كيفية اداء العمرة(1)

الكاتب: مروى قويدر -
كيفية اداء العمرة(1)

كيفية اداء العمرة(1).

 

 

العمرة:

 

تعرّف العمرة في الاصطلاح الشرعي بأنّها عبادةٌ لله تقوم على عدّة أركانٍ لا بدّ من إتيانها، وتترتّب على العمرة الكثير من الفضائل، يُذكر منها: مغفرة الله -تعالى- للمعتمر الذي لا يرتكب المعاصي؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم: (مَن أَتَى هذا البَيْتَ، فَلَمْ يَرْفُثْ، وَلَمْ يَفْسُقْ، رَجَعَ كما وَلَدَتْهُ أُمُّهُ)، والنص يشمل الحج والعُمرة على حدٍ سواءٍ، كما يُكفّر الله عن المعتمر الذنوب بين العمرتين، وينفي عنه الفقر، ويستجيب له دعاءه، ومن الأحاديث التي بيّنت ذلك قول النبي: (تابِعوا بينَ الحجِّ والعُمرةِ فإنَّهما ينفيانِ الفقرَ والذُّنوبَ كما ينفي الكيرُ خبَثَ الحديدِ والذَّهبِ والفِضَّةِ)، كما أنّ العُمرة بالنسبة للنساء بِمقام الجهاد للرجال، لحديث النبي الذي سألته فيه عائشة -رضي الله عنها- عن جهاد النساء فأجابها: (نعَم عليهِنَّ جِهادٌ لا قِتالَ فيهِ: الحجُّ، والعُمرةُ).


والمُعتمر يُعدّ زائراً لله تعالى، لحديث النبي عليه الصلاة والسلام: (وفْدُ اللهِ ثلاثةٌ: الحاجُّ والمعتمِرُ والغازي)، ويشهد الحجر الأسود يوم القيامة لمن طاف بالبيت واستلمه، لحديث النبي عليه السلام: (واللهِ ليبعثَهُ اللهُ يومَ القيامةِ، لهُ عَينانِ يُبصرُ بهِما، ولسانٌ ينطقُ بهِ، يشهدُ على مَن استلمَهُ بحقٍّ)، وكُل تلك الفضائل لا تتحقّق إلّا لمن ذهب للعُمرة مُخلصاً نيّته وعمله لله سائراً على نهج النبي -عليه السلام- في أدائها.

 

كيفية أداء العمرة:

 

إن للعمرة أركاناً لا بدّ من تحقّقها والقيام بها، إلّا أنّ علماء المذاهب الفقهية الأربعة اختلفوا في تحديدها مع اتّفاقهم بأنّ الإحرام يقدّم على جميع الأعمال وفيما يأتي بيان ذلك الخلاف:

  • القول الأول: ذهب المالكية والحنابلة إلى القول بأنّ للعمرة ثلاثة أركان؛ وهي: الإحرام ،والطواف، والسعي بين الصفا والمروة.
  • القول الثاني: ذهب الشافعية إلى القول بأن العمرة قائمةً على خمسة أركان، وهي: الإحرام، والطواف، والسعي، وحلق أو تقصير الشعر، والترتيب بين الأركان.
  • القول الثالث: ذهب الحنفية إلى اعتبار أن للعمرة ركناً واحداً يتمثّل بالإتيان بأربعة أشواطٍ فأكثر من الطواف، واعتبروا أن الإحرام للعمرة شرطٌ لها، أما السعي بين الصفا والمروة والتحلّل من الإحرام فمن الواجبات.

 

الإحرام

 

يُعرّف الإحرام بأنّه نية الدخول في العمرة، ويُسنّ للمعتمر التلبية حين الإحرام عند الجمهور من العلماء بخلاف الحنفية الذين ذهبوا إلى القول بأنّ التلبية شرطٌ، وتكون بقول: "لبيك اللهم لبيك"، وللإحرام شروطٌ ومحظوراتٌ ومُستحباتٌ فيما يأتي بيانها:

  • شروط الإحرام: يُشترط لصحة الإحرام الإسلام والنية.
  • مستحبات الإحرام: يسنّ للاستعداد للإحرام بالعمرة الاغتسال بأي كيفيةٍ كانت، وقصّ الشارب والأظافر، والأخذ من شعر الإبط، كما يُسنّ التطيّب في البدن فقط دون أن يمسّ الطيب شيئاً من الثوب، ويُسنّ أيضاً لبس ملابس الإحرام؛ وهي الإزار والرداء، والأفضل أن يكونا أبيضين جديدين مغسولين، كما يسنّ لبس النعل*، وصلاة ركعتين بنية سنة الإحرام، ويُسنّ للرجل رفع صوته بالتلبية أمّا المرأة فتخفض صوتها بها مع الاستمرار بها إلى حين البدء بالطواف، ويجوز للمُحرم خلع ملابس الإحرام أو تغييرها، أمّا المرأة فيجوز لها لبس ما شاءت من الثياب.
  • محظورات الإحرام: حرّم الإسلام على المعتمر بعد إحرامه فعل بعض الأمور المُباحة عادةً، وهي ما تُسمّى بِمحظورات الإحرام، وهذه المحظورات منها ما هو خاصٌ بالرجال، ومنها ما هو مُتعلقٌ بالنساء، ومنها ما هو مُشتركٌ بينهما، وبيانها فيما يأتي:
    • المحظورات المُشتركة بين الرجال والنساء: وهي:
      • حلق شعر الرأس أو نتفه أو قَصّه؛ لقوله -تعالى-: (وَلَا تَحْلِقُوا رُؤوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ*)، وكذلك إزالة باقي شعر الجسم قياساً على شعر الرأس.
      • مسّ الطيب، فيحرم على المُحرم وضع العطر على بدنه أو على ملابس الإحرام؛ لقول النبي في الرجل الذي مات مُحرماً: (اغْسِلُوهُ بمَاءٍ وسِدْرٍ*، وكَفِّنُوهُ في ثَوْبَيْنِ، ولَا تَمَسُّوهُ طِيبًا، ولَا تُخَمِّرُوا* رَأْسَهُ، ولَا تُحَنِّطُوهُ*، فإنَّ اللَّهَ يَبْعَثهُ يَومَ القِيَامَةِ مُلَبِّيًا).
      • عقد النكاح، فلا يجوز للمُحرم أن يبرم عقد الزواج لنفسه أو لغيره وكالةً؛ لقول النبي: (إنَّ المُحرمَ لا يَنْكِحُ ولا يُنْكِحُ).
      • قتل صيد البر أو الإعانة على صيده، أمّا صيد البحر فيجوز؛ لقوله تعالى: (أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا).
      • المُباشَرة* سواءً أكانت باللمس أو التقبيل بشهوةٍ، وكذلك الجِماع.
    • المحظورات الخاصة بالرجال: وهي:
      • تغطية الرأس أو بعضه إلّا لعذرٍ، وأمّا الاستظلال بشيءٍ كالمظلّة فإنّه جائزٌ.
      • لبس المخيط والمحيط، وهو اللباس المُعتاد كالقميص والإزار والخفّ الذي يغطّي الكعبين، وقد سئل النبي عن صفة لباس المُحرم فقال: (لَا يَلْبَسُ القُمُصَ، ولَا العَمَائِمَ، ولَا السَّرَاوِيلَاتِ، ولَا البَرَانِسَ، ولَا الخِفَافَ إلَّا أحَدٌ لا يَجِدُ نَعْلَيْنِ، فَلْيَلْبَسْ خُفَّيْنِ، ولْيَقْطَعْهُما أسْفَلَ مِنَ الكَعْبَيْنِ).
    • المحظورات الخاصة بالنساء: وهي لبس النقاب أو البُرقع أو القُفازين، ويجوز للمرأة إنزال شيءٍ على وجهها لئلا يراها الأجانب حتى وإن مسّ وجهها عند المالكية والحنابلة، أمّا الحنفية والشافعية فقد اشترطوا عدم ملامسة الشيء الساتر لوجهها؛ لحديث النبي: (المُحْرِمَةُ لا تَنتقِبُ، ولا تلبَسُ القُفَّازَيْنِ).


أما من ارتكب محظوراً من المحظورات السابقة وكان عالماً بالحُرمة متعمّداً الفعل مختاراً غير مُكره؛ تجب عليه كفارةٌ بحسب المحظور المرتكب المبيّن فيما يأتي:

  • كفارة المحظورات المتعلقة بالبدن: وبيانها فيما يأتي:
    • اللباس: إن كان المحظور بلبس شيءٍ من المخيط والمحيط نهاراً كاملاً، أو تغطية الرأس أو الوجه؛ وجب على المُحرم دم عند الحنفية، وإن كان ارتكب المحظور لأقلّ من يومٍ فعليه صدقةً، ويرى الشافعي وأحمد أنّ عليه الفدية بمُجرد اللبس، بينما يرى المالكية أنّ الفدية لا تجب على من لبس شيئاً إلّا إذا وقاه من حرٍّ أو بردٍ، وإلّا فلا شيء عليه.
    • التطيّب: فرّق الحنفية بين التطيّب في البدن أو الثوب، فقالوا من طيّب بدنه كاملاً أو عضواً كاملاً وجبت عليه شاةٌ إن كان التطيّب في نفس الوقت، وإن اختلف فلكلّ طيبٍ كفارةٌ، وإن كان الطيب في أقلّ من عضوٍ فعليه صدقةً، وأمّا من تطيّب في ثوبه فعليه دمٌ بشرط أن يكون الطيب كثيراً ومستمراً لمدة يومٍ أو ليلةٍ، فإذا اختل أحد هذه الشروط فعليه صدقةٌ، في حين يرى جمهور الفقهاء الفدية بمجرد التطيّب ولم يقيدوه بشيءٍ.
    • تقليم الأظافر: ذهب الحنفية إلى أنّ من قَلّم جميع أظافره في وقتٍ واحدٍ تجب عليه شاةٌ، وإن قصّ أظافره في أوقاتٍ متفرّقةٍ تجب عليه صدقةٌ لكلّ ظفرٍ، وأمّا المالكية فذهبوا إلى أنّ من قلّم ظفراً واحداً دون معنى؛ كالترفيه والعبث، فيجب عليه التصدّق بالطعام، وإن قصّ ظفرين في مجلسٍ واحدٍ فعلية فدية، أمّا الشافعية والحنابلة فقالوا بأنّ الفدية تجب بقصّ ثلاثة أظافر وأكثر في مجلسٍ واحدٍ.
    • إزالة الشعر: ذهب الحنفية إلى أنّ الفدية تجب على المُحرم الذي يحلق رُبع رأسه فأكثر؛ وذلك لأنّ الربع يقوم مقام الكل، وأقل من ذلك فيه صدقة، بينما فرّق المالكية بين القصد وعدمه، فقالوا: من حلق دون قصد إزالة الأذى فعليه صدقة، وإن كان قاصداً فعلية الفدية، أمّا إن بلغ الحلق اثنتي عشر شعرةً فيجب فيهنّ الفدية بأي حالٍ، وكفارة المحظورات المتعلقة بالبدن على التخيير؛ إمّا بذبح شاةٍ أو التصدّق بثلاثة آصع على ستة مساكين أو صيام ثلاثة أيام، وذهب الشافعي وأحمد إلى القول بوجوب الفدية بحلق ثلاث شعراتٍ أو الرأس بكامله إن اتّحد الزمان والمكان.
  • كفارة قتل الصيد: ذكر الله جزاء قتل الصيد بقوله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنتُمْ حُرُمٌ وَمَن قَتَلَهُ مِنكُم مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا)، وقد اتفق الفُقهاء على أنّ من قتل الصيد خطأً فعليه فديةٌ كالمُتعمّد، والكفارة تكون بذبح حيوانٍ مثل الحيوان الذي اصطاده أو بشبيهه، والتصدّق به على مساكين الحرم، أو إطعام مساكين في مكان الصيد بقيمة الحيوان، أو أن يصوم عن كل مُدٍّ يوماً، وذلك إن كان الحيوان له مثيلاً، وإن لم يكن فيجب أداء قيمته بشراء طعامٍ والتصدّق به على مساكين الحرم أو صيام يومٍ عن كل مُدٍ من الطعام.
  • كفارة الجِماع ومُقدّماته: قال الحنفية بفساد العمرة بالجِماع إن كان قبل الطواف، وقال المالكية بالفساد بسبب الجِماع إن كان قبل السعي، وقال كلٌّ من الشافعية والحنبالة بالفساد إن كان الجماع قبل التحلّل من العمرة، ويجب عليه عند الحنفية والحنابلة شاةً، وعند الشافعية والمالكية بقرة، كما اختلف الفقهاء في المُقّدمات المباشرة المؤدية إلى الجِماع؛ كاللمس بشهوة، والمُباشَرة من غير جِماعٍ، فيجب عليه في هذه الحالة الهدي، وأمّا المُقدمات البعيدة كالنظر والفكر بشهوةٍ فذهب الحنفية والشافعية أن لا شيء عليه والحنابلة كذلك في الفكر فقط، وقال المالكية بالفساد إن نزل المني لذةً، أمّا النظر لدى الحنابلة فيجب فيه الهدي إن أدّى إلى نزول المني
شارك المقالة:
264 مشاهدة
المراجع +

موسوعة موضوع

هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook