يلجأ المسلم إلى استخارة الله -تعالى- حين يحتار في الاختيار بين أمرَين لا يصل بينهما إلى قرار، فيُصلّي ما يُعرَف شرعاً بصلاة الاستخارة، يدعو فيها الله، ويسأله أن يهديه إلى القرار الذي فيه خَير له، وتأتي الاستخارة بمعنى سؤال الخير، أو الخِيرة في الأمر المطلوب، أو المُقبَل عليه. أمّا اصطلاحاً، فهي: ركعتان يطلب العبد من الله فيهما أن يختار له الخير في أمر مُباح، أو مندوب حين تتعارض لديه الترجيحات بين أمرَين، ولا تكون الاستخارة في أمر مكروه، أو مُحرَّم، وهي سُنّة مُستَحبّة، وللمُستخير أن يُصلّي صلاة الاستخارة أكثر مرّة في أوقات مختلفة.
صلاة الاستخارة ركعتان اثنتان من غير صلاة الفريضة، يدعو فيهما المُستخِيرُ اللهَ بالدعاء الوارد عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- وهو: (اللَّهُمَّ إنِّي أسْتَخِيرُكَ بعِلْمِكَ، وأَسْتَقْدِرُكَ بقُدْرَتِكَ، وأَسْأَلُكَ مِن فَضْلِكَ العَظِيمِ، فإنَّكَ تَقْدِرُ ولَا أقْدِرُ، وتَعْلَمُ ولَا أعْلَمُ، وأَنْتَ عَلَّامُ الغُيُوبِ، اللَّهُمَّ إنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أنَّ هذا الأمْرَ خَيْرٌ لي في دِينِي ومعاشِي وعَاقِبَةِ أمْرِي - أوْ قالَ: في عَاجِلِ أمْرِي وآجِلِهِ - فَاقْدُرْهُ لِي، وإنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أنَّ هذا الأمْرَ شَرٌّ لي في دِينِي ومعاشِي وعَاقِبَةِ أمْرِي - أوْ قالَ: في عَاجِلِ أمْرِي وآجِلِهِ - فَاصْرِفْهُ عَنِّي واصْرِفْنِي عنْه، واقْدُرْ لي الخَيْرَ حَيْثُ كَانَ، ثُمَّ رَضِّنِي به، ويُسَمِّي حَاجَتَهُ)، وقد اختلف العلماء في موطن دعاء الاستخارة؛ أي في كونه بعد السلام، أم قبله، فذهب الجمهور إلى أنّ دعاء الاستخارة بعد التسليم أفضل، ويُجزِئه أن يدعوَ قبل السلام، وقد رجّح الإمام ابن تيمية أنّ الدعاء قبل التسليم أفضل من الدعاء بعده، ويُستَحبّ أن يبدأ المُستخير دعاءه، ويختمه بحمد الله، والصلاة على النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-، فيستقبل القبلة، ويرفع يديه، ويُراعي آداب الدعاء، أمّا القراءة في صلاة الاستخارة، ففيها ثلاثة آراء، هي:
أمّا في ما يتعلّق بأداء صلاة الاستخارة مُستقِلّةً، أو صلاتها مع صلوات أخرى، فللعلماء في ذلك أقوال، هي:
للعلماء في جواز أداء صلاة الاستخارة وقت النهي* أقوال؛ إذ تُعرَف هذه المسألة بذوات الأسباب، وأقوال العلماء فيها هي:
ويمكن لمن يريد تأدية الاستخارة بالدعاء أن يدعوَ في أيّ وقت يشاء؛ نظراً لأنّ الدعاء يصحّ في الأوقات جميعها، أمّا إن كانت بالصلاة والدعاء فهي ممنوعة في أوقات الكراهة عند المذاهب الأربعة، وقد قال بذلك صراحةً المالكية، والشافعية، باستثناء إباحتها في الحرم المكّي في أوقات الكراهية عند الشافعية، أمّا الحنابلة والحنفية فقد استدلوا بذلك على عموم المَنع.
على المُستخِير أن يكون مُقبلًا على الاستخارة بذهنٍ خالٍ، وأن لا يكون قلبه مائلاً إلى أحد الأمرَين، وأفضل وقت يُقبل فيه على الاستخارة هو عند ورود الخاطر على القلب؛ فبِصلاته ودعائه يظهر له الخير، أمّا إذا مال قلبه إلى أحد الأمرَين، وقَوِيت إرادته عليه، فيمكن لذلك أن يُخفي عنه الرشد في الاختيار، والأفضل للمُستخِير أن يتخيّر أفضل الأوقات، وأكثر الأوقات بركة هو الثلث الأخير من الليل؛ فهو من أفضل أوقات استجابة الدعاء؛ لحديث :(يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إلى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ يقولُ: مَن يَدْعُونِي، فأسْتَجِيبَ له مَن يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ، مَن يَسْتَغْفِرُنِي فأغْفِرَ له.).
إن لصلاة الاستخارة عدة شروط، يُذكر منها:
موسوعة موضوع