لا تنكر المجتمعات والأمم على اختلاف ثقافاتها أهميّة الأخلاق وضرورتها، والحاجة الماسّة لتحلِّي الأفراد والتزامهم بها، وما يترتّب مقابل التّخلي عنها وعدم الالتزام بها من عواقب وخيمةٍ، وهناك عدّة شواهد تاريخيّة ودينيّة تؤكد أنّ تدنّي الأخلاق، وانحدار مستواها، وتخلّي الأفراد عنها كانت سبباً في زوال الحضارات والأُمَم أو تردّي أحوالها، ومن هذه الشواهد ما جاء في القرآن الكريم من قول الله -تعالى- واصفاً قوم ثمود وقوم فرعون، وما كان منهم من فساد وإفساد كبيرين، وما كانت عاقبتهم، فقال: (وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ*وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتَادِ*الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ*فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ*فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ)
يختلف تعريف الأخلاق لُغةً عن تعريفها اصطلاحاً، وفيما يأتي بيان ذلك:
إنّ للأخلاق الحَسنة فوائد وثمراتٍ يجنيها من يتحلّى بها ويتمثّلها في سلوكاته وتصرّفاته وأفعاله، وهذه الفوائد والثّمرات منها ما هو ثواب أُخرويّ، ومنها ما هو ثواب دنيويّ، فالثواب الأخروي يتمثّل بالحصول على محبّة الله -تعالى- ومحبّة رسوله صلّى الله عليه وسلّم، والفوز برضا الله -تعالى- وجنّته، فقد قال النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- فيما يرويه جابر بن عبد الله رضي الله عنه، حيث قال: (إنَّ من أحبِّكم إليَّ، وأقربِكم مني مجلساً يومَ القيامةِ أحاسِنكم أخلاقاً، وإنَّ أبغضَكم إليَّ وأبعدَكم مني مجلساً يومَ القيامةِ الثَّرثارونَ، والمُتشدِّقونَ، والمُتفيهقونَ، قالوا: قد علِمْنا الثرثارونَ والمتشدِّقونَ، فما المتفيهقونَ؟ قال: المُتكبِّرونَ)