حرب البسوس هي واحدة من أشهر الحروب التي قامت في التاريخ، والتي دارت على مدى أربعين عاماً، وفي روايةٍ أخرى لفترة عشرين عاماً، وكان سبب اشتعالها ناقة !. اشتعلت حرب البسوس بين قبيلتي تغلب بن وائل وحلفائها، وقبيلة بني شيبان وحلفائها، وذلك إبان قتل كليب بن ربيعة التغلبي لناقة سعد بن شمس الجرمي، جار البسوس بنت منقذ التميميّة.
كان كليب بن ربيعة التغلبي ملكاً لقبائل معد وسيداً عليهم، وكان هذا سبب بغائه وزهوه، فلم يعد يرعى حماه، عاث في الأرض تجبراً وفساداً، بحيث لا توقد نارٌ مع ناره ولا تورد إبل أحدٍ مع إبله.
رد مرّة عليهم قائلاً: " أمّا إحيائي فهذا ما لا يكون، وأما جسّاس فإنه غلامٌ طعنَ طعنةً على عجلٍ ثم ركب فرسهُ فلا أدري أيُّ البلاد احتوى عليه، وأمّا همامٌ فإنّه أبو عشرة وأخو عشرة وعمُّ عشرةٍ كلّهم فرسان قومهم، فلن يسلموه لي فأدفعه إليكم ليقتلَ بجريرةِ غيره، وأمّا أنا فهل هو إلّا أن تجول الخيل جولةٌ غداً فأكونُ أوّل قتيلٍ بينها، فما أتعجّل من الموت ؟!
ولكن لكم عندي خصلتان، أمّا إحداهما فهؤلاء بنيّ الباقون فعلقوا في عنق أيّهم شئتم نسعةً فانطلقوا به إلى رحالكم فاذبحوه ذبح الجزور، وإلّا فألفُ ناقةٍ سوداء المقل أُقيم لكم بها كفيلاً من بني وائل !".
غضب الرجال من كلامه، وأخبروه بأنه قد أساء إليهم بتلك المساومة، ولحقت جليلة بنت مرّة بأهلها، وودّعت في طريقها قبائل غفيلة بن قاسط والنمر بن قاسط الذين انضموا إليها. اعتزلت قبائل بكر بن وائل قبيلة بني شيبان وكرهوا جوارهم ومساعدتهم؛ لأنّهم رأوا سبب قتل كليب لأجل ناقةٍ بأنه أمرٌ عظيم، فارتحلت عنهم قبائل بني يشكر وبني عجل وكفّوا عن مناصرتهم، أمّا الحارث (سيّد بني قيسٍ) فقد انقبض في بيته.