فضّل الله -تعالى- عباده بأن جعل لهم شهر مضان موسماً للتنافس بالطاعات، فاستغلّه قومٌ واستفادوا منه ففازوا، وتركه أقوامٌ فخابوا، وقد أخبر الله -تعالى- أنّ الناس أنواع من حيث تلقي شرع الله تعالى، وأوامره، والعمل بها، فقال الله تعالى: (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ)، فصنّف الله -تعالى- الناس في عبادته على ثلاثة أنواعٍ: النوع الأول مقصّرٌ في حقّ الله -تعالى- وعبادته، والثاني يقوم بظاهر العبادة تاركاً لحقيقتها، والثالث يقوم بالعبادة عالماً بحقيقتها، ويُمكن أيضاً تصنيف الناس في حالهم مع رمضان إلى ثلاثة أنواعٍ، كما بيّن ذلك الإمام الغزالي؛ حيث صنّف الناس بالنسبة لصوم رمضان إلى ثلاثة أنواعٍ، النوع الأول سمّاه صوم العامّة، والثاني صوم الخاصّة، والثالث صوم خاصّة الخاصّة، وبيّن أنّ صوم العامة هو مجرّد الامتناع عن الطعام والجِماع، وليس وراء ذلك من شيءٍ، وقد قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- واصفاً هذا النوع من الناس: (ربَّ صائمٍ ليسَ لَه من صيامِه إلَّا الجوعُ، وربَّ قائمٍ ليسَ لَه من قيامِه إلَّا السَّهرُ)، وأمّا صوم الخاصّة فهو اجتنابٌ لجميع المعاصي والآثام، كالنظر إلى ما حرّم الله، أو الكلام السيء، أو الكذب، والغيبة والنميمة، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: (إذا كان يومُ صومِ أحدِكُم فلا يَرْفُثْ ولا يَصْخَبْ، فإنْ سابَّه أحدٌ أو قاتَلَهُ فلْيقلْ: إنِّي امْرُؤٌ صائمٌ)، وأمّا صوم خاصّة الخاصّة فهو صوم الأنبياء، والصديقين، وعباد الله المقرّبين، ويكون بالإقبال على الله -تعالى- وحده بكامل الهمة، وامتناع القلب عن الأفكار الدنيوية والأفعال الرديئة.
ثمة فضائل وخصائص ميّز الله -تعالى- بها شهر رمضان المبارك، منها:
يعدّ شهر رمضان نعمةً عظيمةً، وفرصةً من الله تعالى لا بُدّ من استغلالها، وفي ما يأتي بعض الوسائل للاستفادة من رمضان:
موسوعة موضوع