الصداقة الحقيقية هي ما تنبع من القلب ويكون أساسها الحب والتقدير والاحترام، وهي التي تدوم لسنوات وتبقى طول العمر، فالصديق هو من تجده وقت الضيق وهو من يعاونك في أصعب الظروف وهو من يكون بجانبك ويشاركك الهموم ويسارع في إيجاد الحلول،الصديقهو من تحلو الحياة برفقته وهو من يخفف الآلام عنا، وفي هذه المقالة سنقدم أجمل ما قال العلماء والشعراء في الصداقة.
الصديق الصادق نادر جداً هذه الأيام، نادر أن تجده، ونادر أن يستمر معك، ونادر أن تجدوفاءه، فإذا حصلت على صديق صادق فحافظ عليه قبل فوات الأوان، ليس لأنه سيتركك، بل لأنك لا تأمن نوائب القدر إذا فرّق بين الأحباب وبينهم كلمة تراد أن تقال، كم من أخ عرفناه، وصديق ألفناه، طوى الزمان صفحته، ومضى به قطار الحياة، فودعنا ورحل، ولم يبقي لنا إلّا الذكريات، ولأن عز فيالدنيااللقاء، فبالآخرة لنا رجاء.
يا صحبة في الله تحلو الحياة بهم وينجلي الهم بهم والجرح يندمل، لي إخوة حبّهم في الروح متصل والفكر فيهم وإن غابوا منشغل، فارقتهم جسداً والقلب بينهم، والشوق في قلبي يخبو ويشتغل، ما أجمل تلك المشاعر البشرية والأحاسيس الإنسانية المرهفة الصادقة المفعمة بالحب والنقاء، التي تمتلئ بها الروح ويضطرب بها القلب ويهتز بها الوجدان، ما أجملها من أخوّة، وما أروعها من نفحات إيمانية عذبة، يستشعرها الأخ تجاه أخيه، فتسري في عروقه سريان الماء الزلال بعد فورة عطش شديد، فيثلج صدره، ويروى ظمؤه، ليعود للقلب نقاؤه، وللنفس صفاؤها، فتطمئن الروح وتعود لتنشر أريج الودوالحبمن جديد.
الصديق خير من ترتكز على كتفه إذا حزنت، حزنك الكبير يبدأ بالتّضاؤل والغروب بعيداً، هدهدته لك تمنحك أملاً جديداً، ذلك العالم الذي ضاق بك يبدأ يتّسع شيئاً فشيئاً، وفي فرحتك تشعر أنّ الكون لا يسعها إذا كان حولك أصدقاؤك كأنك بحاجة إلى استعارة أكوان أخرى تضع فيها هذهالسعادة، كيف لا وقد انسجمت الأرواح معاً كما تألفت وتقاربت الأعمار.
بَشّارِ بنِ بُرد العُقيلي، أبو معاذ، نشأ في البصرة أدرك الدولتين الأموية والعباسية وأصله من طخارستان غربي نهر جيحون وهو من أشعر المولدين، أمّا نسبه فيعود امرأة عقيلية أعتقته من الرق، لديه كثير من الشعر المتفرق وجمع بعضه في ديوان، اتهم بالزندقة فمات ضرباً بالسياط ودفن بالبصرة، أمّا قصيدته فقال فيها:
جفا ودهُ فازور أو مل صاحبهُ
خَلِيليَّ لاَ تسْتنْكِرا لَوْعَة َ الْهوى
شفى النفس ما يلقى بعبدة عينهُ
فأقْصرَ عِرْزَامُ الْفُؤاد وإِنَّما
إِذَا كان ذَوَّاقاًأخُوكَ منَ الْهَوَى
فَخَلّ لَهُ وَجْهَ الْفِرَاق وَلاَ تَكُنْ
أخوك الذي إن ربتهُ قال إنما
إذا كنت في كل الأمور معاتباً
فعش واحدا أو صل أخاك فإنه
إِذَا أنْتَ لَمْ تشْربْ مِراراً علَى الْقذى
وليْلٍ دَجُوجِيٍّ تنامُ بناتُهُ
حميتُ به عيني وعين مطيتي
ومَاءٍ تَرَى ريشَ الْغَطَاط بجَوِّه
قَريبٍ منْ التَّغْرير نَاءٍ عَن الْقُرَى
حليف السرى لا يلتوي بمفازة
أمَقُّ غُرَيْريٌّ كأنَّ قُتُودَهُ
غيور على أصحابه لا يرومهُ
إِذَا مَا رَعَى سَنَّيْن حَاوَلَ مسْحَلاً
أقب نفى أبناءه عن بناته
رَعَى وَرَعيْنَ الرَّطْبَ تسْعينَ لَيْلَة ً
فلما تولى الحر واعتصر الثرى
وَطَارَتْ عَصَافيرُ الشَّقائق وَاكْتَسَى
وصد عن الشول القريع وأقفرت
وَلاَذَ الْمَهَا بالظِلِّ وَاسْتَوْفَضَ السَّفَا
غَدَتْ عَانَة ٌ تَشْكُو بأبْصَارهَا الصَّدَى
وظلَّ علَى علياءَ يَقْسِمُ أمْرهُ
فلمَّا بدا وجْهُ الزِّمَاعِ وَرَاعَهُ
فَبَاتَ وقدْ أخْفى الظَّلاَمُ شُخُوصَها
إذا رقصت في مهمه الليل ضمها
إلى أن أصابت في الغطاط شريعة ً
بها صَخَبُ الْمُسْتوْفِضات علَى الْولَى
فأقبلها عرض السري وعينهُ
أخُو صيغةٍ زُرْقٍ وصفْراءَ سمْحة ٍ
إذا رزمت أنَّت وأنَّ لها الصدى
كأن الغنى آلى يميناً غليظة ً
يؤول إلى أم ابنتين يؤودهُ
فلما تدلى في السري وغره
رمى فأمر السهم يمسح بطنه
ووافق أحجاراً ردعن نضيهُ
يخاف المنايا إن ترحلت صاحبي
فقُلْتُ لهُ: إِنَّ العِراق مُقامُهُ
لعلَّك تسْدْني بسيْرك في الدُّجى
من الْحيِّ قيْسٍ قيْسِ عيْلاَن إِنَّهُمْ
إذا المجحد المحروم ضمت حبالهُ
ويومٍ عبوريٍّ طغا أو طغا به
رفعت به رحلي على متخطرفٍ
وأغبر رقَّاص الشخوص مضلة ً
لألقى بني عيلان إن فعالهم
ألاك الألى شقوا العمى بسيوفهم
إذا ركبوا بالمشرفية والقنا
فأيُّ امْرىء ٍ عاصٍ وأيُّ قبيلة ٍ
رويداً تصاهلُبالعراقِجيادنا