هو أمير المؤمنين؛ عمر بن الخطّاب بن نُفيل بن عبد العزّى بن رياح بن قرط بن رزاح بن عدي بن كعب بن لؤي، ويُكنّى بأبي حفص القرشيّ العدويّ، و أمّه هي: حنتمة بنت هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمر المخزوميّة رضي الله عنها، وهي أخت أبي جهل، وقد أعَزّ الله -تعالى- الإسلام بإسلام أمير المؤمنين عمربن الخطّاب -رضي الله عنه- وهو ابن سبعٍ وعشرين سنة، وكان ذلك في شهر ذي الحِجّة من السنة السادسة من بعثة النبيّ محمّد صلّى الله عليه وسلّم، حيث كان إسلامه فتحاً عظيماً ونصراً للإسلام والمسلمين.
لقد أعزّ الله -تعالى- أمّة الإسلام برجلٍ ليس كسائر الرجال، فعمر بن الخطّاب -رضي الله عنه- عرف طريق الحقّ فحقّه، وعرف طريق الباطل فأبطله، وهو الذي فرّق الله -تعالى- به بين الحقّ والباطل، فوسمه رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- بلقب الفاروق، فكان إذا سلك مسلكاً لم يجدِّ الشّيطان له فيه من سبيل، حتى قال عنه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (أيّها يا ابن الخطّاب؛ والذي نفسي بيده، ما لقيك الشيطان سالكاً فجّاً قطّ إلّا سلك فجّاً غير فجّك)، ولأجل ذلك حُقّ له أن يكون أوّل من لُقّب بأمير المؤمنين، وحُقّ له أيضاً أن يُعّز دين الإسلام بإسلامه، فقد جاء عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: (ما زِلْنا أعِزَّةً منذُ أسلَم عُمَرُ).
كان عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قبل إسلامه من أشدّ النّاس على المسلمين بطشاً وإيذاءً، فكانوا يخشون لقاءه والتعرّض له قبل إسلامه؛ لِما عُرف عن قوّته وشدّته، فما كان من قريش إلّا أن بعثت بعمر بن الخطّاب ساعياً في البحث عن محمّد صلّى الله عليه وسلّم؛ ليتخلّصوا منه، فانطلق عمر بن الخطّاب وهو متقلّدٌ سيفه ويجوب مكّة؛ قاصداً محمّداً رسول الله، الذي كان في دار في أصل الصّفا، فالتقى عمر بن الخطّاب بالنحّام؛ وهو نعيم بن عبد بن أسد، فاستفتى عمر بن الخطّاب عن وجهته؛ فقال له عمر أنّه يقصد محمّد الذي فرّق جمع قريش وسفّه آلهتهم، وأفسد أحلامهم، فقال له النّحام: (وكيف تأمن في بني هاشم وبني زهرة وقد قتلت محمّداً، لبئس الممشى مشيت يا عمر)، فقال عمر: (ما أراك إلّا قد صبئت وتركت دينك)، فاشتدّ الحوار بينهما وارتفعت أصواتهما، حتى أخبره النّحام بإسلام أخته وزوجها، فحوّل عمر بن الخطّاب وجهته قاصداً بيت أخته فاطمة بنت الخطّاب.
عندما وصل عمر بن الخطّاب إلى بيت أخته سمع منه صوت مدارسة؛ فقد كان الخبّاب بن الأرتّ في دارها يعلّمها سورتا طه والتّكوير، فسألها عمر عن الصوت الذي سمعه في بيتها، ولمّا أحسّت فاطمة بالشرّ الذي يعتلي وجه عمر بن الخطّاب خبّأت الصحيفة، وسارع الخبّاب ليتوارى ويختبأ عن عمر، فأقبل سعيد بن زيد وهو زوج فاطمة مُخاطباً عمر: (إنّك لا تستطيع أن تجمع النّاس على هواك يا عمر وإن كان الحقّ سواه)، فبطش عمر زوج أخته فاطمة، فاندفعت فاطمة لتذبّ الأذى عن زوجها، فشجّها عمر بيده وسال دمُها، فأخبرته أنّ الذي بلغه عنها من اتّباع دين محمّد -صلّى الله عليه وسلّم- وكفرها بآلهته وأوثان الجاهليّة حقّ، وأعلنت إسلامها أمامه بترديد كلمة التّوحيد، فما كان من عمر إلّا أن رأى وسمع ما كانوا يتدارسونه، وأعطى ميثاقاً بعدم إفساده، فلمّا رأت فاطمة إصراره على رؤية الصحيفة وأن يقرأ ما سُطّر عليها من جميل الكلام ، أمرته أن يغتسل أو يتوضأ، فلمّا توضأ وقرأ قول الله تعالى:(طه)، إلى قول الله تعالى:(إِنَّ السّاعَةَ آتِيَةٌ أَكادُ أُخفيها لِتُجزى كُلُّ نَفسٍ بِما تَسعى)،[ وقرأ أيضاً من سورة التكوير قول الله تعالى: (إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ)، إلى قول الله تعالى: (عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّا أَحْضَرَتْ)، فأعلن عمر بن الخطّاب بعد ذلك إسلامه، وأقبل يسأل عن مكان رسول الله، فأهلّ عليه خبّاب بن الأرتّ مُكبّراً ومُبشّراً.
عندما وصل عمر بن الخطّاب -رضي الله عنه- إلى مكان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم؛ أشفق الصّحابة -رضي الله عنهم- منه، فلم يكونوا قد علموا بإسلامه، فأخذ الرّسول -صلّى الله عليه وسلّم- بمجمع قميص عمر وقال له: (ما أراك منتهياً يا عمر حتى ينزل بك من الرجز ما أنزل بالوليد بن المغيرة)، ثمّ قال: (اللهمّ اهدِ عمر)، فضحك عمر بن الخطّاب -رضي الله عنه- وأعلن إسلامه أمام الرّسول صلّى الله عليه وسلّم، وصدح المسلمون مكبّرين ومهلّلين بخبر إسلام عمر بن الخطّاب
إنّ إسلام أمير المؤمنين عمر بن الخطاب يعدّ نصراً عظيماً للإسلام؛ فمن الأسباب التي ساعدت على إسلام عمر بن الخطّاب رضي الله عنه:
موسوعة موضوع