الجمهور لغةً: يطلق على جلّ الشيء وأكثره، وجمهور العلماء اصطلاحاً: يعني اتّفاق أكثرهم على حكمٍ شرعيٍّ ما، وانفراد أحدهم بقول آخر.
إنّ جمهور العلماء في الفقه الإسلامي يطلق على أصحاب المذاهب الأربعة؛ وهم: المذهب الحنفي، والمذهب الشافعي، والمذهب المالكي، والمذهب الحنبلي. ورأي الجمهور في حكم مسألةٍ ما، يعني رأي الأغلبية والأكثرية، فلو قلنا أن للمسألة قولان: قولٌ للشافعية وقولٌ للجمهور، فالجمهور هنا هم الأئمة الأربعة عدا الشافعية، وكذلك لو كان للمسألة ثلاثة أقوال: قول للشافعي، وقول لمالك، وقول للإمامين المتبقّيين، فهنا يصبح هذان الإمامان جمهوراً أمام الشافعي ومالك، وفيما يأتي سوف نذكر نبذة عن هذه المذاهب الأربعة:
إن الخلاف بين العلماء ظاهرةٌ طبيعية، اقتضتها النصوص الشرعية، وذلك للأسباب الآتية:
وإن لكل عالمٍ كيفيّة في استنباط الأحكام الشرعية من النصوص، وكذلك العلماء يتفاوتون بتقدير المصالح الشرعية التي تنبني عليها الأحكام، وهذا الاختلاف إنما جاءت نتائجه رحمة للأمّة الإسلامية بالتوسعة عليها، لِئلّا تضيق عليهم بالأمور، والتوسعة ليست على العالم المجتهد عند استنباطه للحكم الشرعي، لأنه مكلّفٌ باتّباع الحق لا التيسير على نفسه، ونحن نتبع أكثرهم صواباً، وإن كان غرضهم هو اتّباع الكتاب والسنة، فحدث الخلاف بينهم لقياسٍ أو تأويل.
أما ما ورد من النهي عن الاختلاف في قول الله تعالى: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّـهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا)، وفي قوله تعالى: (وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَـٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ)، فالمفسّرون ذكروا أن الاختلاف المنهيّ عنه إنما هو الاختلاف على الرسل، فلو خالف عالمٌ قول الرسول -صلى الله عليه وسلم- فإن قوله مرفوض، ولا يزال العلماء يختلفون في بعض المسائل مع اتّفاقهم على تعظيم الله ورسوله والشرع الإسلامي، ولكلٍ منهم أدلته، قال صلى الله عليه وسلم: (إذا حكم الحاكمُ فاجتهد فأصاب فله أجرانِ، و إذا حكم فاجتهد فأخطأ فله أجرٌ واحدٌ).
موسوعة موضوع