يُعَدّ صيام شهر رمضان فرضاً على كلّ مُسلمٍ، ورُكنٌ من أركان الإسلام الخَمس، كما ثبت في صحيح مسلم عن عبدالله بن عمر -رضي الله عنهما- أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- قال: (بُنِيَ الإسْلامُ علَى خَمْسٍ، شَهادَةِ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وأنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ ورَسولُهُ، وإقامِ الصَّلاةِ، وإيتاءِ الزَّكاةِ، وحَجِّ البَيْتِ، وصَوْمِ رَمَضانَ)، ويُحرَّم على المسلم الإفطار دون عُذرٍ، ويجب في أعذارٍ أخرى، كالحيض، والنفاس؛ لقول الرسول -عليه الصلاة والسلام-: (أليسَ إذَا حَاضَتْ لَمْ تُصَلِّ ولَمْ تَصُمْ قُلْنَ: بَلَى، قالَ: فَذَلِكِ مِن نُقْصَانِ دِينِهَا)، فلا يصحّ الصيام من الحائض أو النفساء، ويجب عليهما الفِطْر، ثمّ القضاء، ويُعرَّف الحيض بأنّه: الدم الخارج من الرَّحِم في أوقاتٍ مُحدَّدةٍ معلومةٍ، وهو يدلّ على بلوغ الأنثى، أمّا النفاس، فهو: الدم الخارج من المرأة بسبب الولادة؛ إمّا قبلها بزمنٍ يسيرٍ، أو خلالها، أو بعدها.
يُراد بمَنْع الحَمْل: اللجوء إلى الطُّرق والوسائل التي تمنع وتحوُل بين المرأة والحَمْل، ومنها: العَزْل، والامتناع عن الجِماع وقت الإخصاب، وتناول بعض العقاقير المانعة من الحَمْل، وغيرها.
النَّسل نِعمةٌ من نِعَم الله -تعالى- على الإنسان، وقد حَثّ الإسلام على التناسُل والتكاثُر؛ ولذلك يَحرم مَنْع الحَمْل خوفاً من الفقر، قال -تعالى-: (وَلا تَقتُلوا أَولادَكُم خَشيَةَ إِملاقٍ نَحنُ نَرزُقُهُم وَإِيّاكُم إِنَّ قَتلَهُم كانَ خِطئًا كَبيرًا)، كما يحرم على المسلم استئصال القدرة على الإنجاب؛ سواء عند الرجل، أو المرأة، إلّا إن تحقّق ضرر مُؤكَّد بسبب الإنجاب، مع إباحة تناول حبوب مَنْع الحَمْل لضررٍ ما، بموافقة الزوج إن كانت الزوجة لا تستطيع الحمل والولادة كلّ سنةٍ، على أن يكون المَنْع بوسيلةٍ مشروعةٍ لا يلحق بالزوجة أيّ ضررٍ بسببها، وأن يكون بقرار طبيبٍ موثوق، ومن الأحوال التي يجوز للمرأة أن تتناول حبوب مَنْع الحمل فيها: تناوُلها لمدّة سنتَين لإتمام رضاعة ولدها؛ وبذلك فالإسلام يُجيز مَنْع الحَمْل في ظروفٍ وأحوالٍ خاصّةٍ؛ إذ يُباح إن كان الرجل كثير الأولاد، أو كانت المرأة ضعيفةً، أو كان الرجل فقيراً لا يستطيع إعالة أُسرته، أو لا يستطيع تربية أبنائه.
تتعدّد الأمور التي يتمّ تناول حبوب مَنع الحيض لتحقيقها، ومنها: المحافظة على صحّة الطفل أو الأمّ، أو تنظيم الحَمْل، أو بقصد إتمام مناسك الحَجّ أو العُمرة، أو بقَصْد تحقُّق الحيض؛ فإن كان بهدف نزول دم الحيض في رمضان؛ للإفطار فيه، فلا يجوز تناول تلك الحبوب؛ إذ إنّ في ذلك تحايُلٌ على أحكام الشريعة، أمّا حُكم تناول المرأة حبوبَ مَنْع الحيض في رمضان، فقد اختلف العلماء في ذلك، وذهبوا إلى قولَين، بيانهما آتياً:
موسوعة موضوع