بما أنَّ سورة الملك مكية فقد كانت على غرار السور المكيّة في مضامينها، حيثُ ابتدأت بتعريف المؤمنين معاني عظمة الله وتفرُّده بالدين الحق، والنظر والتأمل في بديع خلقه، وإتقان صنعه -سبحانه وتعالى-، فأقرَّت ربوبيَّةَ الله تعالى بعرضِ دلائل القدرةِ والعلم والحكمة والخير وبيان الحكمة من خلق الحياة والموت؛ كما في قوله تعالى: "تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (1) الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ
وردَ فضل سورة الملك في كثير من الأحاديث، وفي بعض تلك الأحاديث أنها تشفع لصاحبها وتنجيه من عذابِ القبر، كما في الحديث الذي قال فيه الرسول -صلَّى الله عليه وسلم-: "سورةُ تبارك هي المانعةُ من عذاب القبر" ، والظاهر من الحديث أنّ النّجاةَ تحصل لمن يحتاج إليها من أهل المعاصي، وقيل أيضًا: أنها تمنع من المعاصي التي توجبُ عذاب القبر. وعن أبي هريرةَ -رضي الله عنه- عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال: "إنَّ سورة في القرآن ثلاثون آية، شفعَت لرجلٍ حتى غُفر له، وهي: تبارك الذي بيده الملك
لسورةِ الملك شأنٌ عظيم، وقد وردت أحاديث كثيرة في فضلِ قراءتها كما مرَّ معنا في الفقرة السابقة، ولكن ما ينتشر بين الناس من كلام عن سورة الملك بأنّ لها فضلًا عظيمًا في قراءتها قبلَ النوم أو كلّ ليلة، وكل ما وردَ عن فضلِ قراءتِها قبل النوم أو كل ليلة أحاديث فيها ضعف، فيكفي المؤمنَ أن يجتهد في قراءة سورة الملكِ وفي قراءةِ القرآن الكريم من أوَّله إلى آخرِه، ولا ينفعه ذلك إلا إذا عمل بما يقرأ، أما إذا قرأها ولم يعمل بها فلا تنفعه وكذلك بقيَّةُ القرآن الكريم، وكما جاء في الحديث عن النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "والقرآن حجَّة لك أو عليك
العربية
