وقعت أحداث غزوة مؤتة في السنة الثامنة للهجرة، وقد سمّيت الغزوة بهذا الاسم؛ نسبةً إلى المنطقة التي حدثت عليها؛ وهي مؤتة، قريةٌ من قرى الشام، وقد حمل راية المسلمين يومئذٍ ثلاثةٌ من أصحاب رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قد ذكرهم النبي بالاسم على التوالي، وهم: زيد بن حارثة، ثمّ جعفر بن أبي طالبٍ، ثمّ عبد الله بن رواحة، وقد استشهدوا ثلاثتهم، فاختار المسلمون لأنفسهم قائداً رابعاً بعد ذلك كان خالد بن الوليد -رضي الله عنه-.
تعدّ غزوة مؤتة مقدّمةٌ لما تلاها من الغزوات والقتال بين الروم والمسلمين، وكانت لها أهميةً عظمى فيما تلاها من قتالٍ دار بين الفريقين، وفيما يأتي تسليط الضوء على بعض الأحداث المهمّة التي حصلت يوم مؤتة:
أقبل خالد -رضي الله عنه- بكلّ قوّته يدفع رجال الرومان حتى كسرت في يده تسعة سيوفٍ، لكنّه كان متأكّداً أنّ المعركة تفتقد لأدنى درجات التكافؤ بين الفريقين؛ فلا فرصة للمسلمين بانتصارٍ حاسمٍ؛ فجهّز خطّةً تقتضي أن ينسحب الجيش انسحاباً يضمن ألّا يلحق به الروم من خلفه، فكانت خطّته بأن يلقي الرعب في قلوب جيش الروم، ويوهمهم بقدوم مددٍ للمسلمين، وفي اللحظة التي يدبّ الرعب فيها في قلوب الرومان؛ ينسحب جيش المسلمين ضامنين عدم لحاق الرومان بهم، فانسحب جيش المسلمين انسحاباً عدّه رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- نصراً أو تهيئةً لنصرٍ قادمٍ؛ فقال حين استقبلهم في المدينة: (ليسوا بالفُرَّارِ، ولكنَّهم الكُرَّارُ إنْ شاء اللهُ تعالى