عهد الإمام تركي بن عبدالله في المملكة العربية السعودية

الكاتب: ولاء الحمود -
عهد الإمام تركي بن عبدالله في المملكة العربية السعودية

عهد الإمام تركي بن عبدالله في المملكة العربية السعودية.

 
يرى عدد من المؤرخين أن الإمام تركي بن عبدالله هو مؤسس الدولة السعودية الثانية؛ نظرًا إلى ما قام به من أعمال يأتي في مقدمتها إخراج القوات الأجنبية، واستعادته لكثير من الأراضي التي كانت تحت حكم الدولة السعودية الأولى  .  وبعد أن اتخذ من الرياض عاصمةً له أخذ يوسع حكمه شيئًا فشيئًا، بدأ بنجد ثم شرق الجزيرة العربية حتى وصل حكمه إلى منطقة البريمي، وكان الناس في منطقة نجد بشكل عام، ومنطقة الرياض بشكل خاص، قد عرفوا عواقب الفوضى والفراغ السياسي، فإن بعض البلدان انضمت إلى الإمام تركي بن عبدالله حتى قبل أن يستولي على الرياض، ثم أخذت الوفود تتوالى عليه مبايعة، ولم يمضِ عامان إلا وقد تم توحيد منطقة نجد، أما بالنسبة إلى منطقة الرياض فقد انضمَّت معظم بلدانها بطريقة سلمية، باستثناء بعض بلدان الخرج؛ فبعد أن استقر الإمام تركي بن عبدالله أشهر عدة في الرياض، خرج على رأس جيش كبير إلى بلدة الدلم ودار بينه وبين أهلها قتال أعقبه حصار شديد، أجبر أهل تلك البلدة على الصلح. ومن هناك بعث فرقة من جيشه إلى بلدة السلمية فتمكنت من إخضاعها، ثم أرسل بعد ذلك إلى أهل بلدة اليمامة يدعوهم للبيعة فبايعوه  
 
تمكن الإمام تركي بن عبدالله من تأسيس دولة مستقرة أخذت تعيد إلى الأذهان أمجاد الدولة السعودية الأولى، وبدأت الرياض تنمو وتزدهر بعد أن أصبحت مركز الثقل السياسي في المنطقة، وقد شجعت تلك التطورات بعض الشخصيات المهمة من آل سعود وآل الشيخ على القدوم إليها للمشاركة في بناء الدولة، ففي سنة 1241هـ / 1825م تمكن مشاري بن عبدالرحمن بن حسن بن مشاري بن سعود من الهروب من مصر، وقدم على خاله الإمام تركي بن عبدالله وعيَّنه أميرًا على منفوحة، كما كلَّفه بقيادة بعض الحملات العسكرية، وبعد سنتين خرج فيصل بن تركي من مصر، وقدم إلى الرياض وأصبح الساعد الأيمن لوالده إذ تولى قيادة الجيش  .  أما آل الشيخ، فكان من أشهر من قدم منهم من مصر الشيخ عبدالرحمن بن حسن بن محمد بن عبدالوهاب  ،  وحل محل جده في إدارة الشؤون الدينية في البلاد.
 
واصل الإمام تركي بن عبدالله بناء الدولة، واستقرت الأوضاع في منطقة الرياض ولم يعكر صفوها إلا ما كان من توجيه بعض الحملات العسكرية إلى بعض القبائل البدوية، وسبب ذلك في معظم الأحوال امتناعهم عن تأدية الزكاة، ففي سنة 1243هـ / 1827م، قام الإمام تركي بن عبدالله بحملة على فئات من قبيلتي هتيم والدواسر في الوشم، وعلى آل حسن من الدواسر وفريق من قحطان في منطقة الخرج، وعلى فريق من العجمان في بنبان، وعلى الملاعبة من مطير في الصمان  
 
كانت العلاقات عدائية بين الدولة الجديدة في الرياض وبني خالد الذين استعادوا الحكم في الأحساء، فهم يخشون توسعها لتشمل مناطق حكمهم مثلما كانت عليه الحال في الدولة السعودية الأولى. ومن جانبه، كان الإمام تركي بن عبدالله يطمح إلى إعادة بناء الدولة وبسط سيطرته على الأحساء، مثلما كانت عليه الحال في السابق، شهد عام 1245هـ / 1829م تزايد النشاط العسكري بين الطرفين، فأرسل الإمام تركي بن عبدالله قائده عمر بن عفيصان في غزوة على أطراف الأحساء، لذا زادت العلاقات تأزمًا، فرد بنو خالد بغزوة على بلدة حرمة  
 
وفي ظل هذه الظروف قدم إلى نجد بعد أشهر عدة، محمد بن عريعر وأخوه ماجد على رأس جيش كبير، وعندما علم تركي بن عبدالله بذلك حشد قواته من كل المناطق التي تحت سيطرته، وأسند قيادة الجيش إلى ابنه فيصل، التقى الجيشان شرق الدهناء في معركة السَبِّية المشهورة، وقد تمكن فيصل من قطع الماء عنهم حيث عسكر بجيشه بينهم وبين مورد الماء في معقلا، دار بين الطرفين قتال عنيف استمر أيامًا عدة، قتل خلالها ماجد بن عريعر، ولكن القتال استمر لبعض الوقت، وعندما علم الإمام تركي بن عبدالله بأخبار المعركة، جاء من الرياض مسرعًا مع عدد قليل من أنصاره إلى ميدان المعركة، وما هي إلا أيام قليلة حتى دب الفشل في صفوف جيش محمد بن عريعر، فانهزم عائدًا إلى الأحساء، واصل الإمام تركي بن عبدالله نجاحه بعد تلك المعركة، فأرسل إلى أهل الأحساء يدعوهم للبيعة فأجابوه إلى ذلك، ثم تقدم واستولى على هذه المنطقة بما فيها واحة القطيف، ومنها بسط حكمه كذلك على واحة البريمي وغيرها من المناطق في عمان  
 
عاد الإمام تركي بن عبدالله إلى عاصمته بعد أن بسط سيطرته على تلك المناطق المهمة في شرق الجزيرة العربية التي أسهمت - إلى حد كبير - في تحسين موارد الدولة، بالإضافة إلى أهميتها الإستراتيجية، استمر حكم الإمام تركي بن عبدالله عشر سنوات، ومع أنه كان مستقرًا، إلا أن الدولة كانت تبعث من وقت إلى آخر حملات تأديبية ضد بعض قبائل البادية، وكان من أبرزها غزو فيصل بن تركي سنة 1247هـ / 1831م لفئات من البادية على ماء طلال في عالية نجد، وكذلك خروج والده في العام نفسه على رأس جيش كبير، نـزل على ماء الرمحية، وكان إظهار القوة بهذا الشكل كافيًا لإقناع كثير من قبائل البادية بالتجاوب مع عمَّال الزكاة  
 
شارك المقالة:
50 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook