ما هو واجبنا نحو القرآن

الكاتب: مروى قويدر -
ما هو واجبنا نحو القرآن

ما هو واجبنا نحو القرآن.

 

 

القرآن الكريم

 

اختلف أهل اللغة في تعريف القرآن الكريم لغةً، حيث قال فريقٌ منهم أن كلمة قرآن مشتقةٌ من فعلٍ مهموزٍ؛ وهو قرأ اقرأ، بمعنى تفهّم، تدبّر، تعلّم، وقيل إن معنى اقرأ تحمّل، حيث إن العرب تقول: "ما قرأت هذه الناقة في بطنها سلاً قط"، أي لم تحمل في بطنها جنيناً قط، وقيل إن التسمية مأخوذةٌ من القرْء وهو الجمع والضم، وذهب البعض الآخر من العلماء إلى أن كلمة قرآن مشتقةٌ من فعلٍ غير مهموزٍ، وهو القرْن بمعنى ضمّ الشيء لشيءٍ آخر، وقيل من القرى وهي الضيافة والإكرام، وأما اصطلاحاً فيُعرّف القرآن الكريم على أنه كلام الله -تعالى- المنزل على نبيّه محمد -عليه الصلاة والسلام- وحياً بواسطة جبريل عليه السلام، المتعبّد بتلاوته، والمعجز بلفظه، والمنقول إلينا بالتواتر، والمكتوب في المصاحف من أول سوة وهي الفاتحة إلى آخر سورة وهي الناس.

 

الواجب نحو القرآن الكريم

 

كان نزول القرآن الكريم حدثاً عظيماً جداً، حيث غيّر القرآن وجه الأرض، وأخرج الناس من ظلمات الشرك إلى نور التوحيد، ودلّ البشرية إلى طريق الخير والهداية والنجاة بعدما كانت تتخبّط في التيه والضلال، فالقرآن الكريم أكبر نعمة أنعمها الله -تعالى- على البشر، مصداقاً لقوله تعالى: (أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ)، ومن الجدير بالذكر أن للقرآن الكريم حقوقاً ينبغي على كلّ مسلمٍ مراعاتها، ويمكن بيانها فيما يأتي:

  • الإيمان به: حيث يجب على كل من بلغه القرآن الكريم الإيمان بأنه كلام الله -تعالى- حقيقةً، لا كما ادّعى الكفّار بأنه تنزّلاتٍ شيطانية، أو كما ادّعى أصحاب التأويلات الباطلة بأن القرآن الكريم عبارة عن كلام الله، بل هو كلام الله حقيقةً، ويجب أيضاً الإيمان بأن القرآن الكريم محفوظٌ بحفظ الله -تعالى- فلا يصيبه التحريف، ولا التبديل، وأن منه الناسخ والمنسوخ، بالإضافة إلى أنه ناسخٌ للكتب والشرائع السابقة كلّها، والاعتقاد الجازم بأن الله -تعالى- أنزله رحمة، وهدى، نوراً، وخيراً للبشر، ولذلك ينبغي التزام ما أمر به، واجتناب ما نهى عنه.
  • تلاوته وتدبّر معانيه: من أهم واجبات المسلم نحو القرآن الكريم تلاوته حقّ التلاوة، فقد أمر الله -تعالى- عباده بتلاوة القرآن حيث قال: (وَاتلُ ما أوحِيَ إِلَيكَ مِن كِتابِ رَبِّكَ لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ وَلَن تَجِدَ مِن دونِهِ مُلتَحَدًا)، وقال عز وجل: (إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّـهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ* لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ)، وينبغي أن تكون التلاوة على الوجه الذي يريد الله -تعالى- من خلال الاعتناء بمخارج الحروف، وإعطاء الحروف حقّها، وتعلّم أحكام التجويد التي تلقّاها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن جبريل -عليه السلام- وعلّمها للصحابة رضي الله عنهم، وعلّموها لمن بعدهم إلى أن وصلت إلينا.
ويمكن القول أن حقّ التلاوة تجويد الحروف، ومعرفة الوقوف، حيث إن للوقف فقهٌ يمنع من الوقوف المحرّم والقبيح أثناء قراءة القرآن الكريم، وعلى سبيل المثال الوقوف على قول الله تعالى: (وَتَرَكنا يوسُفَ عِندَ مَتاعِنا فَأَكَلَهُ)، فيُعدّ وقوفاً قبيحاً لأنه يعطي انطباعاً بأن يوسف أكل المتاع، والواجب إكمال الآية ليتمّ المعنى بشكلٍ صحيحٍ، بقوله تعالى: (وَتَرَكنا يوسُفَ عِندَ مَتاعِنا فَأَكَلَهُ الذِّئبُ)، ولذلك بيّن القرّاء أن الصلة في بعض المواضع أولى، وفي بعضها الآخر الوقف أولى، وفي بعضها يحرم الوقف، وفي بعضها الآخر يلزم الوقف وجوباً.
  • تعلّمه وتعليمه: من الأعمال الفاضلة تعلّم القرآن الكريم وتعليمه، مصداقاً لما رُوي عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (خَيْرُكُمْ مَن تَعَلَّمَ القُرْآنَ وعَلَّمَهُ)، ومن صور تعلّم القرآن الكريم حفظه وتحفيظه للغير، ولا شكّ أن في ذلك أجرٌ عظيم، فقد رُوي عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (يُقالُ لصاحِبِ القرآنِ اقرأ وارتَقِ ورتِّل كما كنتَ ترتِّلُ في الدُّنيا فإنَّ منزلَكَ عندَ آخرِ آيةٍ تقرؤُها)، ومنها أيضاً تعلّم التلاوة بشكلٍ صحيحٍ من خلال تعلّم أحكام التجويد، ومنها تعلّم معاني القرآن الكريم، وتعليمها للناس.
  • التوقير: من الواجبات نحو القرآن الكريم توقيره بأن لا يُجعل فوقه كتاب، بل يجب وضعه فوق جميع الكتب، والحذر من إهانته بأي شكلٍ من الأشكال، كإلقائه على الأرض أو أماكن النجاسات والقذارة، أو تركه في متناول الأطفال ليعبثوا به، ومن الجدير بالذكر أن أهل العلم قالوا بكفر من أهان القرآن الكريم متعمّداً، واعتبروه من الكفر العملي الذي يدلّ على وجود كفر في القلب أصلاً.

 

خصائص القرآن الكريم

 

بيّن أهل العلم أن الله -تعالى- ميّز القرآن الكريم عن غيره من الكتب السماوية بالعديد من الخصائص، ويمكن بيان بعضها فيما يأتي:

  • شفاعته لأهله: ثبت أن القرآن الكريم يأتي شفيعاً لأهله يوم القيامة، ودلّ على ذلك ما رواه أبو أمامة الباهلي -رضي الله عنه- عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه قال: (اقْرَؤُوا القُرْآنَ فإنَّه يَأْتي يَومَ القِيامَةِ شَفِيعًا لأَصْحابِهِ).
  • الحفظ في الصدور: حيث إن الله -تعالى- كلّف الأمة الإسلامية بحفظ القرآن الكريم، ولذلك يجب تحفيظ القرآن الكريم لعددٍ يبلغ حد التواتر وإلا أثمت الأمّة كلها، بينما ترك الله -تعالى- لأهل الإنجيل والتوراة أمر حفطها، فتركوه واكتفوا بالقراءة.

 

مراحل نزول القرآن

 

ينبغي الإشارة إلي أن القرآن الكريم نزل على مرحلتين، حيث نزل جملةً واحدةً من الله -تعالى- إلى بيت العزّة في السماء الدنيا في ليلة القدر المباركة من شهر رمضان، مصداقاً لقول الله تعالى: (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ)، ثم نزل على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- منجّماً، أي مُفرّقاً بحسب الأحداث والوقائع خلال ثلاثة وعشرين سنة، مصداقاً لقول الله تعالى: (وَقُرآنًا فَرَقناهُ لِتَقرَأَهُ عَلَى النّاسِ عَلى مُكثٍ وَنَزَّلناهُ تَنزيلًا)، وكان ابتداء نزول القرآن الكريم على النبي -عليه الصلاة والسلام- يوم الاثنين، ثم نزل في مكة المكرمة ثلاثة عشر سنة، وفي المدينة عشر سنين.

شارك المقالة:
80 مشاهدة
المراجع +

موسوعة موضوع

هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook