يعدّ الإحسان صفةٌ من صفات العابدين المقرّبين، ويعرّف بأنّه الإتقان، أمّا في الاصطلاح الشرعي، فهو: الإتيان بالمطلوب شرعاً على وجهٍ حسنٍ، وحقيقته أن تعبد الله كأنّك تراه، فإن لم تكن تراه فإنّه يراك، ويرافق الإحسان بذل كلّ ما فيه النفع للبلاد والعباد، وفي الإحسان بذلٌ وعطاءٌ، واعترافٌ بالفضل، وقيامٌ بالواجب، فالمحسن يقدّم الخير والنفع للآخرين، ولا يؤذي أحداً منهم، وإن آذوه، فلا يردّ ذلك الإيذاء؛ وإنّما يعفو ويصفح، ويقدّم للآخرين دون انتظار شيءٍ منهم،
من أراد أن يصل إلى درجة الإحسان، التي تحقّق حبّ الله تعالى، فعليه المبادرة إلى القيام بأعمالٍ ورد ذكرها في القرآن الكريم، وكلّما بالغ العبد في الحرص على تلك الأعمال، والإكثار منها، كان ذلك من الأفضل له، وفيما يأتي بيانٌ لتلك الأعمال بشكلٍ مفصّلٍ
يطلق الإحسان على أمرين، أحدهما: الإحسان إلى الغير، والثاني: الإحسان في الفعل، والإحسان أعلى منزلةً من العدل؛ لأنّ العدل إعطاء الإنسان ما عليه، وأخذ ما له، أمّا الإحسان فهو تقديم الإنسان أكثر ممّا عليه، وأخذ أقلّ ممّا له، ولذلك فقد كان ثواب المحسنين أعلى درجةً، وفيما يأتي بيان أحوال العبد مع الله، كما قسّمها العلماءحال المراقبة: وهي المذكورة في قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: (فإنَّكَ إن لا تراهُ فإنَّه يراكَ)، وتلك المرتبة من الإخلاص لا تأتي دونها أيّ مرتبةٍ، فإن تجاوزها العبد في أعماله، وفقد مراقبة الله له؛ فَسد عمله، وهي الحالة الوسطى بين الرياء والإخلاص، فالإخلاص واجبٌ على المسلم، في كلّ عملٍ يقوم به، وقد خشي رسول الله على المسلمين من الوقوع في الرياء، فكان يقول: (إنَّ أخوَفَ ما أخافُ عليكم الشركُ الأصغرُ، فسُئل عنه، فقال: الرياءُ يقولُ اللهُ يومَ القيامةِ للمرائين: اذهبوا إلى ما كنتم تُراءون في الدنيا فانظروا هل تجدون عندَهم مِن جزاءٍ؟)