الزّكاة لغةً: الطهارة، والنّماء، والبركة، والمدح، أمّا في الشرع فهي: التعبّد لله، بإخراج حقّاً واجباً مخصوصاً شرعاً، من مالٍ مخصوصٍ، في وقتٍ مخصوصٍ، لطائفةٍ مخصوصةٍ، بشروطٍ مخصوصةٍ، فالزكاة فرضٌ من الفروض التي أوجبها الله -تعالى- على عباده، وهي الركن الثالث من أركان الإسلام، فقد قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (بُنِي الإسلامُ على خمسٍ: شَهادةِ أن لا إلهَ إلا اللهُ وأنَّ محمداً رسولُ اللهِ، وإقامِ الصلاةِ، وإيتاءِ الزكاةِ، والحجِّ، وصومِ رمضانَ)، وممّا يدلّ على عظيم منزلتها في الإسلام أن الله -تعالى- قرن بينها وبين الصلاة في كثيرٍ من المواضع في كتابه الكريم، فقال جلّ في عُلاه: (وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ)، وغيرها من المواضع التي جاء فيها ذكر الزكاة مع الصّلاة، حتى وصل عددها إلى ستٍّ وعشرين آية، وبتمام السابع والعشرين ورد ذكرهما في سياق واحدٍ، كلّ ذلك عدا عمّا ورد ذكره بخصوصها، والعناية بها، والأمر بوجوبها، وقتال مانعها، وإثم تاركها، والأصناف الواجبة فيها في السنّة المطهّرة، كما جاء المدح للقائمين بها، والذّم للتاركين لها، فهي من أسباب الفوز بالجنة والنّجاة من الهلاك في النار، فقد فرض الله -تعالى- الزّكاة دون بيان أنصبتها ومقاديرها المحدّدة، ثمّ جاء الفرض بمقاديرها وأهلها في السنة الثانية للهجرة، في المدينة المنورة على أصحّ الأقوال، وقد ورد ذكر الزكاة في القرآن الكريم والسنة المطهرة بلفظ الصدقة، كما في قوله تعالى: (وَمِنهُم مَن يَلمِزُكَ فِي الصَّدَقاتِ فَإِن أُعطوا مِنها رَضوا وَإِن لَم يُعطَوا مِنها إِذا هُم يَسخَطونَ)، والصدقة هي ما يخرجه المسلم ابتغاء الثواب من الله تعالى.
إنّ الزكاة ركناً من أركان الإسلام الخمسة، فهي بالطبع فرضٌ من فروضه، حيث جاءت الأدلّة الآمرة بها بالوجوب، فقال الله تعالى: (وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ)، وأجمع المسلمون على فرضيتها، وأنّها من المعلوم من الدين بالضرورة، فمن أنكرها مع علمه بوجوبها فهو كافر، ومن أقرّ بفرضيتها وعلم بها لكنّه امتنع عن إخراجها بخلاً منه فهو مستحقٌ للعقوبة، وتُؤخذ منه بمقدارها ولو قهراً وغلبةً، وأمّا شروط وجوب الزكاة، فهي:
لا تجب الزّكاة في كلّ ما يملكه المسلم من المال، وإنّما فرضها الشارع الحكيم في أموالٍ محدّدةٍ، بيانها بشكلٍ مفصلٍ على النحو الآتي:
موسوعة موضوع