اتّفق المسلمون في السنة السادسة عشر للهجرة على أنَّ أول الأشهر الهجرية هو شهر الله المُحَرَّم، وكان ذلك في عهد أمير المؤمنين الخليفة عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، وقد أُدخِلَت عليه الألف واللاّم دون غيره من الشهور كما بيّن ذلك النَحَّاس ويتبيّن فضل شهر الله المحرم من إضافته إلى الله -تعالى- كقول: ناقة الله، وبيت الله؛ فهي إضافة تشريف وتفضيل، وقد ذكر الله -تعالى- الأشهر الحُرُم في كتابه العزيز في قوله: (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهورِ عِندَ اللَّـهِ اثنا عَشَرَ شَهرًا في كِتابِ اللَّـهِ يَومَ خَلَقَ السَّماواتِ وَالأَرضَ مِنها أَربَعَةٌ حُرُمٌ ذلِكَ الدّينُ القَيِّمُ فَلا تَظلِموا فيهِنَّ أَنفُسَكُم)ال الإمام القرطبي: إنّ اختصاص الأشهر الأربعة الحُرُّم بالنهي عن ظلم النفس فيها هو من باب التشريف لها؛ لأنّ الظلم مُحَرَّم في جميع الأشهر، وذهب إلى هذا القول أكثر أهل التأويل
سميت الأشهر الأربعة الحُرُم بهذا الاسم لأنَّه لا يجوز فيها الغزو والقتال، أمّا بالنسبة للاسم القديم لشهر المُحَرَّم فهو صفر الأوّل؛ لتميّزه عن صفر الثاني الذي عُرف به، وكان يُعرف صفر و المُحَرَّم معاً بالصفرين، أمّا عند قدماء العرب وبعض علماء اللغة فقد عُرِّف بلفظ الموجب، واسمه عند الجاهليين كان صفر الأوّل، أمّا اسم المُحَرَّم فقد أطلق عليه في الإسلام؛ لأنّه كان في البداية صفةً له لحرمته ثمَّ غلب عليه الاسم وأصبح علماً له] وقد سُميّ بذلك أيضاً لأنّه الحروب كانت تُحَرَّم فيه، ولأنّ الله -تعالى- عندما لعن إبليس، وأنزله إلى الأرض؛ حرَّم عليه الجنّة، وكان ذلك في هذا الشهر
يختلف فضل شهر المُحَرَّم نفسه، عن فضل الأعمال الصالحة فيه، وتوضيح ذلك فيما يأتي