يعني رَمْي الجمرات في اللُّغة: دَفع الحصى الصغيرة أو قَذفها، أمّا في الاصطلاح الشرعيّ، فيعني: قَذف الحصى الصغيرة إلى مكانٍ يُسمّى حَوض الجمرة، ويُشار إلى أنّ الجمرة سُمِّيت بهذا الاسم؛ لاجتماع الحصى في مكان الرَّمْي، أو لتجمُّع الحُجّاج عندها للرَّمْي، وحتى يكون الرَّمْي صحيحاً، لا بُدّ أن تقع الحصى داخل الحوض وتحت العمود الظاهر في وسطها؛ وذلك لفِعل النبيّ -عليه الصلاة والسلام-،وفي هذا المقال سيتمّ توضيح الحِكمة من رَمْي الجَمَرات، وما يتعلّق بهذه الشعيرة من أعمال وأحكام.
الأصل في تشريع العبادات الانقياد التامّ إلى الله -تعالى-، ومع ذلك فإنّ لكُلّ عبادة العديد من الحِكَم؛ لأنّ الله -تعالى- لم يأمر بشيء، أو يشرعه عَبَثاً، وهذه الحِكَم لا يعلمها الناس جميعهم؛ إذ قد يعلمها البعض، وتخفى على البعض الآخر، أمّا الحِكم من تشريع رَمْي الجمرات، فمنها ما يأتي:
اتّفق الفُقهاء على أنّ رَمْي الجَمَرات من واجبات الحجّ؛ واستدلّوا على ذلك بالسنّة والإجماع؛ فمن السنّة قول النبيّ -عليه الصلاة والسلام- للرجل الذي جاء يسأله في يوم النَّحر: (فَجَاءهُ رَجُلٌ فَقالَ: لَمْ أشْعُرْ فَحَلَقْتُ قَبْلَ أنْ أذْبَحَ؟ فَقالَ: اذْبَحْ ولَا حَرَجَ فَجَاءَ آخَرُ فَقالَ: لَمْ أشْعُرْ فَنَحَرْتُ قَبْلَ أنْ أرْمِيَ؟ قالَ: ارْمِ ولَا حَرَجَ فَما سُئِلَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن شيءٍ قُدِّمَ ولَا أُخِّرَ إلَّا قالَ: افْعَلْ ولَا حَرَجَ) ووجه الدلالة من الحديث أنّ فيه أمر بالرَّمْي، والأمر يُفيد الوجوب، وقد استدلّوا أيضاً بفِعل النبيّ -عليه الصلاة والسلام- في كثير من الأحاديث، وورد عن الكاسانيّ إجماع الأُمّة على وجوب رَمْي الجمرات