي أن يكون متطهّراً من الجنابة، وبما يخصّ المرأة؛ فيجب أن تكون متطهّرةً من الحيض والنّفاس، ويُستحبّ أيضاً التطهّر من الحدث الأصغر بالوضوء، ويجوز قراءة القرآن الكريم وحفظه من غير وضوءٍ؛ لعدم ورود دليلٍ يشترط ذلك، ولضعف الأحاديث التي تشترط الوضوء قبل مسّ المصحف، كما أنّ أهل العلم ذهبوا إلى جواز تعلّم المرأة وحفطها للقرآن الكريم وهي حائض أو نفساء؛ للضرورة.
  • التجويد: يُستحسن بمن أراد تلاوة القرآن الكريم؛ مراعاة أحكام التجويد، وقد عرّف أهل العلم التجويد بأنّه: إقامة الحروف، ومعرفة الوقوف، وقد ثبت أنّ تلاوة رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- كانت مفسّرةً للآيات حرفاً، فيجدر الاقتداء بالنبيّ -عليه الصلاة والسلام-، وعدم الإسراع في القراءة بصورةٍ تغيّر صفات الحروف، فتصبح السين صاداً، والطاء تاءً، وللتمكّن من أحكام التجويد؛ لا بُدّ من التمرّن على يد شيخٍ مُتقنٍ.
  • التواضع: فمن أهمّ الأخلاق التي ينبغي لحافظ القرآن الكريم التحلّي بها؛ التواضع للصالحين، ولين الجانب للمسلمين، فلا يجوز له التعالي على مَن هو أقلّ منه، ولا على مَن هو صاحب حاجةٍ أو مريضٍ، وإنّما يجب خفض الجناح لهم، وحَمد الله على نعمه.
  • حضور القلب والخشوع عند تلاوة القرآن الكريم: ينبغي لحافظ القرآن الكريم تعظيم كلام ربّه -عزّ وجلّ-، والخشوع عند تلاوته، واجتناب حديث النفس، وله في السلف الصالح خير قدوةٍ، فقد كان أحدهم إذا قرأ السورة، ولم يكن قلبه حاضراً فيها؛ أعادها مرّةً أخرى.
  • تدبّر آيات القرآن الكريم: إذ إنّذ الغاية من تلاوة آيات القرآن الكريم تكمُن في العمل بما ورد فيها، وتدبّر معانيها، وورد عن عليّ بن أبي طالب -رضي الله عنه- أنّه قال في أهميّة التدبّر: " لَا خَيْرَ فِي عِبَادَةٍ لَا فِقْهَ فِيهَا وَلَا فِي قِرَاءَةٍ لَا تَدَبُّرَ فِيهَا".
شارك المقالة:
81 مشاهدة
المراجع +

موسوعة موضوع

هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook