عهد الإمام تركي بن عبد الله في منطقة القصيم في المملكة العربية السعودية

الكاتب: ولاء الحمود -
عهد الإمام تركي بن عبد الله في منطقة القصيم في المملكة العربية السعودية

عهد الإمام تركي بن عبد الله في منطقة القصيم في المملكة العربية السعودية.

 
لم يستمر ابن معمر في الإمارة، إذ قام الأمير تركي بن عبد الله بن محمد بن سعود غضبًا مما قام به ابن معمر بحق ابن عمه مشاري بن سعود ورحب به الأهالي فدخل الرياض وتولى الحكم في سنة 1236هـ / 1821م وسجن ابن معمر، ثم هدده بأنه سيقتله هو وابنه إن أصاب مشاري بن سعود أذى، وعندما علم بوفاة مشاري بن سعود وهو مسجون في عنيزة نفذ تهديده وقتل ابن معمر مع ابنه  
 
وفي شهر رجب سنة 1236هـ / 1821م قدم عبد الله بن حمد الجمعي من مصر ونـزل على حسين بك وهو في الرياض، وكان الجمعي هذا قد جعله إبراهيم باشا أميرًا في عنيزة، فلما رحل إبراهيم باشا من نجد أخرجه أهل عنيزة منها واختاروا محمد بن حسن بن حمد الجمل أميرًا عليهم، ثم إن حسين بك ارتحل من الرياض وقصد ثرمداء ومعه محمد الجمل فأمر بقتله بسبب تأثير عبد الله الجمعي فقتل. فلما كان يوم عيد الفطر من السنة نفسها ارتحل حسين بك من ثرمداء وقصد المدينة المنورة، ومنها إلى مصر، وترك في قصر ثرمداء عسكرًا، وفي قصر الرياض عسكرًا رئيسهم أبو علي المغربي، وجعل في عنيزة أميرًا عبد الله بن حمد الجمعي ومعه بعض العسكر  
 
كانت الأوضاع خلال هذه السنوات شديدة على أهل القصيم وغيرهم من أهل نجد في ظل انفلات الأمن وتحكم العساكر المصرية التي لم تكن تهتم برعاية السكان أو حفظ الأمن الذي تخلخل بشكل كبير، خصوصًا برحيل تلك القوات. وفي مثل هذه الحالات يكثر القتل والانتقام والسلب والنهب والتعدي؛ مما يسبب تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية. وقد صور ابن بشر جوانب من ذلك في بلدان نجد وذكر ممن قتل في سنة 1236هـ / 1821م في القصيم عبد الله بن محمد بن عبد الله بن حسين أمير بريدة، ومحمد بن غانم. كما حصلت قلاقل في بلاد أخرى في القصيم  ،  وفي سنة 1237هـ / 1822م قتل سليمان بن عرفج في بريدة، وهو من زعماء آل أبي عليان على يد جماعة من عشيرته، وبعد عدد من الأيام انتقم له محمد بن علي بن عرفج وقتل منهم فهد بن مرشد، ومثل ذلك وقع عدد من حوادث القتل في القصيم وفي غيرها من بلاد نجد  
 
وفي سنة 1237هـ / 1822م قدم حسين بك أبو ظاهر من المدينة   ومعه نحو ثمانمئة فارس من العثمانيين ونـزل الرس، وأظهر التنسك والتدين تقربًا لأهل القصيم الذين توافدوا عليه وأعلنوا الطاعة له، ثم انتقل إلى عنيزة وأميرها يومئذ عبد الله بن حمد الجمعي فقام معه، كما قدم عليه أكثر أمراء نجد، لكنه بعد ذلك تمادى في الظلم والتعسف ولاقى منه أهل القصيم خاصة وأهل نجد عامة العنت والشدة  
 
وفي سنة 1238هـ / 1823م حبس حسين بك أبو ظاهر، عبد الله الجمعي أمير عنيزة وعددًا من زعمائها عقابًا لهم على تلكئهم في دفع الضريبة كاملة. وعندما استمر ظلم حسين بك للأهالي خرجوا عليه وقاتلوه حتى طلب الأمان فأعطوه ذلك بشرط مغادرة بلدهم، فخرج منها وعسكر خارج البلد، ثم لحق به الجيش المتمركز في ثرمداء، ثم رحل الجميع إلى المدينة المنورة. وقد ترك في قصر الصفا المعروف في عنيزة ما يراوح بين خمسمئة وستمئة جندي بقيادة محمد آغا، فقام عليهم أهل عنيزة وحاولوا إخراجهم من دون قتال، لكنهم تعنتوا ورفضوا، فحصل قتال بين الطرفين قتل فيه من المحاصرين نحو سبعين رجلاً، ثم رضوا بالصلح والخروج من قصر الصفا بأمان على أن يتركوا أسلحتهم وأمتعتهم، فتم الاتفاق على ذلك وهدم أهل عنيزة قصر الصفا في شهر رجب سنة 1238هـ / 1823م، وقيل في أوائل سنة 1239هـ / 1823م، فلحقوا بأصحابهم، ولم يبق في نجد من العسكر غير الذين في الرياض ومنفوحة. وهكذا غادر حسين بك القصيم وأوضاعها المتردية تزداد سوءًا  
 
في سنة 1240هـ / 1824م حصل نـزاع بين يحيى السليم الذي تولى إمارة عنيزة بعد قتله عبد الله الجمعي، وبين أهل الخريزة والعقيلية في عنيزة، ثم تطور الأمر إلى حدوث قتال بينهم قتل فيه أربعة رجال من الجانبين وجرح عشرة، فقدم أعيان أهل الرس والخبراء وبريدة برئاسة الشيخ قرناس بن عبد الرحمن القرناس إلى عنيزة وتوسطوا للصلح بينهم. وفي سنة 1240هـ / 1824م قدم يحيى السليم أمير عنيزة على الإمام تركي وهو في حملة عسكرية في شقراء وبايعه على السمع والطاعة  ،  وخلال حملاته هذه وصل الإمام تركي بن عبد الله إلى الشماسية واجتمع معه هناك فيصل الدويش ومعه عدد من برية والجبلان من مطير، وكذلك ابن مضيان من حرب، فقام بحملة على مشعان بن مغيليث بن هذال وقومه من قبائل عنـزة وقُتل من الطرفين عدد من القتلى  
 
ومن جهة أخرى حصلت بعض التغييرات في مناصب الأمراء خلال عهد الإمام تركي بن عبد الله. ففي سنة 1243هـ / 1827م أرسل الإمام تركي إلى أعيان القصيم وأمراء بلدانه وطلب منهم القدوم إليه في الرياض، حيث بايعوه على السمع والطاعة. ويبدو أن سبب استدعائه لهم هو ما توقعه من حدوث مشكلات في بريدة؛ بسبب عزله محمد بن علي بن عرفج عن إمارة بريدة، وتعيين عبد العزيز بن محمد آل أبي عليان مكانه. وعندما بلغه من محمد بن عرفج ما يريبه، وخاف على عبد العزيز بن محمد آل أبي عليان منه أرسل إليه وأبقاه عنده في الرياض حتى قويت شوكة عبد العزيز فأذن لمحمد بن علي بالعودة إلى بلاده  
 
ولم تكن عنيزة أحسن حالاً من بريدة، بل حصلت فيها تغييرات في أمرائها خلال فترات قصيرة. ففي تاريخ لم تحدده المصادر عزل الإمام تركي يحيى السليم عن إمارة عنيزة وعين مكانه خيرالله مولى الإمام سعود بن عبد العزيز، ثم عين بعده محمد بن ناهض، ثم صالح المحمد القاضي، دون أن تذكر تلك المصادر الأسباب لهذه التعيينات، لكن يحيى السليم عاد إلى إمارة عنيزة بعد مقتل الإمام تركي. كما شملت التغييرات مناصب بيت المال في عنيزة وإمام الجامع وخطيبه  
 
وهكذا استمرت الحال في منطقة القصيم ولم تحدث فيها تطورات تاريخية أو حملات عسكرية خلال الفترة المتبقية من حكم الإمام تركي بن عبد الله. وعلى الرغم من ذلك ظلت منطقة القصيم في دائرة الأحداث، كما حصلت فيها نـزاعات فردية بين أمراء بعض البلدان، مثل: بريدة وعنيزة. أما على مستوى علاقتها مع الدولة فقد روى ابن بشر أن الإمام تركي بن عبد الله قام في سنة 1248هـ / 1832م بحملة نحو المنطقة الشرقية، وعند عودته منها نـزل وثيلان وخطب في جيشه وفيهم مجموعة من أمراء البلدان منهم أمير بريدة وأغلظ الكلام عليهم وهددهم وتوعدهم على ظلم الرعية، وخلص في خطبته إلى مخاطبة رعيته بقوله: "أيما أمير ظلمكم فأخبروني". فقام أمير بريدة عبد العزيز آل أبو عليان فقال: "يا إمام المسلمين، خص بقولك ولا تعم به، فإن كنت نقمت على أحد منا فأخبره بفعله، فقال: إنما القول فيك وأمثالك تحسبون أنكم ملكتم البلدان بسيوفكم، وإنما أخذها لك وذللها سيف الإسلام والاجتماع على إمام"  
 
انتهى عهد الإمام تركي نهاية مفجعة وذلك في يوم الجمعة آخر ذي الحجة سنة 1249هـ / 1833م بقتله على يد ابن أخته، مشاري بن عبد الرحمن بن حسن بن مشاري بن سعود الذي تولى الحكم لفترة أربعين يومًا حتى عاد الأمير فيصل بن تركي من حملة كان يقوم بها إلى شرق البلاد وحاصر مشاري بن عبد الرحمن وقتله وتولى الإمام فيصل حكم الدولة السعودية الثانية  
 
وقبل توديع عهد الإمام تركي بن عبد الله وعلاقته بمنطقة القصيم يحسن التنويه عن الرجال القائمين على السلطات التنفيذية والتشريعية في هذه المنطقة. فقد ذكر ابن بشر أمراء البلدان في عهده، وهم القائمون على السلطات التنفيذية حيث ذكر منهم ما يخص منطقة القصيم، ومنهم: أمير عنيزة يحيى السليم، ثم عزله وجعل مكانه محمد بن ناهض رئيس قصر بسام، كما كان أمير بريدة في عهده عبد العزيز آل أبي عليان، وكان في الوقت نفسه أميرًا على باقي بلدان القصيم. أما السلطة التشريعية فالمقصود بها القضاة في عهده، وقد ذكر ابن بشر منهم في منطقة القصيم الشيخ قرناس من أهل الرس  
 
شارك المقالة:
46 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook