إنّ من تمام الأخلاق التي جاء الإسلام منادياً بها، الوفاء لأهل الفضل والإحسان، والله تعالى بدأ بنفسه فقال: (وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ] وكلّما كان فضل المحسِن أعظم؛ استحقّ الإحسان والوفاء لفضله أكثر، وعظُم في جنبه الإنكار وسوء الخُلُق أكثر، وإنّ أولى الناس بالوفاء، والإحسان، وردّ الجميل هما الوالدان، فهما أعظم من يتفضّل على ابنهما بعد فضل الله تعالى عليه، ولذلك فقد أمر الإسلام ببرّ الوالدين، وكرّر ذلك مراراً في القرآن الكريم، وبالمثل فقد حذّر، وعظّم من قبحِ العقوق، ونفّر منه حتى لا يقع فيه أحد ٌمن المسلمين، قال النبي -صلّى الله عليه وسلّم- موضّحاً عِظم العقوق في ميزان الله تعالى: (الإشراكُ باللَّهِ، وعُقوقُ الوالِدَي فكانت أكبر الكبائر بعد الشرك بالله سبحانه، ولقد ورد عن الفضيل بن عياض -رحمه الله- أنّه قال: (فَوْقَ كُلِّ فُجُورٍ فُجُورٌ، حَتَّى يَعُقَّ وَالِدَيْهِ)، فليس بعد العقوق ذنبٌ أعظم منه كما رأى ابن عياض
لا شكّ أن من أغضب والديه قد أصاب ذنباً عظيماً، بل فإنّه قد اقترف أكبر الكبائر بعد الإشراك بالله، وهذا إثمٌ عظيمٌ يحتاج صاحبه إلى ما يكفّر ذنبه حاجةً ملحّةً، وقد ورد عن علماء الفقه أنّ الكبائر لا تُمحى بالأعمال الصالحة، بل يحتاج صاحبها إلى توبةٍ نصوحٍ يحقّق شروطها حتّى يقبله الله تعالى،وإنّ من فضله -سبحانه- على عباده أن جعل باب التوبة مفتوحاً لمن شاء، مهما عظُم ذنبه أو طال، يقول الله تعالى: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُوحتى تُقبل توبة العبد عليه أن يحقّق شروطاً عدّة، بيانها فيما يأتي:
هناك أفعالٌ كثيرةٌ قد تصدر من الابن تجاه والديه، تصنّف على أنّها عقوقٌ، فيجب الحذر منها، فمن هذه المظاهر عقوق الوالدين ما يأتي: