ما فضل قيام ليلة العيد

الكاتب: مروى قويدر -
ما فضل قيام ليلة العيد

ما فضل قيام ليلة العيد.

 

 

فَضْل قيام ليلة العيد..

 

رغم ما ورد عن أئمّة المُحدّثين، مثل: النوويّ، والحافظ العراقيّ، وابن حجر، والطبرانيّ، وغيرهم من الحُكم على حديث فَضْل قيام ليلة العيد بالضعف، إلّا أنّ ذلك لا يعني عدم إحياء ليلة العيد، وعدم استحبابه؛ فالمقصود فقط أنّ الحديث الوارد في بيان فَضْل قيام ليلتَي العيد ضعيفٌ، وقد اتّفق العلماء على استحباب إحياء ليلة عيد الفِطْر والأضحى؛ واستدلّوا بقْول الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- في الحديث الذي أُشِير إليه سابقاً: (من قامَ ليلتيِ العيدينِ محتسِبًا للَّهِ لم يَمُت قلبُه يومَ تموتُ القلوبُ)، وفصّل الحنفيّة في ذلك؛ إذ اتّبعوا رأي الصحابيّ عبدالله بن عباس -رضي الله عنهما- في قوله إنّ أجر قيام الليل يتمّ نيله بأداء صلاة العشاء جماعةً ليلة العيد، والعزم على أداء صلاة الفجر جماعةً أيضاً يوم العيد، كما أخرج الإمام مسلم في صحيحه: (دَخَلَ عُثْمَانُ بنُ عَفَّانَ المَسْجِدَ بَعْدَ صَلَاةِ المَغْرِبِ، فَقَعَدَ وَحْدَهُ، فَقَعَدْتُ إلَيْهِ فَقالَ، يا ابْنَ أَخِي سَمِعْتُ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: مَن صَلَّى العِشَاءَ في جَمَاعَةٍ فَكَأنَّما قَامَ نِصْفَ اللَّيْلِ، وَمَن صَلَّى الصُّبْحَ في جَمَاعَةٍ فَكَأنَّما صَلَّى اللَّيْلَ كُلَّهُ)؛ فليلة العيد ليلة كسائر ليالي السنة، يُمكن للمسلم قيامها، وأداء الطاعات والعبادات فيها؛ من ذِكْرٍ، وقراءةٍ للقرآن، وصلاةٍ، والإكثار فيها من التكبير، والتهليل؛ بقَوْل: "الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلّا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد"


وتجدر الإشارة إلى أنّ استحباب قيام ليلتَي العيد لا يعني قيامهما في المسجد، أو جماعةً؛ إذ اشتُرِط لقيامهما الانفراد؛ فكلّ مسلم يُقيمهما لوحده، ولا بأس بقيامه لهما مع أهله، وأضاف الإمام الشافعيّ -رحمه الله- بأنّ ليلة العيد من مواضع استجابة الدعاء، فقال: "وَبَلَغَنَا أَنَّ الدُّعَاءَ يُسْتَجَابُ فِي خَمْسِ لَيَالٍ؛لَيْلَةِ الْجُمُعَةِ، وَالْعِيدَيْنِ، وَأَوَّلِ رَجَبٍ، وَنِصْفِ شَعْبَانَ"، وبذلك يكون إحياء ليلتَي العيد؛ طاعةً وتقرُّباً لله -تعالى-؛ للفوز برضاه، ونَيْل مغفرته، ورحمته.

 

سُنَن ليلة العيد ويَوْمه

 

تُسَنّ للمسلم في ليلة العيد ويَوْمه عدّة أعمالٍ واردةٍ عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام-، بيان وتفصيل البعض منها فيما يأتي:

  • استقبال العيد ببهجةٍ، وفرحٍ، وسرورٍ، وتبادُل التهاني بين المسلمين، والدعاء لهم.
  • الذهاب إلى مُصلّى العيد باكراً، وسَيراً على الأقدام؛ لِما ورد عن عليّ بن أبي طالب -رضي الله عنه- أنّه قال: (من السُّنَّةِ، أن تخرجَ إلى العيدِ ماشيًا، وأن تأكلَ شيئًا قبل أن تخرجَ).
  • الحرص على سدّ حاجات المسلمين، وإغنائهم عن السؤال، وبَذْل الصدقات، وأداء صدقة الفِطْر قبل صلاة عيد الفِطْر.
  • الاغتسال للعيد، والتطيُّب بأطيب الروائح، وارتداء أفضل الثياب.
  • الأكل قبل الذهاب إلى صلاة عيد الفِطر بخِلاف عيد الأضحى، والأفضل أكل التمر؛ استدلالاً بما أخرجه الإمام البخاريّ في صحيحه عن أنس بن مالك -رضي الله عنه-: (كانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لا يَغْدُو يَومَ الفِطْرِ حتَّى يَأْكُلَ تَمَراتٍ).
  • التكبير؛ استدلالاً بِقَوْل الله -تعالى-: (وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّـهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)، كما يُسَنّ الجَهْر بالتكبير للرجال؛ إعلاناً وإظهاراً لتعظيم الله -سبحانه-، ويكون التكبير لعيد الفِطْر من حين الخروج إلى أداء صلاة العيد، امتداداً إلى الخُطبة، وقِيل من غروب شمس آخر يومٍ من شهر رمضان إلى إتمام صلاة العيد، أمّا التكبير في عيد الأضحى، فيبدأ من صباح يوم عرفة إلى عصر اليوم الثالث عشر من ذي الحِجّة.
  • مخالفة الطريق في صلاة العيد؛ بالذهاب إلى المُصلّى من طريقٍ، والعودة من طريقٍ آخر؛ لِما ثبت في صحيح الإمام البخاريّ عن جابر بن عبدالله -رضي الله عنه-: (كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إذَا كانَ يَوْمُ عِيدٍ خَالَفَ الطَّرِيقَ).
  • شهود المسلمين جميعهم صلاة العيد وخُطبته، حتى النساء الحُيَّض، إلّا أنّهن يعتزلن المُصلّى؛ فقد ثبت في الصحيح أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- قال: (أَمَرَنَا رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، أَنْ نُخْرِجَهُنَّ في الفِطْرِ وَالأضْحَى، العَوَاتِقَ، وَالْحُيَّضَ، وَذَوَاتِ الخُدُورِ، فأمَّا الحُيَّضُ فَيَعْتَزِلْنَ الصَّلَاةَ، وَيَشْهَدْنَ الخَيْرَ، وَدَعْوَةَ المُسْلِمِينَ).

 

حُكم صلاة العيد

 

بيّن العلماء الحُكم التفصيليّ لصلاة العيد، مع اتّفاقهم على مشروعيّتها، وبيان ما ذهبوا إليه فيما يأتي:

  • الشافعيّة: قالوا بأنّ صلاة العيد سُنّةٌ مُؤكَّدةٌ؛ إذ إنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- لم يمتنع عنها، واقتدى به الصحابة -رضي الله عنهم-.
  • الحنفيّة: قالوا بوجوب صلاة العيد على كلّ مسلمٍ تجب عليه صلاة الجمعة؛ إذ إنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- داوم عليهما دون انقطاعٍ، وقالوا أيضاً بأنّ المقصود بقَوْل الله -تعالى-: (قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّى*وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى)؛ صلاة عيد الفِطْر، والمقصود من قَوْله -تعالى-: (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ)؛ صلاة عيد الأضحى.
  • المالكيّة: قالوا بأنّ صلاة العيد سُنّةٌ مُؤكَّدةٌ على المسلمين؛ لأنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- حَثّ المسلمين، وجمعهم عليها، وخطب بهم.
  • الحنابلة: قالوا بأنّ صلاة العيد فَرض كفايةٍ على المسلمين؛ إذ تسقط بأدائها من جماعةٍ من المسلمين.
شارك المقالة:
64 مشاهدة
المراجع +

موسوعة موضوع

هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook